هل الدور التنموي مطلوب من البنك المركزي؟

عصام قضماني
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/18 الساعة 02:04

من المعروف أن الدور الأساسي للبنوك المركزية يتمحور، بشكل رئيس، حول هدف السيطرة على معدل التضخم، وتحقيق الاستقرار النقدي بشكل عام من خلال إدارة أدوات السياسة النقدية المعروفة. هذا الدور التقليدي لم يعد الدور الوحيد الذي تقوم به البنوك المركزية، فالمُتتبع لإجراءات وتدخلات البنوك المركزية في مواجهة الأزمات التي تعرض لها العالم في العقد المُنصرم، كالأزمة المالية والاقتصادية العالمية عام 2008، ومن بعدها وباء كورونا، ومن ثم الحرب الروسية الاكرانية، يلحظ بوضوح أن هذه الإجراءات والتدخلات أوجدت أدواراً للبنوك المرك?ية ليست مُعتادة، ولم تكن في أجندتها مثل تحفيز النمو ومكافحة البطالة. وهو ما يدفعنا لطرح تساؤل هل كان هذا التوجه صحيحاً؟ أياً كانت الإجابة على التساؤل إلا أنه في الحقيقة لا أحد يُنكر منا أن وجود هذه الإجراءات والتدخلات كان ضرورياً للخروج من تداعيات تلك الازمات بأقل الخسائر، خاصة في ظل محدودية الحيز المالي في كثير من الدول.

في الأردن كان البنك المركزي يقوم بدور انمائي في الاقتصاد الوطني مُنذ المراحل الأولى لتأسيسه وكان ذلك من خلال تحفيز البنوك، لا سيما في فترة السبعينيات والثمانينيات، على توجيه التسهيلات لأغراض التنمية والاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي، وذلك بعد ذهاب السواد الأعظم من هذه التسهيلات لأغراض استهلاكية مثل تمويل السيارات والمنازل والقروض الشخصية وكان هذا واقعا فرضته الظروف على البنوك على طريقة " الجمهور بدو هيك"، ناهيك أيضاً عن عدم وجود قيود آن ذاك تمنع البنك المركزي من توفير التمويل للحكومة. البنك المركزي س?هم أيضاً خلال مسيرته في تقديم العديد من المبادرات التمويلية بأسعار فائدة مُيسرة قد يطول الحديث عنها في هذا المقام، هدفت في جلها إلى تنشيط القطاعات الاقتصادية، وخلق فرص العمل، لا سيما في المشاريع المُتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر. صحيح ان البنك المركزي مارس هذه البرامج من خلال البنوك، كما حصل في برنامج البنك المركزي لدعم القطاعات الاقتصادية الحيوية، وبرنامج دعم الشركات المُتوسطة وصغيرة الحجم الذي استحدثه خلال جائحة كورونا، إلا أن البنك المركزي كان المهندس لتلك المُبادرات والتي دفعته لتوفير مئات الملاي?ن من الدنانير لإعادة تمويلها عبر البنوك من خلال هذه المُبادرات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم القطاعات الاقتصادية، وهو ما قد يتقاطع مع أهم مهمة للبنك المركزي في السيطرة على التضخم، ومن يدري قد تدفع الضغوط البعض إلى مطالبة البنك المركزي في التوسع في هذه المُبادرات التمويلية لتشمل شريحة أوسع من القطاعات لا سيما ما يقع منها تحت مظلة الاقتصاد الجديد،لا بل قد يذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك ويطالب البنك المركزي بفتح خزنة الإحتياطي من العملات الأجنبية باعتبارها مالا فائضا يجب أن يستغل لتحقيق النمو وتمويل ال?شاريع!!!
خلاصة القول أن توسع البنك المركزي في مهامه التقليدية لفترة من الوقت او لظرف محدد لتحقيق أهداف تنموية هو استثناء وليس قاعدة، وهذا التوسع بدأت تعود عنه معظم البنوك المركزية تدريجيا وهذا ما دعت اليه المؤسسات المالية الدولية ومؤسسات التصنيف الائتماني، فعلينا أن لا ننسى أن الدور الأساسي للبنك المركزي هو الحفاظ على الاستقرار النقدي!.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/18 الساعة 02:04