السباق نحو المستقبل

مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/11 الساعة 00:11
العالم يهرول نحو المستقبل، والشعوب تتسابق في اكتساب العلم والمعرفة من أجل توظيفها في امتلاك أدوات القوة المحركة للانتقال الجماعي نحو محطات عالمية متقدمة، ومن أجل امتلاك القدرة على اختزال الزمن وتوفير الجهد واختزان الطاقة من أجل الفوز في سباق المسافات الطويلة، وما يجذب الانتباه ما يحدث في الصين التي تتنافس الشركات العملاقة فيها في انتاج التقنيات المتطورة التي تؤمن عمليات النقل والمواصلات بسرعة فائقة، وفي هذا الإطار تنوي شركة الطيران والفضاء الصينية «CASIC» تصميم قطار يستطيع السير بسرعة تصل إلى (4000) كم/الساعة، والقطار يسير على وسادة مغناطيسية ويتحرك داخل نفق مفرغ، ويمر هذا المشروع بثلاث مراحل، في المرحلة الأولى إطلاق قطارات بين المدن الصينية الداخلية بسرعة (1000) كم/الساعة، وفي المرحلة الثانية إطلاق قطارات تصل سرعاتها (2000) كم/الساعة بين المدن الكبرى، وفي المرحلة الثالثة تكون خارج حدود الصين بسرعتها القصوى. مع العلم أن الولايات المتحدة استطاعت في الوقت الحاضر إنجاز إطلاق مركبة داخل نفق خاص بسرعة (324) كم/الساعة. الصين تحقق تقدماً سريعاً وناجحاً في برنامجها الاستراتيجي الطموح والبعيد المدى الذي يهدف الى أن يتم تتويجها في المرتبة الاقتصادية الأولى على مستوى العالم في مئوية التأسيس، حيث تأسست جمهورية الصين الشعبية عام 1949م، وكانت بلداً فقيراً منهكاً، يعاني من التخلف والضعف والهيمنة الاستعمارية اليابانية في بدايات القرن الماضي، وقد استطاعت بسكانها المليار وربع مليار إنسان أن تختط لنفسها نموذجاً خاصاً بها متميزاً عن بقية دول العالم، فهي محكومة بنظام الحزب الشيوعي الواحد وفي الوقت نفسه تنضم إلى منظمة التجارة العالمية، عبر فلسفة وطنية صينية تحاول من خلالها الجمع بين الأصالة الصينية وشخصيتها التاريخية الموغلة في القدم مع الانطلاق نحو التحضر والتقدم والانفتاح. عندما ننظر إلى هذا السباق المحموم القائم على العلم والمعرفة، والقدرة على تنمية العقل والقدرة على الاستثمار في الإنسان، ما كان لشعب أو دولة من الدول تحقيق هذا النجاح إلا في ظل نظام وطني مخلص لشعبه ووطنه، ويرى شرعية وجوده من خلال النجاح في صناعة الانجازات وتعظيم الانتاج، وتحقيق التقدم الملموس الذي يعيشه الناس وينعمون في ظلاله. المسافة التي تفصلنا نحن العرب عن الواقع تقدر بالسنوات الضوئية، أما ما يفصلنا عن المستقبل فلا قدرة للخيال على تصوره وتقديره، نحن الآن نحتاج إلى عشرات السنوات لإعادة إعمار ما تم تخريبه وتدميره، ونحتاج إلى وقت طويل لنعود إلى ما تم تشييده على يد أجدادنا قبل مئات السنوات، أما ما نحتاجه من اجل إعادة بناء الإنسان فهو أشد صعوبة وتعقيداً في ظل حجم التخريب الذي لحق بالأجيال، وحجم الضعف الذي يعتري المنظومة التربوية والتعليمية في عالمنا العربي، وفي ظل ظهور طبقة طفيلية واسعة تستأثر بمقدرات البلاد والعباد وتفتقر إلى العلم والمعرفة وتفتقر إلى الانتماء الوطني، وتفتقر إلى النفس السوية، وتفتقر إلى حس إحترام كرامة المواطن، وتفتقر إلى القدرة على قراءة المشهد قراءة صحيحة فضلاً عن امتلاك القدرة على التعامل مع مقتضياته . فتح الحوار الوطني الشامل على مصراعيه ضرورة وطنية من أجل التوافق على تشخيص واقعنا المريض، والتوافق على العلاج، والتوافق على منهجية اختيار القادرين على السير والتوافق على البرنامج المقبل. الدستور
  • تقبل
  • اقتصاد
  • عرب
  • الشامل
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/11 الساعة 00:11