قانون الضريبة صنع للفقراء
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/07 الساعة 11:05
خلود الخطاطبة
أمر لا يصدق ما يمكن أن تقدم عليه الحكومة في مشروع قانونها المعدل للضريبة، ويكاد يكون ضربا في عمق الأمن الاجتماعي للمواطن الأردني، ولا زلت أشعر بان الحكومة غير جادة في مثل هذا الطرح كونه يخرج عن المنطق ولا يمكن باي حال من الأحوال تصور تطبيقه على المواطن الذي يأن من وطأة الفقر والحاجة.
مشروع القانون الجديد يفند الادعاءات الحكومية المتواصلة بان أي اجراء اقتصادي اتخذته أو ستتخذه "لن يمس الشرائح الفقيرة والمتوسطة"، كون تخفيض الاعفاءات الضريبية للفرد والاسرة الى النصف يمس الفقير ومتوسط الحال فقط بشكل أساسي ولن يمس الشرائح الميسورة كونها تدفع الضريبة استنادا للقانون السابق وغير معنية بالقانون الجديد.
اذن مشروع القانون الذي سيتم بموجبه تقاضي ضريبة دخل على كل فرد يتقاضى 500 دينار شهريا، والف دينار لكل أسرة، أعد أصلا من أجل هذه الشرائح وليس غيرها، فماذا يعني اعفاء ضريبي بقيمة ستة الاف دينار للفرد سنويا، و12 الف دينار للاسرة في ظل التآكل الكبير في الدخل واعتراف الحكومة بان نحو 70% من دخل المواطن الاردني يذهب للبنوك.
الأمر الجلل، بان هذا المشروع سيشمل على الأقل نحو 60% من الموظفين المدنيين والعسكريين، وهو أمر لم يكن تاريخيا موجودا في الاردن منذ تاريخ تأسيسها، عندما كان القانون السابق وقبله يراعي مستوى الدخل الحكومي للافراد والأسر، وينص على 12 الف دينار اعفاءات ضريبية للفرد و24 الفا للأسرة، بمعنى أن الموظف الذي كان يتنظر زيادة على راتبه سيشهد تخفيضا وبنسبة كبيرة لن تعوضها سنوات عديدة من العمل مستقبلا.
قد تكون مناورة حكومية في التشريع الجديد بالنزول الى هذا الحجم غير المنطقي من الاعفاءات الضريبية للوصول الى صيغة توافقية مع مجلس النواب الذي بدأ يشكل موقفا مبكرا رافضا لهذه التعديلات التي تعني الموافقة عليها سقوطه أمام الناخب والشارع بشكل عام، لكن أي صيغة لن تكون مناسبة حتى لو تم تخفيض الاعفاءات الضريبية بنسبة 25% وليس 50% كما ينص عليه المشروع الحكومي.
هذا التشريع أكد بالضرورة أن الخطوات الحكومية لتعويض أي عجز في الايرادات لا يأخذ بالحسبان الوضع المعيشي للمواطن الاردني، وانما تنظر الحكومات في الجانب الاقتصادي الى أرقام الموازنات الصماء فقط لسد عجزها، وهي طريقة تفكير تاريخية في ادارة الحكومات الاردنية للملفات الاقتصادية، دون التفكير باي طريقة أخرى أكثر رفقا بالمواطن الذي صبر كثيرا على مثل هذه الاجراءات القاسية.
ندرك تماما الوضع الذي آلت اليه الخزينة بعد أن وصلت المديونية الى نحو 95% من الدخل القومي الاجمالي، ولا يمكن تحمل أي زيادة على هذا الرقم، لكن الحلول لمثل هذه الأرقام لا يكون باجراءات احادية تجاه المواطن الاردني، وانما بتخطيط بعيد المدى يقوم على جلب الاستثمارات وتحسين نسب الدخل القومي واقامة المشاريع الوطنية، وهو ما لم يشهده المواطن الاردني ليشكل دافعا لهم بالصمود مع الحكومة في وجه الارقام الاقتصادية الصعبة حاليا.
لنفرض أن تشريعا مثل قانون الضريبة تم اقراره وفق هذه الصيغة، واستطاعت الحكومة تأمين مبلغ 450 مليون دينار لسد عجز ايراداتها في السنة المالية المقبلة وأكثر، فهل هذا يعتبر حلا لاخراج الاردن من أزمته الاقتصادية على المدى المنظور، بالطبع لا قانون الضريبة ولا رفع اسعار المحروقات المتواصل ولا رفع نسب ضريبة المبيعات سيكون قادرا على ذلك، وما تقوم به الحكومة فقط هو تأزيم الوضع المعيشي للمواطنين ليس أكثر.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/07 الساعة 11:05