السناني: 70% من الممثلين لا يفقهون في الفن

مدار الساعة ـ نشر في 2016/11/12 الساعة 17:41

الساعة - عبدالإله السناني، نجم استوعب الفنون في بدايات مبكرة من حياته، له فلسفته الخاصة تجاه الأشياء، حواسه الخمس معلقة بين الدراما والمسرح والسينما، يرى أن الموهبة التي لا تقترن بالعلم أقرب إلى الزوال، ويخشى على الفن من المهووسين بالشهرة. علق في حواره مع "العربية نت" الجرس، وحذر من "التنكيت" و"الاستخفاف بالناس".

• حدثنا عن مشاركتك في مسلسل "العاصوف"

"العاصوف" سيكون علامة فارقة ليس في تاريخ الدراما السعودية فحسب بل على مستوى الدراما الخليجية، من كافة الجوانب فكرة ومضموناً وهو الأضخم في تاريخ الدراما في المنطقة، ومن المقرر أن يكون العمل في (4) أجزاء، ثم ينتقل البعض من طاقم العمل لتصوير "سيلفي"، على أن يعود لاستكمال أجزاء "العاصوف" وهكذا.

• لم تتحدث عن دورك في العمل؟

أخبرتك بأن العمل علامة فارقة، ويقدم تفاصيل مهمة وتاريخية عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الرياض في فترة تاريخية معينة، وسيشاهد الناس معالم الرياض في تلك الفترة، ولست بصدد الحديث عن تفاصيل أدق في العمل، ولكن ثق أننا أمام تجربة فنية عميقة، يتم التحضير لها منذ أكثر من 4 أعوام، وهذا العمل التوثيقي الدرامي مليء بالتفاصيل الإنسانية، ويقدم للأجيال صوراً مهمة تنقلهم إلى فترة لم يعايشوها، العمل سيضع بصمة لا تنسى في ذاكرة الجيل، وباختصار ما أقوله لكم قد لا يفي "العاصوف" حقه، وكم تمنينا أن يكون الكاتب الدكتور عبدالرحمن الوابلي رحمه الله بيننا اليوم ولكن عزاؤنا أنه قدم للدراما هذا العمل الذي سيعيش طويلاً، كما لا أنسى الإشادة بالمخرج مثنى صبح الذي وفقت الشركة المنتجة في استقطابه لأنه مخرج متمكن من أدواته.

• ما هو وجه الشبه بين "العاصوف" و"حارة الشيخ"؟

لا، هناك فرق وفرق شاسع، فـ"حارة الشيخ" مسلسل فنتازيا في أحداثه وشخوصه ويدور في فضاءات وسياقات أحياناً تكون غير دقيقة، ولكن "العاصوف" يبتعد عنه كثيراً في الملامح والتفاصيل ولا يشبه "حارة الشيخ" بأي حال من الأحوال.

• ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتكم في "العاصوف"؟

الصعوبات دائما ما تكون ظروف وقتية يمر بها في بعض الأحيان أي مسلسل، ونحن في "العاصوف" أصعب ما واجهناه هو غياب كاتب العمل الدكتور الوابلي، الذي عاصر تلك الفترة التي كتبها وأنا كفنان أريد أن أعيش تلك المرحلة بأدق تفاصيلها فأعود إلى كاتب المسلسل لأسأله عن بعض الأشياء التي لم نعاصرها نحن كفنانين من الأساس، ولاحظ هذا نوع من الحرص على الدقة والشعور بالمسؤولية، لو أتيح لي أن تمتلئ رئتاي بهواء الرياض في الستينات لفعلت، ونحن سبق أن قدمنا تجارب جيدة مثل "أساطير شعبية" و"القصر" و"عيال قرية" ولكن "العاصوف" تجاوز كل ذلك.

• هل بدأت الدراما السعودية تنتفض ضد الكوميديا التي سيطرت عليها لسنوات؟

مشكلة الدراما مع الكوميديا مركبة، أولها أن بعض الممثلين يظنون أنه واجب عليهم إضحاك الناس كي يصبحوا فنانين، وبعض الكتاب والمنتجين يقحمون أنفسهم في هذا الخط الصعب وهم لا يمتلكون أدواته، وبعض ممن يعملون في المجال يظن بأن الكوميديا هي أن ترمي "ذبّة مضحكة" على الآخرين وتصير أحسن واحد، حتى المجتمع الآن من ينكّت في المجالس يقولون له لماذا لا تصبح ممثلاً؟ ظناً منهم أن هذه هي الكوميديا وهم فاهمون خطأ، واستسهال تقديم هذا النوع من الأعمال التي في أغلبها تستخف بالمشاهد مع غياب المحاسبة من القنوات ساهم في وجود حالة هوس إنتاجي باعتبارها أسهل الطرق للوصول إلى الشاشة وبالتالي إلى المشاهد.

• ألم تقعوا في "سيلفي" بفخ الابتذال مثل غيركم؟

في "سيلفي" قدمنا عملاً جريئاً وصل صداه عالمياً، ولو لم نكن مؤثرين لما وصلتنا تلك التهديدات، نحن صورنا في مناطق لم يجرؤ أحد الوصول إليها وتطرقنا إلى قضايا منها الإرهاب وطرقنا جوانب لم تصل إليها الصحافة أو الإعلام وسبقنا الجميع في طرحها.

• سبق أن شاركت في عمل "دعاة على أبواب جهنم" يناقش ذات القضية.. ما الجديد؟

صحيح، ولكن هذا الفكر يرتدي أقنعة جديدة ويغير من أدوات جريمته في كل فترة، ولا بد أن تواكبه الدراما بنفس قوته وفي "دعاة على أبواب جهنم" شاركنا نخبة من النجوم العرب مثل سلوم حداد وعابد فهد في التطرق لقضايا محورية مثل "الجهاد الأفغاني" والفكر المأزوم الذي يحث على العمليات الانتحارية وإزهاق الأرواح، وكذلك في مسلسل "أبيض وأسود" مع السدحان والقصبي، وفي "سيلفي" كانت ردود الأفعال كبيرة والرسالة وصلت بشكل أقوى وأكثر تأثيراً.

• أنت دائم الهجوم على الممثلين في الدراما السعودية دون أن تبدي أسباباً واضحة لذلك؟

ما زلت عند رأيي بأن 70% من الممثلين ليس لهم علاقة بالفن، وغير مؤهلين ولم يتلقوا تأسيساً جيداً في بداياتهم، نحن الآن نعاني من موجة عبث أبطالها فنانون ومنتجون جهلة ليس لديهم وعي بماهية الدراما، هناك من يقدم أعمالاً سخيفة منذ 10 أعوام لديه كاركتر واحد "يطامر" فيه من قناة إلى أخرى يقدم إسفاف دون أن يوقفه أحد ويظن أن ما يقدمه له علاقة بالفن، هناك آخر منذ 5 أعوام وهو يقدم شخصية "الدرباوية" الذين نسبتهم في المجتمع لا تتجاوز 5% إذا بالغنا في الرقم دون أن يقول له أحد خلاص يكفي عبث، يا رجل الإعلام والمجتمع يحصر الدراما في شخصية الممثل فقط، رغم أن في الفن 14 قسماً، بداية من الديكور مروراً بالإضاءة والإنتاج والصوت والموسيقى التصويرية والماكيير وغيرها من الأقسام، واختزالنا للعمل الفني في شخص واحد دليل على عدم فهمنا للفن.

• حسنا.. لا توضح أسماء هؤلاء العابثين؟

لست بصدد ذكر أسماء بعينها، وليس قضيتي ذلك، ولكن أعطني ممثلاً واحداً قال لك في يوم من الأيام أنا ذهبت لأخذ دورة أو "كورس" لمدة معينة من أجل تطوير أدائي الفني، أتحدى ذلك، أعطني ممثلاً قال لك قرأت مسرح شكسبير أو سعدالله ونوس أو شعر بودلير وروايات ديكنز وديستوفيسكي وغيرهم، هذا إذا كان يعرفون ماذا أقصد، نحن جيلنا أنا وعبدالله السدحان وناصر القصبي تخرجنا من مسرح جامعة الملك سعود هذا المسرح العظيم الذي تعلمنا فيه دروس في الإلقاء وحفظنا فيه مسرحيات عظيمة، تعلمنا وتطورت موهبتنا، وعندما خرجنا إلى التلفزيون أخذنا تصنيف ممثل درجة أولى، الدراما السعودية لديها جيل قدير من الرواد وجيل ذهبي تخرج من المسرح الجامعي هو من يقود المشهد الحالي، وليس أولئك "الشلة" التي لا تفقه في الدراما شيئاً ويجتمع أفرادها بالتلفون "وينك يافلان عندنا مسلسل لك دور بطولة؟ الحين جايكم".

هناك مواهب شابة يأتونني في بعض الأحيان يطلبون مني المشاركة في مسلسل درامي أول شيء أطلبه منهم أقول لهم روحوا ادرسوا وتعلموا وجيبوا ورقة وقلم واكتبوا لي تفاصيل عمل أو مسرحية شاهدتموها، اكتبوا بوجدانكم وإحساسكم غير كذا لا تفكروا إني أساعدكم.

• ألا تعتقد أن رأيك فيه بعض الإجحاف لا سيما وأنه لا يوجد لدينا من الأساس معاهد أو أكاديميات فنية، والنجوم الذين ترمز إليهم كافحوا أيضاً؟

في وقتنا الحالي لا يوجد أحد لديه عذر، ياخي سافر وتعلم عندك دول الخليج والدول العربية فيها معاهد ودورات، أنا بعد 25 عاماً من التمثيل ما زلت أتعلم وأستقدم مدربين كفاءات وأتلقى دورات.. أين المشكلة؟ أو ليس ما أقوم به شيء مهني واحترافي؟ لم الآخرين لا يقومون بذلك على "راسهم ريشة" أم أنهم يشعرون ببلوغهم مرحلة الكمال الفني، التدريب يساعدك على عيش الشخصية.

• هناك من صار نجماً دون الحاجة إلى تدريب أو دورات.. لما تعقد الأمور؟

هذا ليس تعقيداً، هناك في هوليوود كبار النجوم يتدربون، ولا يغرك من أسميتهم بالنجوم هناك من يعيشون في الظل يفوقون الموجودين بمراحل ولديهم ثقافة فنية واطلاع عال، دعني أخبرك أنه في مجال السينما فوجئت بكوادر عالية المستوى ومحترفة في "جامعة عفت" بجدة، وليسوا مهووسين بالأضواء والشهرة إنما يحبون عملهم بعيداً عن أي اعتبارات وهم كفاءات بكل ما تحمله الكلمة، فليس كل ما يلمع ذهباً.

• تلمّح في حديثك إلى وجود حلقة مفقودة وهي غياب المؤسسة التي تهتم بالفن وشؤونه ..أليس كذلك؟

صحيح العبث الفني الذي يحصل لدينا بسبب غياب المؤسسة الثقافية عن المشهد مثلما أسلفت وجود 70% من الممثلين ليس لهم علاقة بالفن، وأغلبهم فقط متذوقين إضافة إلى وجود منتجي المقاولات أحدهم شايل شنطة وكل يوم رايح ينافس ناس في ديرتهم، هذا العبث سيزول قريباً بعد إنشاء المجمع الملكي للفنون الذي سيرتب الأوضاع في الوسط من جديد، وسيصبح هناك مثل التصريح لمزاولة المهنة، وحد أدنى للشهادة يعني أصحاب شهادة الابتدائية والكفاءة سيواجهون مشكلة عدم وجود المؤهل أو اللغة، وإذا كنت هاوياً للفن روح ادرس واقرن هوايتك بالعلم وأحضر ما يثبت ذلك، أما شغل وينك؟ أنا بالاستراحة؟ تعال معي لك دور بطولة ما ينفع أبداً.

• أين الكوادر التي ستقود العمل في هذا المجمع إذا كان من الأساس الفن لم يحظ بالاعتراف الكامل في المجتمع؟

أيوة .. أيوة.. هذا تكلمنا عنه لا بد من الاعتراف الشمولي بالفنون أولاً دون استثناء نريد أن تكون هناك وظيفة ممثل وفني ديكور وصوت وبقية الكوادر، ومن ثم استقطاب شبابنا وإرسالهم للتعلم حتى لا ننطلق انطلاقة عرجاء لأن مرحلة التأسيس هي أصعب المراحل، لا بد أن يتقلد المناصب أناس مؤهلون علمياً وعلى قدر عال من الكفاءة والموهبة والاتقان، وليس عيباً أن نستقطب كفاءات كبيرة من الخارج أسوة بالجامعات وأكبر المستشفيات، العيب أن لا نبدأ بصورة صحيحة تتوازى مع حرص المسؤولين الذين يريدون منه أن يكون منارة ثقافية ومظلة لجميع الفنون.

• لماذا لم تفتح مؤسسة إنتاج أسوة بغيرك من الفنانين؟

ليش أنتج؟ تبغاني أضحك على الناس مثل غيري، اليوم نحن ابتلينا أن كل فنان أصبح لديه مؤسسة إنتاج ويعبث على طريقته.

• هم يبحثون عن المال وهذا حق مشروع لهم طالما لم يتجاوزوا القوانين؟

ياخي ابحث عن المال بسلامتك ما حد قال لك لا، لكن ليس على حساب استغفال الناس بإنتاج أعمال ركيكة، اليوم المتلقي أصبح أكثر وعياً، ومن الصعب تضحك عليه، كلنا نبحث عن المال ما فيها شيء ولكن أيضاً نبحث عن احترام الناس لما نقدم، اليوم تصلني أعمال كثيرة للمشاركة وأرفض لأن النصوص سيئة، ما عندي مشكلة أتوارى عن الأنظار وأحافظ على مكتسباتي ولا أظهر بشكل سخيف من أجل "الفلوس" هناك أشياء لا يجلبها المال أهمها احترام الناس.

• ماهو العمل الذي تتمنى تقديمه في يوم ما؟

أتمنى أن أقدم عملاً لجنودنا البواسل يحكي عن تضحيات جنود الوطن ورجال أمنه في سبيل الدفاع عن حياضه. الوطن مفردة عظيمة تستحق من الدراما توظيفها في سياقات الحب والتضحية والانتماء وإنسان هذا البلد المملكة العربية السعودية محب لدينه غيور على وطنه ولاؤه للقيادة والتاريخ والحاضر سطر أمجاده.

• بعيداً عن الشاشة .. أنت متهم من طلابك بأنك متجهم وتعاملهم معاملة جافة؟

أنا أنتمي إلى مؤسسة تعليمية عظيمة وهي جامعة الملك سعود أحد أكبر الصروح العلمية في المنطقة، وواجبي أمام طلابي هو التعليم وليس "التميلح"، لذا من احترامي للجهة التي أعمل بها لا بد أن أؤدي دوري الأكاديمي والصرامة ليست عيباً.

• ألا تطغى في أحيان شخصية عبدالإله السناني الفنان على شخصية الأكاديمي؟

لا ليست بهذه الصورة بل الفن جعلني أكسر الكلاسيكية في إيصال المعلومة، وأتفهم شخصيات الطلاب وأستوعب ما يريدون وكذلك أتجنب التلقين، فالتعليم مهنة عظيمة لا تستوجب التعقيد.

مدار الساعة ـ نشر في 2016/11/12 الساعة 17:41