ضرائب تخدم المهربين

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/06 الساعة 00:30
د. فهد الفانك

في جميع بلدان العالم دون استثناء ، يخضع الدخان والمشروبات الروحية (الكحول) لضرائب عالية ، وكلما احتاجت الحكومة إلى المزيد من الإيرادات تأتي الكحول والسجاير على البال كهدف لرفع الرسوم والضرائب.

فارض الضريبة يدّعي في جميع الأحوال أن الهدف من رفع الضريبة على السجاير والكحول ليس مجرد الجباية ، بل أيضاً تقليل استهلاك هذه المواد الضارة صحياً.

أما أن ارتفاع سعر أي سلعة يقلل من استهلاكها ، فهذه حقيقة اقتصادية لا يماري فيها أحد ، ولكن لأمر ما فإن ارتفاع الضريبة على السجاير والكحول لم يقلل في حالتنا من استهلاك هذه المواد ، لأن عمليات التهريب تدخل إلى الصورة وتصبح أكثر ربحية وأشد جاذبية.

نغامر بالقول أن ما لا يقل عن ثلث السجاير وثلثي المشروبات الروحية التي يتم استهلاكها في الأردن لم يخضع للضريبة ، وبالتالي فإن الرسوم العالية لم تحقق الغرض المالي ولا الغرض الصحي.

منظمة الصحة العالمية أوصت برفع الضرائب على الدخان بحيث تشكل الضريبة 70% من سعر البيع للمستهلك أي أن الضريبة يجب أن تصل إلى 233% من الكلفة الصناعية ، فالقاعدة أن الضريبة لكي تكون مؤثرة يجب أن تكون ثقيلة جداً.

إذا اعتبرنا هذه التوصية الدولية جديرة بالتطبيق ، فربما يكون من المفيد أن نحسب ما إذا كانت الضريبة على السجاير في الأردن عالية أم متدنية بهذا المقياس العالمي.

ما ينطبق على السجاير ينطبق إلى حد بعيد على المشروبات الكحولية ، ذلك أن السفارات معفاة من الرسوم والضرائب ، وهي تستورد نسبة كبيرة مما يستهلك في الأردن من الكحول ، وذلك لاستعمالاتها أو لأصدقائها.

المهربون المحترفون يقومون بمهمة توزيع كروزات السجاير بأسعار تسمح للمستهلك بتوفير نصف الضريبة ، ليحتفظ المهرب لنفسه بالنصف الآخر مما يدخل في باب السوق السوداء أو الموازية.

الأسواق الحرة في المطارات وعلى الحدود تقوم بالمهمة فيما يتعلق باستيراد وبيع الكحول بطريقة يتم من خلالها اقتسام الضريبة مناصفة بين البائع والمشتري!.

ليس غريباً والحالة هذه أن المهربين هم أسعد الناس بفرض المزيد من الضرائب على السجاير والكحول ، لأن ذلك يعني رواجاً لبضائعهم وأرباحاً مضاعفة لجيوبهم.

شركة السوق الحرة في مطار عمان مثلاً تحقق أرباحاً تعادل أضعاف رأسمالها كل سنة ، تتم في الواقع على حساب الخزينة ، مما يجعل العملية بأكملها قريبة من حدود الفساد المالي بالقانون. الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/06 الساعة 00:30