مشروع قانون الجرائم الإلكترونية.. عقوبات مغلظة ما بين المؤيد والمُعارِض
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/27 الساعة 17:10
الجريمة الالكترونية جريمة ممتدة وذات أثر وبعد مجتمعي واسع وسريعة الانتشار وذات أثر مادي ونفسي باهظ الكلفه في أغلب الأحيان . من الواضح ان مشروع القانون يهدف إلى وقف الإنتهاكات التي انتشرت في الدولة الأردنية خلال الآونة الأخيرة على حقوق افراد المجتمع والمؤسسات الرسمية والغير رسمية عبر الوسائل الالكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي بتجريم الأفعال المسيئة وفرض جزاءات على مرتكبيها ، من وجهة اخرى فإن مشروع قانون الجرائم الالكترونية الجديد سوف يحد من مدى حرية التعبير عن الرأي والمشاركة السياسية (ومشاركة الشباب خصوصا) عبر مواقع التواصل الاجتماعي فهو جاء ليكمم أفواه الناس وهذا سيقضي على الحرية السياسية التي يُنادي بها جلالة الملك فتطرق المشرع الاردني الردع لهذه الأفعال بأسلوب مبهم وغير مفهوم للعامة ، وبما أن القانون جاء بما يتوافق مع الإتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات كان من الأجدر مراعاة بعض المفاهيم ف كيف يُجرّم من ليس له تعريف فالمادة التي تعالج قضايا الذم والقدح والتحقير غير معرفة ومبهمة ويجب ان نبين الحدود الفاصلة بين مفهوم "النقد" و "الذم والقدح والتحقير"،، اما بالنسبة للمادة ٣١/٤ "إغلاق المحل الذي استخدم لارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على سنة"، معظم المصالح التجارية تُقدم خدمة الانترنت مجاناً للزبائن.. اشراكهم في المسؤولية من أي باب ؟ هذا التعديل المقترح خطير جداً ولا منطق في اقتراحه ، تخيّل ان تكون مالك لمحل أدوات منزلية ويأتي شخص يشتري سكين ويقوم بإرتكاب جريمة من خلال السكين ستتحمل انت جزء من المسؤولية عن الجريمة كونك قمت ببيعه السكين! ما هي آلية الاثبات يجب ان يكون هنالك تعديل بما يخص هذه الجزئية ببيان طرق الإثبات وتوضيح المعلومة بشكل دقيق اكثر. اما بالنسبة للغرامات فهي مغلظة وغير مسبوقة كان من الأولى وضع غرامات تتناسب والعقوبة حسب جسامة الفعل فلا تتساوى الأفعال مع الغرامات المغلظة على الجرائم الالكترونية جميعها فيجب مراعاة مبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة ، بالنسبة لاستحداث جرم "اغتيال الشخصيّة" والذي تمت الاشارة اليه من خلال المادة رقم (16) ، وهو مصطلح مبهم وغير قانوني، يفتح باب التأويل والتفسير على مصراعيه حول مضامين اغتيال الشخصيّة، لذا يتوجب على المشرع إمعان النظر في مثل هذا النص ، بالنسبة لاستحداث جرم كيفية اختراع السلاح يجب تعديل المادة التي تنص على ذلك لما فيها من هدم للابداع والابتكار فهي تسيئ للاختراع والتفكر وتضع عوائق للشباب الاردني كونها لا تحفز الابتكار والتطور فكيف لنا ان نجرم كيفية الاختراع بغض النظر ان كان سلاح او غيره فكان من باب اولى التطلع لوضع حدود وإطار معين يخص الحماية من الارهاب والتطرف بدلا من تجريم الابتكار والاختراع ، من منبري هذا ومن خلال تجربتي وخبرتي العملية المتواضعة كونه اغلب القضايا التي اكلف بها هي قضايا تخص المرأة والجرائم الواقعة عليها فإنني ارى بضرورة تغليظ العقوبات الخاصة بالجرائم الإلكترونية الواقعة على المرأة كالابتزاز الجنسي او التلويح بالفضائح التي تنطوي على محتوى جنسي ولتكن المحكمة المختصة في نطرها محكمة الجنايات الكبرى وان تغلظ عقوبتها كجناية.
في الختام ، نتمنى على المشرع الأردني التمهل والتروي عند دراسة مشروع هذا القانون، وعدم التعنت على رأي اللجان القانونيّة لوحدها، إذ لابُد من تداول نصوص مشروع القانون ومناقشتها مناقشة واسعة على مستوى الدولة بأكملها، والاستماع إلى جميع الجهات ذات العلاقة، فالمشروع يقع بين موجبات الدستور والتجاذبات السياسيّة، وبخلاف ذلك سيكون المشروع بمثابة المسمار الآخير في نعش الحقوق والحريات في الأردن.
في الختام ، نتمنى على المشرع الأردني التمهل والتروي عند دراسة مشروع هذا القانون، وعدم التعنت على رأي اللجان القانونيّة لوحدها، إذ لابُد من تداول نصوص مشروع القانون ومناقشتها مناقشة واسعة على مستوى الدولة بأكملها، والاستماع إلى جميع الجهات ذات العلاقة، فالمشروع يقع بين موجبات الدستور والتجاذبات السياسيّة، وبخلاف ذلك سيكون المشروع بمثابة المسمار الآخير في نعش الحقوق والحريات في الأردن.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/27 الساعة 17:10