خبراء: التراخي الأمني وراء انتشار ظاهرة ’البلطجة‘ في الاردن
مدار الساعة - اعتبر خبراء أمنيون سابقون أن انتشار ظاهرة البلطجة، وتحديدا في المناطق الشعبية التي تتضمن أعمال السطو والنهب وفرض الاتاوات وما ينجم عن ذلك من جرائم قتل وانتشار للمخدرات "يعكس تراخيا أمنيا وثغرات قانونية تحتاج لمعالجات مختلفة".
وفي هذا الإطار، يرى اللواء المتقاعد جمال البدور أن "(البلطجة) ظاهرة مقلقة وخطيرة على المواطن والأمن الاجتماعي، والسبب عدم وجود رادع قانوني وأمني، وأن القضاء على هذه الظاهرة يتم بجهود أمنية عملياتية لمكافحتها وتفكيك هذه العصابات التي عرفت بقطع الطريق والاعتداء على الناس والمارة، وعلى الأعراض والممتلكات، وهي لا تقل خطورة عن الأعمال الإرهابية".
وقال إن "جهاز الأمن العام في المملكة هو محل احترام وتقدير من الجميع، وله باع طويل في مكافحة هذه الفئات الضالة وتفكيك هذه المجموعات الخطيرة والعصابات، وهو قادر على إعادة الأمور إلى نصابها وفرض الأمن والأمان في كافة المناطق، وعندما تشاهد رجل الأمن في الشارع تبدأ هيبة الدولة".
أما العميد المتقاعد فايز الدعجة فيرى أن انتشار هذه الظاهرة يعود إلى "ضعف واقع البحث الجنائي من حيث عدد الأفراد والإمكانات البشرية، ما يعني عدم متابعة حركة المشبوهين ومراقبتهم بشكل دائم، وهم أرباب سوابق ومختصون في أعمال البلطجة"، لافتا إلى أن هؤلاء "يجب أن يكونوا تحت الرقابة الأمنية المستمرة حتى لو كانوا خارج السجون أو الإقامة الجبرية".
ويضيف: "ينتشر البلطجية في المناطق الشعبية والتجارية حيث يجبرون التجار على دفع الأتاوات، في حين لا يجرؤ هؤلاء على التبليغ عنهم، لأنهم يخشون من انتقامهم حال خروجهم من السجن، ولهذا يفضلون دفع الإتاوة وعدم إبلاغ الشرطة، وخاصة عندما تكون المبالغ المالية المطلوبة بسيطة يتقاضاها المجرمون من أجل شراء المخدرات أو المشروبات الكحولية".
ويتابع أن "ضعف انتشار الدوريات الأمنية الآلية والراجلة في المناطق الشعبية والتجارية يشجع هؤلاء على الانتشار والاستفراد بالمواطنين، مع العلم أنهم معروفون لدى الأجهزة الأمنية ومن السهل الوصول إليهم والسيطرة عليهم".
من جهته يرى العميد المتقاعد عبدالوهاب المجالي، أن "أصحاب الاسبقيات أصبحت لديهم سيطرة على الأرض"، مشيرا إلى "أن غياب رقابة البلديات وأمانة عمان جعلتهم يستولون على الأرصفة ثم يقومون بتأجيرها لبائعي البسطات من الفقراء، مع تأمين الحماية لهم".
وأضاف المجالي أن "هناك مفاهيم خاطئة أثرت على المنظومة الأمنية، ومنها (الحرية والديمقراطية) التي تعني للبعض انفلات السلوك، ناهيك عن أن المناطق الشعبية التي ينتشر فيها الجهل والفقر، تنشأ فيها جماعات وأشخاص يعانون من أزمة الحقد الطبقي، فيمارسون الجريمة بدافع الانتقام وانسداد الأفق".
واعتبر أن هناك سببا رئيسيا وهو "التراخي الأمني جراء التحسب من انتقادات منظمات حقوق الإنسان، ما يضعف قدرات رجل الأمن، ويقوي من عزيمة الخارجين على القانون، إضافة الى تغييب القوى الأمنية في بعض المناطق الشعبية الساخنة، والتي شكلت مأوى آمنا لهم".
كما رأى أن "فصل قوات الأمن العام عن قوات الدرك أدى إلى إضعاف الأمن العام، بحيث لم يعد يملك القوة اللازمة للتصدي لمثل تلك الحالات، بل صار الاعتماد الأكبر على الدرك".
أما الدكتور العقيد المتقاعد بشير الدعجة فيجد أن "انتشار البلطجة سببه سياسات وتعليمات وأوامر وشعارات حملتها قيادات أمنية سابقة في الأمن العام، أسيء تفسيرها من قبل مواطنين، ولم يهضمها جيدا بعض رجال الأمن العام، نتيجة تقصير إعلامي واضح في شرح هذه الشعارات والسياسات".
وأضاف أن شعار (الأمن الناعم)، هو شعار جميل جدا، ومطبق منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، حيث يحترم القانون المواطن السوي، لكنه يضرب بيد من حديد على الخارجين على القانون"، غير أن "عدم توضيح الأمن الناعم للمواطن ورجل الأمن العام، أدى إلى ظهور مفاهيم سلبية، فانتشر التمرد على القانون من قبل البلطجية، مع ضعف القبضة الأمنية".
ويقترح الاستعانة بالعديد من المتقاعدين من الكفاءات الأمنية في الأمن العام والمختصين في التعامل مع مثل تلك الظواهر، ممن لديهم القدرة على تدريب كوادر الشرطية في كيفية حماية المواطنين وفرض هيبة الأمن العام.
كما يعتبر أن "خروج جهاز الأمن العام عن دوره الأمني وتدخله في العطوات العشائرية عند نزاع رجل الامن مع الخارجين على القانون، أضعف من قدرة رجل الأمن".
الغد