الإدارة الاستراتيجية.. واقع أم خيال ؟!
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/12 الساعة 10:12
مدار الساعة - كتب: المهندس خالد بدوان السماعنةالإدارة الاستراتيجية .. هذه العبارة الكبيرة المظلومة والتي وقعت تحت ضغط من يرددونها وهم لا يحسنون فهم محتواها و/ أو لوازمها.ولعل اصعب مافي الإدارة الاستراتيجية هو فهم طبيعتها ومايشكل مؤثرا عليها ومحددا لنجاحاتها .. وضرورة فهم أن النجاح في إيجاد إدارة استراتيجية يعني صدور قرار استراتيجي، وبالتالي حدوث تغيير استراتيجي.والسؤال المهم هنا: إلى أي مدى أثرت وتؤثر العولمة، والابتكار والاستدامة على نجاح الإدارة الاستراتيجية؟.او لاجعل السؤال على النحو التالي:من لا يعي حقيقة معنى "العولمة والابتكار والاستدامة" فكيف له أن يفهم أثر هذا (الثلاثي المرح) على الإدارة الاستراتيجية، وبالتالي كيف سيكون حريصاً على جعلها في حساباته عند حديثه عنها فضلا عن ان يمارسها؟لا ريب في أننا بتنا ضمن شبكة عالمية مترابطة، وأضحى من المفروض على أي منظمة عامة أو خاصة وضمن هذا الواقع السعي لتحقيق التكاملية بين المجتمعات والاقتصاديات المختلفة حتى تكون ضمن مصاف المنظمات المتميزة، ولتنطلق في المضمار بكل طاقتها وبنجاح.وكل من لم يدرك ذلك واقعا لا دعوى فسيبقى تفكيره محصورا في مجسم ثنائي الأبعاد .. ثم يأتي يتشدق بالحديث عن الإدارة الاستراتيجية!!أما موضوع الابتكار فإنه إن لم يكن رديفا ولاعبا أساسيا في العملية الإدارية فقل على المنظمة السلام أو بلفظ آخر: كبر عليها أربعا !!والمراد بالابتكار هنا أن تأتي العقول بما يقوم بتطوير الأداء على نحو لم يكن سابقآ. ومن المهم جدا أن يعي الجميع قضية كون الابتكار ليس مخصوصا بالسلع، بل يشمل كذلك أساليب الإدارة.من الشركات الرائدة في مجال الابتكار الإداري "شركة تويوتا" والتي اعتمدت في ذلك على ذكاء عامليها فلم تعتمد الأسلوب التقليدي في إدارة العمليات التشغيلية بل تفننت في خلق كل ماهو جديد.وتظهر الحاجة الملحة إلى الابتكار الإداري حين تواجه المنظمة مشكلات مستعصية فيتجه العقل إلى منهج جديد في التفكير لحل المشكلة.العبقرية الاستراتيجية تظهر حين وضع أهداف مميزة تضمن نجاح العمل. لكن هنا قضية غاية في الأهمية وهي: لايمكن أن نحكم بالتميز على هدف! ما لم يكن واقعيا ! خاصة أن فقدان وصف الواقعية عن الأهداف مؤشر واضح على عدم استمرارها وبالتالي استمرار المنظمة (الاستدامة).فمثلا .. لامكان للاستدامة في إدارة استراتيجية تفتقر إلى المال الكافي !! فمن الطبيعي والحالة هذه أن يحصل فشل ! وفشل ذريع ! ليصبح من الضرورة بمكان أن تعيد هذه المنظمة النظر في اهدافها و رؤيتها من جديد.وهذا يعني أن الإدارة الاستراتيجية مرحلة أو خطوة لاحقة لمراحل أو خطوات سابقة لابد من المرور فيها وتحقيقها، فمثلا التخطيط المالي خطوة أولى ضرورية جدا قبل الحديث عن إدارة استراتيجية! او حتى حديث الإدارات العليا عن أي مشروع !. فبعض الشركات قد يلجأ إلى فتح فروع اخرى دون أن ينتبه أصحاب القرار فيها إلى أن احتياجات هذه الفروع لم يتم وضعها ضمن حسابات الموازنة بذلك العام. ! فتحدث الفجوة المالية والمآزق في سلاسل التوريدكما لا يجوز أن يتم تجاوز مرحلة تقييم وضع المنظمة الحالي !! فقبل الحديث عن تطوير استراتيجية الإدارة في أي منظمة لا بد من تقييم وضعك الحالي والتنبؤ بآلية تغير هذا الوضع خلال فترة التخطيط الخاصة بالمنظمة.نعم .. فالتنبؤات الجيدة تعني قدرة أكثر على تحديد أهدافك الاستراتيجية. بل تعني خلق استراتيجية جيدة.ولست أدري كيف يمكن ايجاد تنبؤات وتوقعات جيدة في غياب التواصل مع الشركاء! واصحاب المصالح! وحتى العاملين التشغيليين! ومتى ماقامت المنظمة بجمع المعلومات من تلك المصادر ورأت أنها متجانسة ومتناسقة فيما بينها فسيكون لديها تنبؤ نوعي وجيد. لكن متى كان هناك اختلافات كبيرة وتناقضات كثيرة فهذا يعني ضرورة اللجوء إلى مصادر اخرى إضافية بما يضمن زيادة موثوقية التوقعات.واخيرا - وللحديث بقية - فإن المرونة التي يتم وضعها في الحسبان للتعامل مع أي تغيرات مفاجئة في البيئة المجاورة للمنظمة يعني الفرق بين الموت والحياة ! البقاء ام الزوال !الحديث ذو شجون .. والإطالة ليست هدفا .. لكن لعل الله أن يرزقنا الوقت وهدوء النفس لاستكمال الحديث.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/12 الساعة 10:12