قراءة في يوميات سياسي أردني

مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/12 الساعة 23:53
نشر سياسي وحزبي وأكاديمي أردني، على صفحته على الفيسبوك، برنامج عمله اليومي، بالساعة وبالأسماء، وبالتفصيل الممل، وأنا أعيد نشر البرنامج كما ورد من صاحبه، مع حذف الأسماء حفاظاً على خصوصية الناس، ولأن العبرة ليست في الأسماء، بمقدار ماهي بدلالات البرنامج، علماً بأن صاحبنا قام بنشر برنامجه ليدلل على اهتماماته وانشغالاته من جهة، وعلى أهميته ومكانته من جهة أخرى، وفيما يلي البرنامج محل الحديث: • الساعة 2 دعوة غداء. • الساعة 5,30 على رأس جاهة لابن بنت عمتي. • الساعة 8,30 على رأس جاهة لابن المرحوم (....) والعروس هي بنت بنت بنت عمتي. • الساعة 9,30 حضور عرس. إنّ نشري لهذا البرنامج يأتي لأنه يثر جملة من الأسئلة، وأولها له علاقة بواقع الأكاديميين في بلادنا، فقد صار من الملاحظات البارزة، أن نسبة لا بأس بها من الأكاديميين في بلدنا، ينغمس الواحد منهم من رأسه حتى أخمص قدميه في الكثير من العادات الاجتماعية السلبية، ومنها جاهات الخطوبة، التي صارت عنواناً بارزاً من عناوين الرياء الاجتماعي، والتغيرات السلبية التي طرأت على منظومة العادات والقيم في مجتمعنا، والسؤال هو إذا كان الأكاديميون يتأثرون بالمجتمع سلباً ولا يؤثرون به إيجاباً، فمن الذي سيقود عملية التغيير في مجتمعنا؟ وهل هذا يساهم في تفسير عجز جامعاتنا عن خدمة مجتمعاتنا وتطويرها، نحو الأحسن، ومن ثم فقدانها لأهم أدوار الجامعات، وهو أن تكون منارة نهضة وتطور وتغير للمجتمعات نحو الأفضل؟. سؤال آخر يطرح نفسه على ضوء هذا البرنامج، هو هل يجد هذا الأكاديمي وأمثاله الوقت، لتحضير المادة التي سيعلمها لطلابه؟ أم أن عدم وجود الوقت الكافي لدى أساتذة الجامعات لتحضير موادهم، بعد أن صارت نسبة كبيرة منهم من نجوم جاهات الخطوبة وولائم الرياء الاجتماعي من أسباب الشكوى من سوء مخرجات التعليم في بلدنا؟ وعلى ذكر القراءة هناك سؤال آخر يطرح نفسه، على ضوء برنامج هذا السياسي الأردني، وهو ليس حالة شاذة وفريدة، لكنها حالة صارت منتشرة بين السياسيين الأردنيين، الذين صار معظمهم نجوماً في حفلات الخطوبة، وولائم الرياء الاجتماعي وسهراته الليلية، فأين هو الوقت الذي يجده هؤلاء للقراءة للنهوض بمستواهم الفكري، وبمضامين خطاباتهم ومحاضراتهم، خاصة وأننا صرنا نلحظ تزايد الكتاب والمحاضرين بين السياسيين خلال الفواصل الزمنية التي يتركون خلالها مناصبهم، وكأن الكتابة بالنسبة لهم تعبئة فراغ ووسيلة (إعلانية) للتذكير بوجودهم؛ فهل هذا هو سر القحط الذي تعاني منه حياتنا الفكرية، بخاصة في مجال الفكر والخطاب السياسي ؟ وهل هذا هو سبب تدني نسبة مبيعات الكتب في بلدنا، مع إقرارنا التام بأن لدينا سياسيين أردنيين يشكلون منارات مضيئة، في مجال الفكر، ويشار إليهم بالبنان كقراء نهمين، لكننا نتحدث عن أولئك الساسة الذين يعتمدون في ثقافتهم على صالونات الثرثرة وهمسات جاهات الخطوبة. ملاحظة لافتة يثيرها البرنامج اليومي، الذي نشره السياسي الأردني وتفاخر به على صفحات التواصل الاجتماعي، وهو غياب أي ذكر لأية أنشطة حزبية أو ثقافية، والسؤال هنا ألا يتردد هذا السياسي والحزبي على مقر حزبه، أو على مؤسسة ثقافية ليشارك في نشاط فكري، علماً بأنني تعمدت أن أرصد منشوراته، ومنشورات مجموعة أخرى من السياسيين الأردنيين، الذين يقدمون كشف حساب عن نشاطاتهم اليومية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لم يرد في برامجهم أي ذكر لنشاط حزبي أو فكري، والسؤال هو هل صارت الجاهات والمآتم هي قنوات الحضور الاجتماعي، ومن ثم فرز من نسميهم «قيادات» نيابية وغير نيابية؟ ومن ثم هل هذا هو السبب في تحول مجالسنا النيابية إلى مجالس خدمات، ونوابنا إلى نواب خدمات خفت قدرتهم على الرقابة، بعد أن صارت نسبة كبيرة منهم تقايض الرقابة بالخدمة؟ وهل هذا هو سبب افتقار بلدنا إلى قيادات وطنية، ومن ثم تنامي حنين الناس فيها إلى رجال كبار، كتبوا سيرتهم بالتعب والعرق، وحجزوا مواقعهم في قلوب الأردنيين بالإنجاز، وكان برنامج عملها اليومي زراعة وبناء وعمل وامتناع عن الرقص في الأعراس والسياسة معاً؟
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/12 الساعة 23:53