الطاقة النووية (3)
يمكن النظر إلى الالتزامات الدولية (ونعني بها شدة الرقابة الدولية على هذا النوع من الاستخدامات) على أنه أحد أكبر التحديات. إذ ينظر إليها على أنها مترابطة وجميعها تؤدي إلى خطر ما يسمى "الانتشار النووي" أو إنتاج السلاح النووي (كالقنابل والرؤوس النووية وغيرها).
فمحطات توليد الكهرباء النووية مثلًا تستهلك وقودًا من اليورانيوم الطبيعي أو المخصب. وبعد إخراجه من قلب المفاعل (بسبب استنزافه) يخزن، أو تعاد معالجته لاستخلاص المواد القابلة للانشطار منه، وهي بقايا ذرات اليورانيوم- 235 (التي لم تنشطر أثناء تشغيل المفاعلات) وذرات البلوتونيوم- 239 (الذي يتكون نتيجة التفاعلات النووية التي تجري في قلب المفاعل أثناء التشغيل أيضًا). وهذان العنصران هما المادة التي تصنع منها القنابل الذرية الانشطارية.
ونفس الشيء يقال عن تخصيب اليورانيوم. الذي يؤدي إلى رفع نسبة اليورانيوم- 235 في الوقود أو اليورانيوم النووي. ومع أن أغلب المفاعلات الرائجة في السوق الدولي تستخدم نسبًا متدنية من التخصيب (بضع أحاد في المئة 3- 5% أو نحوها) إلا أن الخوف أن الدولة التي تملك القدرة العلمية على التخصيب بالمستويات الدنيا أو المنخفضة يمكن أن تنتج نسب تخصيب أعلى، وصولًا إلى ما فوق نسبة تخصيب 90% وهي النسب التي ينظر إليها بعين الخطر من ناحية إنتاج السلاح النووي.
لهذه الأسباب والحيثيات فإن صناعة السلاح النووي ممنوع بموجب القانون الدولي على الدول الموقعة على اتفاقيات الحد من انتشار السلاح النووي وإجراء التفجيرات النووية، ومنها الأردن، في حين تخضع الاستخدامات الثقيلة الأخرى للطاقة النووية وهي صناعة الوقود النووي واستخدام المفاعلات النووية الكبرى، مثل المستخدمة في إنتاج الطاقة والكهرباء، لقيود دولية شديدة ورقابة صارمة وبرامج تفتيش مستمرة واشتراطات وقاية عالية، تزيد من كلفتها المرتفعة أصلًا كما سنرى في المقالة الرابعة (محددات استخدامات الطاقة النووية الثقيلة "الكلف المادية").
الدكتور علي المر- مدير الطاقة النووية الأسبق)