ارحيل غرايبة يكتب: اصبح الصمت ازاء ما يجري جريمة
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/22 الساعة 19:09
يتم تناول موضوع الشباب على الصعيد السياسي في أغلب الأحيان بطريقة سطحية قشورية منفرة .. وفي كثير من الحالات بطريقة لا تخلو من الانتهازية الواضحة المقيتة ...وفي بعض الحالات تشكل نوعا من التملق الممجوج والبحث المكشوف عن شعبية رخيصة .. واحيانا يقدم بعضهم خلطة من التذاكي والاستلطاخ والإستغباء .. واتباع أسلوب الإختباء خلف الإصبع ... وهو الاسلوب نفسه الذي يستخدم مع المرأة ايضا .. وأصبحنا امام وضع لا نحسد عليه ، وأمام واقع لا يسر ..وأصبح الصمت إزاء ما يجري جريمة بشعة لا تقل عن جريمة سياسة التفاهة والتتفيه القائمة عل دفن الشعوب أحياء ، وخرسا صامتين ،مملوؤين حرقة وقهرا ...
وازاء هذه المقدمة لا بد من تذكر بعض القضايا المهمة ....
- اولا ..مشكلة الشباب مشكلة كبيرة ومعقدة ومتشابكة ..وهي بالمناسبة مشكلة المجتمعات كلها التي تسير على غير هدى نحو مستقبل مجهول ... مشكلة الكبار والمثقفين والنساء والعاملين.. فهي لا تقل قتامة وحيرة وقلقا وتيها ... سوى أنهم أقرب الى الخلاص بانتظار الموت بحكم السن فقط .. فمشكلة الشباب أيها المحترمون لا يجوز أن يتم اختزالها على هذا النحو المخل .. ولا يجوز تناولها على هذا النحو المزري بنا جميعا وليس بالشباب وحدهم ..
-ثانيا . ينبغي أن تعلموا أن الشباب أذكياء ..واذكى مما يتوقع المتذاكون .. فهم يرقبون المشهد ويقفون على تفاصيل الواقع المؤلم بطريقة لا يتوقعها الممثلون ، ولو قدر للمسؤولين أن يسمعوا بطريقة غير انتقائية وبدون تلقين السؤال والجواب لأغلبية الحضور ، والكلام المكرور ..لكان الأمر مختلفا قليلا ...
- ثالثا ..الوجه الأبرز للمشكلة هي البطالة المرعبة التي تشكل جيشا عرمرما يزيد عدده عن المليون شاب ..أي ما يقارب عدد الجيش الروسي ويزيد .. وهو بزيادة سنوية تزيد عن 150 الف شاب ، وعبر متوالية متزايدة أشد رعبا لمن ينظر أكثر بعدا من أرنبة أنفه .. والمشكلة الأشد رعبا أنه ليس هناك حل .. على الاقل في المدى المنظور ،ومن خلال الكلام المسموع والمقروء ...وأن الحكومات لم تستطع حتى الآن أن تهتدي الى حل إن كانت تبحث عنه أصلا ...
- رابعا . إن هذا الواقع المؤلم والمستقبل الأشد ألما يجعل الشباب غير قادرين على تلقي الخطاب السياسي والتفاعل الجاد مع الثرثرة والتنظير حول الأحزاب السياسية تحديدا وما شابه ..فالذي لا يجد حق رغيف ساندويش فلافل ، ولا أجرة تكسي بعد تخرجه من الجامعة ، ومكوثه سنتين وثلاث وست سنوات من الانتظار والبحث والتوسط عن كل النواب والكبار والمتنفذين وليس هناك فرصة عمل تلوح بالأفق ..فلن يملك هذا الخريج ترف الجلوس في محاضرة أو ندوة تنظير عن الإنخراط في تشكيل أحزاب سياسية بلا تجربة ولا تمويل ولا أدوات تمكين .. وقد أمضى 25 سنة من عمره وأكثر في جو يحرم عليه التلفظ بكلمة حزب على لسانه .. لأن ذلك يحرمه من دخول الجيش ، والدرك ،والأمن ،والمخابرات ،والدفاع المدني، ومقاعد المكرمة الملكية في الجامعات ، ووزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية ، ووزارة الداخلية والحكام الاداريين، والجوازات، والقضاء، والاذاعة، والتلفزيون وهيئة النزاهة ، والمركز الوطني لحقوق الانسان ، وديوان المحاسبة، وديوان الموظفين ، والديوان الملكي، والهيئة المستقلة للانتخابات ، والمطار والميناء والحدود ، بالاضافة الى عدم التوظيف في دول الجوار وفي الاغتراب .....
......السؤال الكبير يا معشر الرؤساء والمنظرين ومديري الندوات ومنسقي الحوارات وكبار الاعلاميين وكتاب الأعمدة في الصحف وكل من أخذ منح ومساعدات وفند لمساعدة الأحزاب .. ما الذي يجعل الشباب يأتون الى الأحزاب ؟!..وأين سيعيش شباب الأحزاب..؟! وعلى أي كوكب تريدونهم ..؟! اذا كان كل تلك المواقع محرمة عليهم !!
-خامسا . نأتي الى السؤال الختامي ..ما هو الحل إذن..؟
الحل يأتي عبر منظومة إصلاح متكاملة وغير مختلة وغير متناقضة .. فاذا أردنا التحول نحو نظام سياسي حزبي ..فينبغي أن تكون الاستدارة كاملة ..بحيث يتم تشكيل الحكومة من الحزب أو التحالف الحزبي الذي يحوز على أغلبية المقاعد .. والحكومة تتولى إدارة شؤون الدول بكل مجالاتها حسب الدستور .. وعند ذلك لم يعد أي باب مغلقا أمام الأحزاب .. ويمكن النص فقط على الجيش والقضاء بعدم الجمع بين قيادة الحزب وقيادة هذه المواقع ..
أما الفكر السياسي فلا سلطان لأحد عليه سوى رب العالمين .. ولا يجوز منع أي مواطن من تسنم أي موقع في الدولة لفكره أو رأيه السياسي او الحزبيى..
والامر الآخر ضرورة اتباع البديهية القائلة بعدم ممارسة أي وصاية من أحد على الأحزاب ولا التشكيك بانتمائها الوطني أو إخلاصها للدولة .. ولا يملك أحد ممارسة التنظير أو إصدار الأحكام عليها ..الا عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات العامة ..
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/22 الساعة 19:09