المواطن الأردني وسأم الانتظار

مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/08 الساعة 00:22

المواطن الأردني يعيش حالة من الانتظار الطويل المليء بالسأم وتعذيب الروح منذ عقود طويلة من الزمن ، على امل تحسن الأحوال المعيشية، وزيادة الدخل، وتقليل ضنك الحياة وشظف العيش ومواصلة السباق مع غلاء الأسعار الجنوني الذي يفوق قدرة المواطن العادي، ومع مجيء كل حكومة جديدة تأتي حزمة من الوعود المفعمة بالأمل بالاصلاح ومعالجة الاختلالات، ولكن سرعان ما تتبخر نسمات الأمل عندما يصحو المواطن على مزيد من التراجع على معظم الصعد، ويأخذ بالترحّم على الحكومة السابقة ويتمنى لو ترحل الحكومة الحالية، وأصبح ذلك مسلسلاً متكرراً ولازمة مستمرة.
رواية المواطن رواية حزينة ومريرة وغير مفهومة للمسؤولين لأنهم يخطئون قراءته في كل مرة ويسيئون تفسير ما يبديه من حكمة وصبر وتأن وتفهّم، فبعضهم يذهب إلى الاعتماد على ما يتمتع به من فهلوة وقدرة على التبرير والاقناع، وبعضهم يذهب إلى سياسة شراء الضمائر واللجوء إلى أسلوب العطايا والتنفيعات، وبعضهم يلجأ إلى الحلول المؤقتة وسياسة المسكنات..واحيانا الى شيء من الاهمال والازدراء والتخويف والتهشيم.
نحن أصبحنا أمام حالة مستعصية، وسوف يصل المواطنون في لحظة وشيكة إلى حالة من اليأس والاحباط التي لا ينفع معها الحوار ولا العلاج ، وعدم تصديق كل الوعود المبذولة بسخاء، لأن الشمس ما عادت تغطى بغربال، واتسع الخرق على الراقع وأصبحنا جميعاً في المأزق الذي لا يستثني أحداً، لأن المواطن يرى بأم عينيه الحقيقة المرّة بلا أدنى مواربة ودون رتوش ودون ضبابية.
المؤشر الأول والأكثر أهمية والأشد رعباً هو المديونية الأردنية العامة للعام 2017 التي تقدّر بـ (35) مليار دولار (22.887) مليار دينار أردني بحسب أرقام النشرة المالية لوزارة المالية.
ومن المؤكد أن المديونية تشكل أكبر المشاكل الاقتصادية التي تهدد الأمن والاستقرار الاقتصادي، وهي تسير في منحنى متصاعد منذ سنوات.
المؤشر الثاني يتمثل بالعجز بحسب تقديرات الحكومة فإن العجز في موازنة 2017 يقدر بـ (1.1) مليار دولار (827) مليون دينار أردني بعد كل الاجراءات وبعد كل التوقعات المتفائلة ، ومؤشرات أخرى كثيرة نتركها لأصحاب الاختصاص.
المواطن كان دائماً يخضع لعمليات تطويل الأمل، ومقولة أن التحسن الاقتصادي لا يظهر بين عشية وضحاها، ليكتشف بعد انتظار لعشرات السنوات أن الطبخة الاقتصادية عبارة عن طبخة (حصى)، والمطلوب منه أن يدفع تكاليف وقود النار تحت الطبخة الوهمية.
الحديث جاء بمناسبة محاولة فرض قانون ضريبة الدخل الجديد الذي يأتي منسجماً مع خطاب النوايا الذي وجهته الحكومة لصندوق النقد الدولي، والذي وعد بتخفيض سقف الاعفاءات إلى النصف، في حين لم يطرأ أي تحسن على اقتصاديات المعيشة للأسرة الأردنية بل على العكس تماماً فقد زادت التكاليف في ظل ثبات الدخل وتآكله.
ماذا ينتظر الشعب الأردني وما هو المستقبل المتوقع الذي تعد به الحكومة، وهل سوف يتحسن وضع المزارعين وهل هناك نيّة لزيادة منسوب الانتاج الزراعي في الدخل القومي؟ وهل سوف يتحسن وضع القطاع الصناعي وكيف؟ وما هو التحسن الذي سوف يطرأ على دخل الموظف في القطاع العام والقطاع الخاص؟
إذا كان الشعب الأردني متأكداً إلى درجة اليقين بأن دخل العائلة لن يتحسن، وليس هناك زيادة على الرواتب، فلماذا تعمد الحكومة إلى فرض ضرائب جديدة عالية، وكيف يتم تبرير هذه الخطوة، وكيف يتم تسويغها.
نحن أمام معضلة سأم الانتظار غير محمودة النتائج، والحل يكمن بتغيير نهج الإدارة على وجه شامل، وبطريقة الحزمة الواحدة للاصلاح الوطني سياسياً واقتصادياً وتربوياً وتعليمياً، بحيث يتم تمكين الشعب الأردني من محاسبة حكومته بطريقة ديمقراطية حقيقية، وتصحيح السياسات الاقتصادية والمالية، ومواجهة الفساد بطريقة فاعلة ووقف الهدر في المال العام واعادة بناء الانسان الاردني المؤهل علميا ونفسيا ، والاستفادة من التجارب الناجحة في العصر الحديث، وبغير ذلك سوف نبقى نحصد العقير.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/08 الساعة 00:22