طارق ملكاوي.. أردني ينحت رزقه من صخور مدينته الأثرية

مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/24 الساعة 11:14

مدار الساعة - ليث الجنيدي/ الأناضول - غالباً ما تكون البيئة الحاضنة للإنسان هي منبع الإلهام، وخاصة عندما يكون المكان مشهوداً له على مرّ العصور والأزمان، ويتميز بطابع فريد يرسم لصاحبه طريق الفن والابداع، كما هو الحال للأردني طارق ملكاوي.

ملكاوي (41 عاماً)، لم يجد من مسقط رأسه في قرية "أم قيس" الأثرية (شمال) سوى حجارة بازلتية صلبة، ينقلها بسيارته الصغيرة إلى مكان سكنه بالعاصمة عمان، ليشكلها بطريقته الخاصة، صانعا منها أجمل الأشكال والرسومات المنحوتة.
"التميز في أن صلابة الحجر ولونه هو ما يزيد الطلب عليه، لكونه يخالف الأمر الطبيعي وهو الحجر الأبيض".. بهذه الكلمات، لخّص الأربعيني الأردني حديثه لمراسل الأناضول، خلال زيارته في منزله بمنطقة شفا بدران بعمّان.
ملكاوي وكنيته أبو نورس، قال للأناضول: "تعلمت هذه الحرفة منذ أن كان عمري 15 عاماً، كانت هواية، وتحولت إلى مصدر رزق، وما زلت أعمل بها حتى الآن، وهي عملي الأساسي والوحيد".
وتابع "ألهمتني حجارة مدينتي أم قيس الأثرية إلى ذلك، فهي تشتهر بحجارتها البازلتية السوداء، فنسبة 90 بالمائة من المدينة من الحجر البازلتي، وهو حجر بكاني ومن أقسى وأصلب أنواع الصخور على وجه الأرض".
ومضى ملكاوي، وهو ممسك بقطعة حديدية مدببة خاصة بالنحت، في زاوية موقف إحدى العمارات، والذي استأجره ليكون مشغلاً له "حبي لمدينتي أم قيس وللنحت وعشقي للحجر الأسود، دفعني إلى هذه المهنة والهواية".
وزاد "بدأت هذا العمل بنحت بضع منحوتات، وعرضها على السياح في مدينة أم قيس، ووجدت أن هناك إقبالاً وطلباً عليها".
وتقع مدينة "أم قيس" على بعد 28 كيلو مترا من محافظة إربد شمالي الأردن، وتحمل اسم قرية اعتمدتها منظمة السياحة العالمية، العام الماضي، كواحدة من أفضل 136 قرية حول العالم.
وتعود جذورها التاريخية للحقبة اليونانية باعتبارها من مدن الحلف الروماني (ضم 10 مدن في بدايته)، فيما لقبت "أم قيس" بمدينة الحكماء والفلاسفة كما اشتهرت في ذلك الزمن بالعديد من الشعراء.
الموقع الجغرافي المميز لهذه المدينة أعطاها أهمية كبيرة، إذ أنها تطل على نهر اليرموك وهضبة الجولان وبحيرة طبريا، وهو ما ينم أيضا عن الفكر المتطور لمؤسسيها.
ويبلغ مساحة الموقع الأثري لمدينة "أم قيس" نحو 550 دونما (الدونم يعادل 1000 متر مربع)، فيما تتنوع آثارها بين المباني اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.
وأشار ملكاوي إلى أن "تشكيل الحجارة البازلتية أصعب من الحجارة البيضاء، وأقوم بنحتها يدوياً وباستخدام بعض المعدات الكهربائية".
وعن طبيعة المنحوتات، فقد بين أن "الجاروشة اليدوية والمعروفة بالرحى هي الأكثر طلباً وإنتاجاً، يليها الهاون والمدقة (تراثية ومخصصة لطحن البن)، وديكورات للحدائق، ومجسمات حيوانات، وشلالات ونوافير".
أما المهتمون بمنتجاته، قال ملكاوي: هم "الفلاحون ممن يملكون الأغنام ويسرحون معها في البرية، فهم يقصدون الرحى لجرش الأعلاف، إضافة إلى بعض الراغبين في عيش تجربة الماضي".
وفيما يتعلق بالوقت الذي يحتاجه للنحت، أوضح أن ذلك "يعتمد على حجم القطعة والفنيات التي تحتويها، فبعضها يحتاج لساعات وبعضها يحتاج لأيام وشهور".
وتابع: "هنا إقبال متوسط على هذا النوع من المنتجات، وهي تقتصر في كثير من الأحيان على أصحاب المحال والبازارات، وأرسل بعض الطلبيات إلى خارج الأردن وخاصة السعودية والعراق".
"الأسعار تبدأ من 10 دنانير ( 14 دولار أمريكي)، وتصل إلى 200 دينار (281 دولار)"، ملكاوي متابعاً.
وقال: "هذا العمل لا يكلفني سوى تعبي ومجهودي، الأدوات يدوية وبسيطة والحجارة متوفرة في كل مكان".

مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/24 الساعة 11:14