نيويورك تايمز: لهذه الأسباب الخفية سمحت أمريكا لقافلة «داعش» بالمرور داخل سوريا دون القضاء عليها

مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/16 الساعة 15:57
مدار الساعة - أثار سماح القوات الأميركة بالمرور لقافلة عدوها اللدود في سوريا والعراق، وهو تنظيم "داعش"، الأسبوع الماضي تساؤلاً مشروعاً وهو لماذا تركت الولايات المتحدة قافلة من مقاتلي داعش أحراراً؟. وللإجابة على هذا التساؤل، اعتبرت صحيفة "نيويورك" تايمز الأميركية السبت 16 سبتمبر/أيلول 2017، أن الولايات المتحدة حققت مكاسب عديدة أكبر من تدمير قافلة التنظيم الجهادي، ومنها القضاء على أكثر من 20 قيادياً في التنظيم وكذلك تدمير مخازن أسلحة وتحقيق مكاسب سياسية مع الروس. وبحسب الصحيفة الأميركية كانت قاذفات الجيش الأميركي تمنع أفراد التنظيم حتى من قضاء حاجتهم بعيداً عن القافلة التي كانت تحمل 300 مقاتل تابعين للتنظيم الجهادي، وإلا أطلقت عليه النار، وكانوا عالقين حيث هُم لأيّام، تمنعهم القاذفات الأميركية من التقدّم، ويحول وجود نساءٍ وأطفال معهم دون تعرّضهم للقصف. ووفقاً لتقدير الجيش الأميركي، فإنَّ عشرين مقاتلاً تابعاً لداعش من القافلة قُتِلوا بالطريقة نفسها. وكانت تلك الحصيلة جزءاً من جوائز الترضية التي زعم الأميركيون تحقيقها بعد إنهاء الحصار الذي استمر لأسبوعين هذا الأسبوع، ناكثين بذلك تعهُّداً بعدم السماح بمرور المتشددين أبداً، ومانحين نصراً تكتيكياً لداعش. يقول المسؤولون الأميركيون إنَّ قرار الانسحاب جاء نتيجة مُفاضلة بين أولويّاتٍ متضاربة، ويُعبِّر كذلك عن طبيعة ساحة المعركة في سوريا؛ فهي رقعة شطرنج ثلاثية الأبعاد بها العديد من اللاعبين، حيث تتبدّل الاستراتيجيات باستمرار، ويجري اقتناص الفُرص أو تفويتها في لحظات. كان الأميركيون حانقين بشأن القافلة منذ البداية. إذ أبرم داعش صفقةً مع النظام السوري وحلفائه من ميليشيات حزب الله، تسمح للمقاتلين وعائلاتهم بالمرور الآمن خارج سوريا عبر الحدود اللبنانية في الغرب ووصولاً إلى مناطق خاضعة لسيطرة داعش شرق سوريا والعراق، بحسب نيويورك تايمز. وخلال أيام، دكّ القصف الأميركي الطريق السريع الممتدّ أمام القافلة، ما أدّى لإيقاف تقدّمها. وتعهَّد المسؤولون الأميركيون بعدم السماح للقافلة بالمرور، وأيضاً بعدم عودة المقاتلين إلى ساحة المعركة. وقال بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي ضد داعش: "سيعمل التحالف على ضمان ألّا يتمكّن هؤلاء الإرهابيون من دخول العراق أو الهرب تاركين بقايا خلافتهم المُندثرة أبداً". الخط الأحمر الأميركي وبحسب الصحيفة الأميركية "الخط الأحمر" الذي رسمه الأميركيون على الرمال مسحه اتصّالٌ هاتفيّ يوم الجمعة، 8 سبتمبر/أيلول، من مقر الجيش الروسي في سوريا إلى مقر الجيش الأميركي في بغداد. إذ طلبت روسيا من الولايات المتحدة أن تسحب طائرات الاستطلاع الجوي المحلِّقة فوق القافلة، وهي خطوة يعلم كلا الطرفين أنَّها ستسمح للقافلة بمباشرة رحلتها. كان هذا الطلب جزءاً ممّا يسميه العسكريون بـ"تهدئة النزاع"، وهي عملية لضمان ألّا تهاجم القوّات الروسية المدعومة من قبل روسيا وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل أميركا بعضها البعض بغير قصدٍ بينما يحاولون جميعاً محاربة داعش. وكان ذلك التواصل مع الروس مهماً منذ أن ضيَّقت القوات المدعومة من روسيا ومثيلاتها المدعومة من الولايات المتحدة الخناق على مدينة دير الزور، الواقعة على ضفة نهر الفرات، على نحوٍ منفصل، فيما شنَّ كلا الجانبين عدة ضربات جوية في المنطقة. وتوقّفت قافلة داعش قرب بلدة السخنة، التي تقع داخل الجانب الروسي من خط "تهدئة النزاع"، في منطقةٍ مخصصة لتحليق الطائرات الحربية الروسية بموجب اتفاقٍ أميركي-روسي قائم منذ فترة طويلة. وقال جوسلين: "هكذا تسير عملية تهدئة النزاع؛ فهناك مناطق معينة يمتلك فيها الروس السطوة على ما يحدث، وتلك إحداها". ولم تُرِد الولايات المتحدة تقويض عمليةٍ ستكون بحاجةٍ للاعتماد عليها لاحقاً. وقد وافق الأميركيون على الطلب، وتسللت القافلة عائدةً للمنطقة الخاضعة لسيطرة داعش ليلة الأربعاء، 13 سبتمبر/أيلول، ووصلت إلى بلدة الميادين بعد 17 يوماً من بدء مسيرتهم قادمين من الحدود اللبنانية، بحسب نيويورك تايمز. وفي يوم الخميس، 14 سبتمبر/أيلول، توغَّلت القافلة جنوباً حتى وصلت بلدة البو كمال على الحدود العراقية، وبحلول يوم الجمعة، 15 سبتمبر/أيلول، ووفقاً لنشطاء معارضين للنظام السوريّ ومسؤولين عراقيين في المنطقة الحدودية، عبرت أجزاء من القافلة الحدود وصولاً لمدينة القائم بمحافظة الأنبار غربيّ البلاد، وهي أيضاً منطقة خاضعة لسيطرة داعش، ما أثار بدوره غضب المسؤولين العراقيين. وبحلول الوقت الذي تقدَّمت فيه روسيا بطلبها، كان الحصار المفروض على القافلة قد بدأ يحصد عوائد متناقصة للولايات المتحدة. وقال المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، الكولونيل ريان ديلون، إنَّهم كانوا بالفعل قد قتلوا عدداً كبيراً من مقاتلي داعش، إذ تحوَّلت الحافلات التي تقطَّعت بها السُبُل إلى حلبة إطلاق نار "على نحوٍ غير متوقع". فقال إنَّه مع إرسال داعش مُنقذين عبر الطريق السريع الوحيد الذي سارت به القافلة مراراً، تصيَّدتهم المقاتلات والطائرات دون طيار الأميركية المسلحة "دون عناءٍ يُذكر". وجعلت تقنية الرؤية الليلية حتّى استراحات دخول الحمّام بمنتصف الليل خَطرة على المقاتلين. وفي المجمل، قال الكولونيل ديلون إنَّ القصف الأميركي قد دمَّر 40 مركبة إنقاذ وقتل 85 مقاتلاً، بعضهم من القافلة، وآخرين من المُنقذين المُفترضين. الدعاية السيئة وبحسب نيويورك تايمز مع امتداد الحصار من أيّامٍ حتى وصل لأسابيع، كان الجيش الأميركي يشعر بالقلق أيضاً من الدعاية السيئة إثر الموقف الحرج للمدنيين المحاصرين في الحافلات. ومع أنَّه كان يجري إيصال الماء والطعام للقافلة، إلّا أنَّ درجات الحرارة كانت مرتفعة في الصحراء وقبل انتهاء الأزمة، بحسب ما قاله مسؤول بارز لدى حزب الله في سوريا، وُلِد ثلاثة أطفال لنساءٍ على متن الحافلات. وقال الكولونيل ديلون إنَّ هذا لم يكن السبب الرئيسي للانسحاب، وإن كان أحد عوامله. وفي أثناء المواجهة، أعاق وجود عددٍ كبير من المدنيين عمليات الأميركيين، ويصل عدد هؤلاء إلى 300 شخص وفقاً لحزب الله. وإذا كان متشددو داعش قد انتووا منذ البداية استخدامهم كدروعٍ بشرية، فإنَّ تلك الاستراتيجية قد أثبتت نجاعتها. وكان حزب الله والنظام السوري أيضاً مهتمين بمرور القافلة. فبالنسبة لسوريا، التي عتّم إعلامها الحكومي على أنباء القافلة، كان من المحرج مشاهدة قافلة عالقة بمنتصف البلاد، كما أفادت تعليقات العديد من السوريين - حتى الموالين للنظام - على الشبكات الاجتماعية. وقد أراد حلفاء النظام السوري في حزب الله، وداعميهم الإيرانيين، من داعش إطلاق سراح بعض السجناء وتسليم جثث مقاتليهم. وقال المسؤول البارز بحزب الله إنَّه نتيجةً لذلك، ضغطت إيران ونظام الأسد على روسيا لإنهاء الأمر مع الأميركيين، بحسب نيويورك تايمز. لكن عند وصول القافلة إلى وسط وادي نهر الفرات، لحقتهم المعركة إلى هناك. إذ قال الجيش إنَّ القصف الأميركي قتل قائدين بارزين لدى داعش في بلدة الميادين الأسبوع الماضي. وقال الكولونيل ديلون يوم الخميس إنَّ الضربات الجوية قتلت قادة بارزين في صفوف داعش ودمَّرت مخابئ للأسلحة وأهدافاً عسكرية أخرى في الميادين والبو كمال. وفي مدينة القائم الواقعة على الجانب العراقي من الحدود، قال سكانٌ جرى التواصل معهم عبر الهاتف إنَّ مقاتلي داعش بدأوا بالدخول إلى البلدة، محتلّين منازل خالية ليقيموا فيها. وقال أحد السكّان، الذي صرّح فقط باسم قبيلته، السلماني، خوفاً من انتقام داعش: "سمعنا أنَّهم جاؤوا إثر الصفقة المُبرمة مع حزب الله". هاف بوست
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/16 الساعة 15:57