'العطارات' مرة أخرى
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/13 الساعة 01:18
يرى الكثيرون أن مشروع "العطارات" مشروع ريادي بامتياز، ويأتي استجابة للإستراتيجية الوطنية للطاقة، ويلبي تطلعات المملكة في تعزيز الأمن الإستراتيجي مع تنويع مصادر الطاقة للأردن، بالاعتماد على موارد ذاتية، وأنه سيساهم بأكثر من 23 % من الاحتياجات الإجمالية لتوليد الكهرباء، ناهيك عن كونه نافذة استثمارية مهمة من خلال وجود شركاء أجانب يديرون المشروع كاملا، ومساهمته الكبيرة في التوظيف وتوطين تكنولوجيا حديثة.
هذا كله كلام صحيح ولا غبار عليه، ويجب أن يوظف المشروع بشكل واضح لصالح الأردن والمستهلك، من حيث انعكاس مردود مشروع "العطارات" على التعرفة الكهربائية من جهة، وتلبية جميع احتياجات القطاعات المحلية والتقديرية المستقبلية من جهة أخرى.
اليوم هناك إشكالية كبيرة حول "العطارات"، والقضية برمتها موجودة لدى التحكيم الدولي الذي لجأت إليه الحكومة بعد أن فشلت في مفاوضاتها مع الائتلاف المستثمر لتعديل بند شراء الكهرباء منه، نظرا لأن الحكومة اعتقدت أنه غير عادل، ولا يتناسب مع أسعار الشراء الحالية، لذلك استندت في دعواها إلى ما يعرف بالغبن الفاحش.
لجوء الحكومة إلى التحكيم هو حق منصوص عليه في اتفاقية "العطارات" أصلا في حال وجود نزاع، ولا يعيب الحكومة ذلك طالما أن الموضوع يتعلق بالمصلحة العامة لتقليل كلفة الشراء التي ستنعكس على المواطن والخزينة معا.
لكن من حق المواطن أن يطرح مجموعة من الأسئلة حول الأسباب التي أدت إلى هذا الشكل النزاعي لهذا المشروع، ومن يتحمل مسؤولية المشهد الراهن.
في البداية، لابد من التوضيح أن مشروع العطارات هو ملك للقطاع الخاص، بواسطة ائتلاف صيني-ماليزي-إستوني، وقروض المشروع هي على الشركة لا على الحكومة، والقضية منظورة حاليا في هيئة التحكيم الدولية في باريس، ولم يصدر أي حكم فيها كما يشاع.
ومن المتوقع أن يصدر الحكم النهائي في الربع الأول من العام المقبل.
وفي أسوأ السيناريوهات الممكنة، وهو صدور حكم ضد الحكومة لصالح المستثمر الصيني-الماليزي-الإستوني، فإن القرار حينها يعني أن الحكومة ملزمة بتنفيذ اتفاقية العطارات كما اتفق عليها، بشراء الكهرباء بتعرفة 11.8 قرش لكل كيلو واط تقريبا، وهو ما يعني أن الخزينة ستدفع سنويا ما يزيد على 200 مليون دينار تقريبا لقاء ثمن هذه الكهرباء، سواء أنتجت أم لم تنتج، لمدة 30 عاما.
إلى حين صدور القرار، فإن الحكومة ملزمة بالصمت، كما هو الحال بالنسبة للائتلاف المستثمر، فالقضية أمام القضاء الدولي، والخيارات أمام الحكومة محدودة للغاية.
وفي حال انتصارها في المعركة القضائية، سيتم تعديل التعرفة بنسب قد تصل إلى حوالي 30 %، وفي حال الفشل، ستكون ملزمة بالشراء بالسعر المتفق عليه وتنفيذ الاتفاقية بالكامل.
في النهاية، الحكومة مطالبة، مع نهاية هذا الملف في العام القادم وبغض النظر عن النتيجة، بعدم ترك المشروع هكذا دون أن يكون لها مساهمة فيه، والمقصود هنا أن تتقدم الحكومة بعرض لشراء حصة في المشروع، مع كشف صريح للشارع حول كيفية إنجاز هذه الاتفاقية والإجابة بكل شفافية حول اللغط كله الذي شاب القضية.
ومن المطلوب أيضا اتخاذ إجراءات فاعلة ضد أي شخص ثبت تقصيره - إن حدث فعلا - في إعداد هذه الاتفاقية، أو شرح الظروف التي دفعت الحكومات للمضي قدما فيها في ذلك الوقت بشكل نزيه وصريح، مع توضيح واف للأبعاد المالية للمشروع، وآثاره على المواطن والخزينة معا.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/13 الساعة 01:18