العمدة..

خالد محمود خالد
مدار الساعة ـ نشر في 2023/08/27 الساعة 09:20

كان شابا في نهاية الثلاثينيات عندما طرق باب العمل العام ، حين خاض انتخابات مجلس امانة عمان .. وربما لم يحالفه الحظ فيها ، لكن اليأس لم يتسرب الى حلمه الذي حمله في أصر عليه ، فخاض المعركة مرة أخرى وفاز بجدارة واقتدار بالعضوية .. ثم بمنصب نائب الامين .. وأثبت قدرة عالية في العمل فوق إخلاصه وحماسه للخدمة العامة ..

لفت الانظار اليه كشاب متحمس ، فظفر بالاهتمام الملكي.. الامر الذي جعل الدكتور يوسف الشواربة يزيد من اصراره على تحقيق نجاح اكبر .. وعندها أُختير وزيرا في حكومة الدكتور عبدالله النسور وزيرا للشؤون السياسية ..
كان رئيس الوزراء يعلم جيدا ان هذا الشاب سينجز في وزارته الكثير ، وراى فيه همة وانتباها وقرأ في عينيه لمعة الاصرار .. ربما لم يطل بقاء الشواربة في الوزارة لانها الحكومة كلها استقالت حسب الاستحقاق الدستوري .. لكنه ترك بصمة في الوزارة كما يشهد الكثيرون .
عُين رئيسا لمجلس ادارة جريدة الدستور وعمل فيها بجد ونشاط لتطوير هذه المؤسسة الوطنية وإخراجها من ازمتها أنذاك بكل اخلاص وعزم ، وأنجز الكثير مما خطط له .. ولكن ظلّ قلبه معلق ببيته الأول وملعبه الأساسي أمانة عمان الكبرى .. فعُين رئيسا للجنة الأمانة ، حتى يحين موعد الانتخابات التي جرت في موعدها ، وصدرت الارادة الملكية بتعيينه أمينًا لأمانة عمان الكبرى محققا حلمه النبيل ..
أصبح الشاب الطموح عمدة عمان .. حلمه الذي راوده منذ زمن بعيد وأصبح وجها لوجه مع الحلم الذي تحول الى واقع وحقيقة .. فنزل الرجل الى الميدان واحدث حالة من العصف في كل مجالات عمل الامانة ميدانيا واداريا .. وشعر اهل العاصمة بالتغير ولم يكمل العمدة الشاب ما بدأ سلفة فقط بل
بل زاد عليه الكثير الكثير حتى غدت عمان من اجمل العواصم وأكثرها نظافة واشراقا..
لم يكتف الشواربة بتطوير اداء الامانة بالخدمات ، بل جعل منها أول مؤسسة وطنية تتحول في خدماتها للمواطن إلى الاتمتة والحوسبة .. فأنجز بسرعة فائقة وكأنه يسابق الزمن لإتمام المشروع بإتقان كامل؟ ولم نعد نرى تلك الطوابير الطويلة في دوائر امانة عمان ، اذ اصبحت معظم الخدمات الكترونية وتمكن المواطن من انجاز معاملته من بيته او مكتبه بكل سهولة وبساطة وهذا انجاز كبير بحد ذاته ..
لكن طموح العمدة لم يتوقف عند هذه المحطة بل نظر الى أوضاع الامانة المالية وفكر بحلول واقعية لتحسين هذه الاوضاع .. فاستدار مرة اخرى وهذه المرة الى الاستثمار وطرح مشاريع عديدة ومتنوعة لاستقطاب الشركاء في سبيل انجاح المشاريع التي ستكون سندا لامانة عمان في مواجهة ظروفها المالية لتتمكن من تطوير ادائها وخدماتها لمواطنيها .
العماني في زمن الشواربة أصبح يرى شيئا مختلفا في عمان على كل المستويات ، ولم ينسى الرجل تاريخ عمان فركز على جوانب احياء تراثها وتاريخها العريق حيث رمم المواقع والمباني التاريخية فيها .. وشد الزوار والسياح الى هذه الاماكن ليتعرفو على التاريخ العريق "لعمون" المدينة التي تضرب جذورها في عمق التاريخ .. وقدم كل التسهيلات الممكنة لكل من اراد الاستثمار في هذه المباني .. كما لم ينسى الشواربة اطفال عمان فهيأ لهم الحدائق والمرافق الترفيهية والنوادي المزودة بما يلزم لمتعتهم وقضاء اجازتهم فيها وابعدهم عن اللعب في الطرقات والازقة .. كما لم يألو عمدة المدينة جهدا في تطوير الخطط المرورية بالتعاون من الجهات المختصة لتخفيف الازمات المرورية التي نعاني منها نتيجة الازدياد في اعداد السكان والمركبات ..
يراه اهل عمان دائما في الميدان ليعالج الامور على الواقع بعيدا عن الجلوس خلف المكاتب وبين الاوراق .. بابه مفتوح لكل مواطن صاحب حاجة بالامانة .. والابتسامة لاتفارق محياه ..
الحديث عن الدكتور يوسف الشواربة - عمدة عمان - يطول ولكن المقام لايتسع .. فالرجل صاحب صفحات كثيرة في الانجاز والخدمة العامة ، وخير ما يتحدث عن انجازه المشروع الذي كان حلما عند الكثيرين مشروع طريق الباص السريع الذي استطاع الامين ان ينجزه رغم الصعوبات والتحديات بكل انواعها .. وسيرى اهل عمان ومحبيها عن قريب عظمة هذا المشروع عندما يكتمل ان شاء الله على يد رجال الامانة والشواربة على رأسهم ..
مجمل القول .. لطالما تحدثنا عن تمكين الشباب وافساح المجال امامهم ، لكن النجاح والابداع لا يقدم هدية لهؤلاء الشباب بل عليهم الحلم والطموح أولا.. والجّدِ على طريق تحقيق الحلم بالمثابرة والتعلم والصبر والجلد مهما كانت الصعوبات .. كما فعل عمدة عمان الشاب الدكتور يوسف ..

مدار الساعة ـ نشر في 2023/08/27 الساعة 09:20