تجربة انتخابات مجالس المحافظات لا تبشر بخير
ضرغام الخيطان هلسا
اليوم تم انتخاب رؤساء مجالس اللامركزية للمحافظات الاردنية وانتخاب نواب الرؤساء ومساعديهم ولجان المجالس..
عندما تقرأ الخبر مجردا بدون تفاصيل لا يمكنك الا ان تقول ان هناك تجربة ديمقراطية مستحدثة تخطو خطواتها الاولى للنجاح ويمكن ان تشكل دعما ملموسا في ادارة وتنمية وتطوير المحافظات كون ابنائها المنتخبين عبر صناديق الاقتراع هم من كلفهم شعبهم للقيام بهذه المهمة الجليلة التي تم التقديم لها نظريا بانها رؤيا ايجابية تساعد ادارة الدولة في توزيع عبء البحث عن الحلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
ولكن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر الواقعية فقد سيطرت الروح التكتلية ذات البعد القبلي والاكثرية العددية على روح التعاون والتكافل والتوافق في تقسيم المهمات حسب الكفاءات والتخصصات المنسجمة مع طبيعة اللجان ومهماتها
ولعل ما حصل في مجلس اللامركزية في محافظة الكرك خير دليل على ذلك
فقيام تكتل من مجموعة من اعضاء المجلس عددهم تجاوز النصف زائد واحد قبل انعقاد جلسة الافتتاح وقبل ان يتعرف الاعضاء على بعضهم البعض وقبل ان يستوعب جميع الاعضاء ماهية المهمات الاستراتيجية المناطة بهم وكيف يغلبون المصلحة العامة على المصلحة الخاصة من خلال تفعيل دور كل عضو من اعضاء المجلس وحسب كفاءته واهتماماته
فاذا بهذا التكتل العددي يحسم اموره على اسم الرئيس ونائبه ومساعده وعلى اسماء رؤساء اللجان دون تردد ولم يغلب نفسه حتى في اجراء مشاورات بين الاعضاء الثلاثين اعضاء المجلس فقد حسم المعركة في سبعة عشر صوتا مقابل ثلاثة عشر صوتا وتعاهدوا واقسموا بكل ما يؤمنون به ان ينفذوا ما تعاهدوا علية دون تبديل او تعديل فنجحت مهمتهم باقصاء دور ثلاثة عشر زميلا لهم يملكون من الكفاءات والاختصاصات ما يؤهلهم ان يكونوا عناصر بناءة في عمل المجلس خدمة للمحافظة واهلها
فانطبقت عليهم المقولة الفلسفية حول نقد ديمقراطية صناديق الاقتراع والتي تؤكد ان اغلبية احد عشر صوتا انتخابيا لمواطنين عاديين او اقل من عاديين تغلب تسعة اصوات لمواطنين علماء ومفكرين وكفاءات ومختصين وتقوم باقصائهم وتعطيل اي دور لهم
وهذا ناتج عن عدم وجود فهم مؤسسي واضح المعالم والاهداف لكل اطار مؤسسي يتم انشاؤه تحت رؤية التطوير والحداثة مما يترك الباب مفتوحا لكي يمارس كل من هب ودب فهمه السياسي واهدافه في توجيه دفة تلك الاطر نحو المبتغى الذي يريده او كان قد ضمر له مهمة لاترتقي الى الحد الادنى لما هو معلن عنه نظريا
وبناء عليه اقول بان الرسالة تقرأ من عنوانها فتجربة اللامركزية لن تكون الا عبئا اضافيا على الدولة وموازنتها ولن تكون جزءاً من ادوات التغيير والتطوير والتحديث ومعالجة مشكلات الناس وليس امامنا الا ان نقول عليه العوض ومنه العوض.