السلام وكوريا الجنوبية، يولد الأمل من رحم الألم

مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/19 الساعة 22:05
"عالم خال من الحروب ينطبق على كل شخص في العالم، ان تفاني كل فرد باعتباره رسولاً للسلام سيجعل من العالم سلمياً"، بهذه الكلمات خاطب السيد مان هي لي رئيس منظمة (HWPL) الثقافة السماوية والسلام العالمي أكثر من 1100 مشارك من 120 دولة، خلال مؤتمر قمة السلام الذي عقد في كوريا الجنوبية من 19-17 من هذا الشهر، في الاحتفال السنوي الثالث لـ (WARP) التحالف العالمي لسلام الأديان تحت عنوان " اقامة حوكمة تعاونية بين الحكومات والمجتمع المدني لبناء السلام" والمتضمنة بشكل أساسي (DPCW) تطبيق اعلان السلام ووقف الحرب. في الوقت الذي تختبر فيه كوريا الشمالية أسلحة نووية مدمرة؛ فإن اختها الجنوبية، تسعى وبقوة لنشر ثقافة السلام، وتمكينه بين الأمم؛ ليؤدي دوره ببراعة، في بناء نموذج انساني متسامح، يؤمن بلغة الحوار، وقبول الآخر؛ باعتباره شريكاً في الرابطة الإنسانية والإقامة الجغرافية على هذا الكوكب الواسع. فكل المحاولات الماكرة، والخبيثة، والتي تخرج عن النهج الإلهي-الذي رسم للإنسان دوره في عمارة الأرض-وتسعى للفتك بالإنسانية وما صاحبها، يقابلها طوفان بشري موج من بعد موج، وقد تسلح بالإيمان، والحُجة، والإصرار في التصدي لتلك المحاولات التي تحاول العبث بهذا الكون، باعتباره ملكاً جماعياً. عانت شبه الجزيرة الكورية ألون احتلالات عديدة على مر العصور، ولعل الحديث منها والذي تم سوفياتياً وأمريكياً، بعد الحرب العالمية الثانية، كان المسؤول الأكبر عن إحداث شرخ كبير بين مكونات الشعب الكوري الواحد، وأنتج للأسف وبرعاية اممية نظامين مختلفين لقومية واحدة، شمالاً شيوعياً وجنوباً ديمقراطياً، ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد فقط؛ بل اخذت منحىً مسلحاً عندما قامت ما يعرف كورياً بـ 6/25 الحرب الاهلية الكورية خلال الأعوام 1950-1953. أحد الكوريين الجنوبيين الذين شاركوا في هذه الحرب هو السيد مان هي لي، والذي عاين نزعة الإلغاء، والحقد لدى الكثيرين، والتي أهملت التاريخ والمصير الكوري واستهدفت الانسان والقيم والطبيعة. كل ذلك وأكثر، شكل حافزاً قوياً لدى السيد لي ليبدأ مشواره الطويل منفردا، منذ زمن بعيد؛ مؤمناً بفاعلية وإيجابية القوى الكامنة بداخل الانسان، مكرساً حياته؛ ووقته، وماله؛ لنشر السلام ووقف الحرب لضمان مستقبل واعد ووادع لجيل الشباب. الآن وبانضمام عموم ونخب المجتمعات إلى جانب السيد لي اكتسب العمل على نشر ثقافة السلام تأثيراً وانتشاراً كبيرين؛ من خلال مبادرات متنوعة تستهدف كل المكونات الأيديولوجية والدينية والجغرافية لعموم البشر. فإذا كان مفهوم شهر أيلول مناخياً، يعرف بمنتصف فصل والذي يفصل بين الحر والبرد، فإنه سياسياً يعني التكاتف العالمي من اجل السلام، والفصل بين كوارث الحروب وفضاءات السلام، لذلك فلا عجب ان يصادف 9/21 اليوم العالمي للسلام و26 من الشهر ذاته اليوم العالمي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية، وهو ذات الشهر الذي صادف 15 منه اليوم العالمي للديمقراطية، وهو اليوم نفسه الذي شهد ولادة السيد لي في العام 1931. أمام كل هذا وغيره، وبالاستناد إلى الصراع الازلي بين الخير والشر، نطرح السؤال التالي: -من سينتصر بالنهاية صنّاع السلاح أم صنّاع السلام؟ لعل الإجابة تتوقف علينا نحن بما نملكه من وعي انساني ومشاركة فاعلة. Adel.hawatmeh@gju.edu.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/19 الساعة 22:05