المسخ والخسف في آخر الزمان

أ.د. بلال ابوالهدى خماش
مدار الساعة ـ نشر في 2023/08/24 الساعة 08:52

الله واحد، أحد، صمد (ليس له جوف، لا يطعم ولا يحتاج إلى طعام ولا إلى شراب وليس من جنس المخلوقين، هو الغني عن كل ما سواه، يُطعم ولا يَطعم سبحانه وتعالى عما يصفون. وهو الذي تصمدُ إليه الخلائق جميعها في حاجاتها كلها، ترجوه وتسأله وتضرع إليه سبحانه، جل وعلا)، الذي لم يلد (ليس له زوج وليس هو ابا أو اما لأحد) ولم يولد (ليس له اما تلده او ابا يرعاه)، ولم يكن له كفوا احدا من مخلوقاته. خلق الملائكة بعقل وبدون غريزة وخلق الجن وبني آدم بعقل وغريزة ولكن الله خلق الحيوانات بغريزة دون عقل. وخلق آدم بيديه وخلق زوج آدم من نفس آدم وسن الزواج بينهما وَبَثَّ منهما رجالا كثيرا وَنِسَاءً (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (النساء: 1)). وجعل الناس بعد ذلك شعوبا وقبائل مختلفين في الوانهم ولغاتهم واعراقهم وأجناسهم … الخ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات: 13)). وقد خلق الإنسان في احسن تقويم (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (التين: 4)). وفضل بني آدم على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْ تَفْضِيلًا (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (الاسراء: 70)). وفضل آدم ابو البشر على الملائكة (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (البقرة: 34)). وصورنا فأحسن صورنا (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (غافر: 64)). الا ان الإنسان اذا تغلبت غريزته عليه اصبح في تصرفاته كالحيوان واذا تغلب عقله على غريزته اصبح في تصرفاته كالملائكة. والله هو الذي خلق الكافر والمؤمن (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (التغابن: 2))، الا ان الله عندما غضب على الذين اعتدوا في السبت مسخهم الى قردة خاسئين وخنازير، لأن أمره بين الكاف والنون انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له: كن فيكون (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ، قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيل (البقرة:65، المائدة: 60)).

ولقد اعلمنا رسول الله محمد بن عبد الله ﷺ انه سيكون مسخ لبني آدم في آخر الزمان: روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: من علامات الساعة التي لا بد أن تظهر في آخر الزمان في هذه الأمة ثلاثة أمور: الأول: خسف في الأرض، والثاني: مسخٌ للناس كما مسخ الله بعض بنو إ س ر ا ئ ي ل إلى قردة وخنازير، والثالث: قذف ورمي بالحجارة من السّماء، ومن أسباب ظهورها كثرة الذنوب والمعاصي والمجاهرة بها. واي مجاهرة في المعاصي نعيشها هذه الأيام من تحليل الزواج من المحرمات والزنا في المحرمات وزواج المثليين والتحويل في الجنس وتحليل مجامعة الحيوانات … الخ. ولقد تم المسخ من قبل كما بينا وها نحن نشاهده يحدث في اكثر من مكان في العالم من مسخ وخسف ورمي بالحجارة من السماء وذلك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي ووجود الإنترنت وتقارب الأمكنة والأزمنة بسبب التكنولوجيا الحديثة المتقدمة جدا واصبح بذلك العالم كقرية صغيرة. والأمر الذي يشد اهتمام الكثير من الناس هذه الأيام هو مسخ البشر برضى انفسهم وبمحض ارادتهم وبأموالهم الى كلاب وخنازير بشرية في اكثر من دولة في العالم وبالألآف المؤلفة. ويخروجون بمسيرات جماعية حاشدة يطالبون بانفسهم حكومات دولهم بسن قوانين ليتم التعامل معهم من قبل غيرهم من البشر ككلاب وكخنازير او غيرها من الحيوانات ويطالبون حماية حقوقهم ككلاب وخنازير وما يرغبون ان يكونوا من حيوانات. وبتصرفاتهم وبمطالباتهم هذه يعترضون على تكريم الله لهم بخلقهم بشرا ويغاضبونه، والأغرب من ذلك ان منهم العلماء والمثقفون والمتعلمون ورجال الأعمال وهؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (الفرقان: 44)). فأي نوع من المسخ هذا يمكننا تسميته؟! وكل ذلك من اعراضهم عن ذكر الله (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (طه: 124)) واي معيشة أضنك من معيشة الكلاب والخنازير؟! وأي تعامل اسوا من تعامل إنسان مثلهم معهم ككلاب وخنازير؟! ولله في خلقه شؤون.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/08/24 الساعة 08:52