متحف القطارات والإتصالات في نورنبرغ
لقد من الله علينا من كرمه الذي لا حدود له أنا وزوجتي أم حمزة وإبني محمد المقيم في نورنبرغ في المانيا ان نزور متحف تطور القطارات والإتصالات من بعد ظهر يوم الأحد الموافق 27/8/2023 في مدينة نورنبرغ. فمن اهم المعايير التي يقاس بها تقدم اي دولة علميا وتكنولوجيا هو تقدمها في جميع وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية بين جميع مدنها الرئيسية والقرى التابعة لها اولا، وثانيا تقدمها في وسائل الإتصالات المسموعة والمرئية والمقروءة عن قرب وعن بعد بين أفراد شعبها ومع دول العالم. فكيف وقد أقامت المانيا مدن كاملة بعدة طبقات تحت الأرض من شبكات للسكك الحديدية للقطارات بمختلف انواعها. ونفذت ذلك على مراحل بخطط قصيرة وطويلة المدى وعلى سنوات عديدة حتى غطت جميع مدنها والقرى التابعة لها تقريبا منذ مئات السنين. فمن خلال تركيز دائرة الضوء على القطار وتطوّراته، من زمن البخار إلى الفحم الحجري الى البترول الى الالكترو الكهرومغناطيسية ذو السرعة الفائقة الذي يعتمد على التكنولوجيا الحديثة والإنترنت. حيث يجمع المعرض قاطرات كان يمكن أن تذهب للخردة أو يُذوَّب حديدها ويستفاد منه في تصنيع اشياء اخرى، إلا أن عقول النخب النيرة والقيادات السياسية الطموحة، والشعب الحي والنشيط والذي يكد ويعمل بشكل منتج ومستمر ليلا ونهارا والذين خططوا جميعا بشكل مؤسسي لمستقبل المانيا. لقد آثروا جميعا ان يتم المحافظة على كل قديم ويعرض في متحف يوثق تاريخ تطور التصنيع في المانيا الى درجات عالية من التقدم حتى وقتنا الحاضر، وتم توثيق ذلك بالكتابة والوثائق الأصلية القديمة والحديثة وبالأدلة المادية والملموسة بأسلوب توثيقي تشاركي وتعاوني وجماعي مدروس بتمعن وبشكل دقيق وفق الترتيب التصاعدي للسنوات. بالحقيقة لم اجد أنظم ولا اجمل ولا اتقن ولا ارقى ولا أكمل … الخ وبكل صدق وأمانة من هذا التوثيق والتوثيق عند الألمان مستمر. ها هو أحد المتاحف الألمانية المهمة والمنتشرة في جميع مدن وقرى المانيا يجيب ببساطة كيف تقدم تاريخ المانيا بمحرّكات القطار ومكوناته وقاطراته وأثاثها من القديم جدا على زمن الملوك وحتى وقتنا الحاضر. نقف مثلاً أمام العربة الملكية التي كان يعتبرها لودفيغ الثاني، ملك بافاريا، التاج الذي يعبّر عنه وعن تطلّعاته بإدخال مملكته إلى الحداثة، كما يمكن أن نشاهد عربات أُخرى تبدو كصورة مصغَّرة للطيف الطبقي في ألمانيا في القرن التاسع عشر، فنمرّ بين قاطرات أشبه بصالونات في قصور بأرائكها الجميلة وزخرفتها الباهرة، ثم نجد أنفسنا ونحن في ذات القطار في عربة بمقاعد متراصّة كان يستقلّها العمّال وهم يغادرون أريافهم ليعملون في المصانع.