'حزب الغاضِبين' الروس.. على 'الكرملين'؟

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2023/08/07 الساعة 03:42
لم يعد الرئيس الروسي السابق ديمتري مديفيديف, الذي يشغل الآن موقع نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي, «وحدَه» الذي يطلق التصريحات النارية «الغاضبة» الممزوجة بأوصاف لاذعة يخلعها على زعماء وقادة دول غربية, وخصوصاً رئيس أوكرانيا زيلينسكي ووزراء في ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، إذ انضمت إليه «كوكبة» من الصحافيين والسياسيين والمُشرّعين, ونشطاء وخبراء وعسكريين متقاعدين كما مراسلين حربيين وكُتاب, آخذة (هذه الكوكبة) في ازدياد على نحو باتت تُشكّل أداة ضغط سياسية واجتماعية وإعلامية, مُطالبة الرئيس الروس? بوتين, بالرد القاسي والحاسم, على استهداف قاعدة الأسطول في نوفوروسيسك, التي تعتبر قلعة من قلاع أسطول البحر الأسود, ورمزاً للقوة البحرية الروسية وهيبتها. ناهيك عن الاستهداف المتواصل لجسر القرم برمزيته وارتباطه كـ«إنجاز سياسي ومعماري» بشخص الرئيس بوتين. أضف إلى ذلك كله استهداف «أبراج» أحد الأحياء الراقية في العاصمة موسكو, الأمر الذي انعكس –من بين أمور أخرى- في حجم الغضب الذي ميّز تلك الدعوات التي نشرها أصحابها على وسائل التواصل الاجتماعي وباقي وسائل الإعلام الروسية. الأمر الذي يُصعّب على بوتين تجاوزه أو صرف ?لنظر, عن أكلافه السياسية والمعنوية ببعديّها العسكري والمعنوي, ومسّه المباشر بهيبة روسيا ودورها الإقليمي والدولي.
هنا تبرز تصريحات الرئيس السابق/مدفيديف, الغاضبة والمحمولة على أوصاف ونعوت لاذعة أطلقها, بعد نجاح زورقيْن أوكرانيّين مُسيريْن, في إصابة ناقلة نفط روسية مدنية تحمل اسم «سيج", ما دفع مدفيديف إلى القول أن «أوكرانيا لا تفهم إلا لغة القسوة والقوة»، مضيفاً على قناته في تطبيق «تلغرام": لا يفهم الأوغاد والمُنحطون إلا القسوة والقوة، على ما يبدو ــ واصلَ مدفيدف ــ لم تكن الضربات على موانئ أوديسا وإسماعيل كافيه بالنسبة لهم", مُحذِّراً كييف من أنها «إذا رغِبت في تنظيم كارثة بيئية في البحر الأسود، فيجب ــ يقول مديفيديف–?ن يحدث في الأراضي التي ستقتطِعها بولندا من أوكرانيا قريباً.
لكن ردود الفعل التي أبداها بعض «أعضاء» حزب الغاضبين, كانت أشد قسوة في انتقاداتها وتطرفاً, في دعوتهم إلى تلقين أوكرانيا درساً لا تنساه، على النحو الذي كتبه الصحفي الروسي المشهور والناشط السياسي والاجتماعي/ سيرغي ماردان (وفق ترجمة الدكتور زياد الزبيدي لنصه, كما نصوص الإقتباسات اللاحقة). إذ كتبَ ماردان.. «الهجوم بالقوارب الأوكرانية المُسيّرة على ميناء «نوفوروسيسك", هو مجرد قفزة نوعية في جغرافية الصراع. أكبر بكثير حتى من الطائرات بدون طيار, التي تُهاجم مكاتب وزارات حكومة الاتحاد الروسي. قبل سنوات بعيدة أضاف ال?اتب «ما قبل توحيد القرم مع روسيا»، عندما كانت العلاقات تتوتر مع كييف، إعتادت موسكو ان تتنهّد ببساطة وتقول:"لا باس، يجب إعادة انتشار أسطول البحر الأسود خارج سيفاستوبول». كانت نوفوروسيسك تُعتبر القاعدة الرئيسية الجديدة للأسطول. (أي الانسحاب من قاعدة القرم إلى نوفوروسيسك–المترجم).
تحت النار ــ واصلَ ماردان ــ وهجوم اليوم يقول شيئاً واحداً فقط, سنظل مُضطرين للقتال.
إن التصريحات التي لا تنتهي ــ ختمَ ــ بأن «روسيا مُنفتحة دائماً على المفاوضات", والمنتديات و"الجهود الدبلوماسية» وما إلى ذلك, لن تؤدي إلا إلى خسائر إضافية.
أما فلاديسلاف شوريغين الخبيروالباحث العسكري والضابط السابق, الذي يعمل الآن مُراسلاً حربياً, فقد طالبَ بالحصول على إجابة على السؤال الذي «نطرحه منذ شهرين», ومفاده: مِن أين أتت هذه الزوارق المُسيَّرة التي ضربت ميناء وقاعدة نوفوروسيسك؟, مُضيفاً: هل انطلقت من الساحل الأوكراني؟ أم أنها إنطلقت من سفينة «ما», كانت تُبحر على طول الطريق إلى الموانئ التركية شرق البحر الأسود؟، مُعتبراً سؤاله الأخير..رئيسياً, مُختتماً القول: السؤال رئيسي, حيث يجب تحديد «مصدر» هذه القوارب المُسيّرة وتدميره.
ماذا عن نيكولاي ستاريكوف الكاتب والمحلل السياسي الروسي؟.
قال/ستاريكوف مُنتقداً أصحاب القرار بـ«مرارة» واضحة: لقد قلت هذا مرات عديدة وسأقوله مرة أخرى, إذا ضربوك بعصا، فمن الضروري أن تكون العصا مثبتة في يد شخص ما. عليكَ ــ أضافَ ــ أن تقاتل ليس العصا ولا حتى اليد، ولكن الكائن الحي الذي يضربك بعصا في يده. ستزداد ـ واصلَ ـ الهجمات على أسطول البحر الأسود وسُفنه وقواعده وسُفننا المدنية في البحر الأسود. التخريب وأعمال القراصنة في البحر, بطاقة زيارة الأنجلو ساكسون لعدة قرون. من المحتمل ــ ختمَ ستاريكوف ــ أن يكون المستوى التالي من العدوان البريطاني ضد روسيا, هو هجمات ال?وارق المسيرة في مناطق بحرية أخرى.
أما «يلينا بانينا»..السياسية الروسية وعضو البرلمان الاتحادي فكانت أكثر حِدّة وغضبا, إذ كتبتْ: من الممكن والضروري الرد على ذلك, «الإفلات من العقاب يولّد الوقاحة. الرد ليس على المجرم فحسب، بل وعلى المسؤول عنه أيضاً. ولا داعي أضافت للخوف من التصعيد. بل على العكس من ذلك, فإن أي محاولة لمهاجمة ميناء أو سفينة حربية أو مدنية روسية, يجب أن تنطوي على ضربة قوية لدرجة، توضح للجميع بعد ذلك, أن «الاعتداء على روسيا مميت». لا تُوجد لغة أخرى مفهومة, سواء في كييف أو لندن أو واشنطن.
في الخلاصة.. يبدي سيد الكرملين وأجهزته الأمنية تسامحاً لافتاً مع دعوات غاضبة كهذه, رغم ما تنطوي عليه من إتهامات مباشرة بـ"الليونة» تجاه أسفزازات كييف وداعميها في الناتو.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2023/08/07 الساعة 03:42