جيل التحديث السياسي

محمد جمعه الخضير
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/07 الساعة 12:24
يشهد الشباب الأردني ولادة مرحلة جديدة بالعمل السياسي في بواكير مئوية الدولة الأردنية الثانية حيث اكتملت نصوص الإيذان ببدئها بعد ما ترجمت مخرجات مشروع التحديث السياسي إلى قوانين وأنظمة (قانوني الانتخاب والأحزاب) ونظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي
ليؤكد إقرار التشريعات على مصداقية المشروع المعزز بإرادة تبدوا أكثر صلابة وعمق من المحاولات التي سبقتها مثل "الأجندة الوطنية - ولجنة الحوار الوطني" .سيما أنه سبق ذلك إطلاق الأوراق النقاشية التي أدت دوراً مهماً في تهيئة المناخ العام لمشروع التحديث السياسي من خلال التفاعل الواثق بالرغبة في التغيير بما أشاعته دعوتها لنقاش من روح إيجابية خصوصاً في أوساط المهتمين بالشأن العام ، لا سيما انها تكونت من سبع أوراق نقاشية تناولت أسس بناء الديمقراطية وتطوير النظام الديمقراطي وتناولها تطوير واصلاح قطاعات مهمة من أهمها التعليم....ويعود ذلك في تقديري لتقدمية الأفكار والرؤى التي طرحتها الأوراق النقاشية من مرتكزات فكرية وتصورات توضح أهمية مشروع الإصلاح السياسي والتعددية السياسية، والعلاقة بين الدولة والمواطنين، وتأكيدها الواضح على أن سبل التمكين الديمقراطي ، يتحقق من خلال إيجاد أحزاب وطنية وبرامجية فاعلة" .ويفهم من فحوى ذلك الرغبة المراد أن يكون عليها شكل ملامح صورة ما ينبغي أن يكون عليه مستقبل الأردن في مئويته الثانية.ويعلق الأمل في نجاح مشروع رؤية مستقبل "أردن المئوية الثانية" على جيل التحديث السياسي من خلال استجابته وتقديره لقيمة ما يحمل خطاب المستقبل لهم وما يخاطب فيهم من بنية تكوينه بكل ما صيغ فيه من رسائل تحفزهم وتحاول أن تخلق فهما واعياً مشتركا على ضرورة الاستجابة لخطاب المستقبل المعني فيه الشباب والهادف إلى إشراكهم في الحياة السياسية لما هيئ من مناخات جعلته أكثر مواءمة من مرحلة ما قبل عقد ونيف من الزمن الذي شهد مشاركة جزء كبير من الشباب سواء أكان فاعلاً أم مشاركا أم شاهداً على نشأة هوية جيلية عبر عنها الربيع العربيالذي عمل على نقلهم بعقل الساسة الكهول إلى الفاعل الأكثر تأثيراً بعد ما زج فيهم من صورة نمطية ذات صبغة كرنفالية، جرى العمل على حصرها بقضايا هامشية على مسرح حق العيش الكريم من وقت الفراغ والرياضة وبعض الأنشطة التطوعية، في سياق يطوي سنوات من سياسات التهميش التي برهنت الهوية الجيلية على فشلها لخلوها من توجيه بوصلة الشباب نحو أن يأخذ دوره الطبيعي في العمل السياسي، عوضاً عما تم من تقييد وتغييب للوعي بقالب من السياسات التي كان مرادها أن تعزلهم عن المشاركة في تقرير مصيرهم وتتركهم لأيام لا تعذرهم من أن يتأثروا بنتائج ما صنعته عباءة وصاية الكهول على مستقبلهم الذي صرخت من آثاره نسب الفقر والبطالة الأعلى تاريخيا في صفوفه . ...فكان الربيع وما حمله من خريف ليس بالمناخ الأمثل والمحفز لعموم الشباب على اختلاف بيئاتهم وخلفياتهم الثقافية والاجتماعية أن ينخرطوا في العملية السياسية لأسباب موضوعية وأخرى معيارية يدور جلها حول ثناية الأمن والحرية من جهة، وطبيعة التباين الجيلي بالأفكار والمفاهيم ورؤية الواقع ما بين القوى الشبابية الصاعدة من الحراك والنظام من جهة أخرى، إضافة إلى اختلاف أدوات التفاعل بين جيل السوشيال ميديا وجيلٍ نشأ على التأثر بالأدوات التقليدية والمعرفة الموجهة، فكان أن حدث فيه من السمات الكثير، ومن أكثرها بروزاً التباين الجيلي وانحصار العدالة الاجتماعية وتضييق المجال العام.وبعد أن مضى أكثر من عقد على خروج الشباب من الصورة النمطية وتقويض توظيفهم كديكور في الخطاب الرسمي إلى فاعل مهم وعامل حاسم يحسب له ولأدواته وثقافته الأممية الغير قابلة للحصر والتوجيه الكثير،فأتى مشروع التحديث السياسي ليحل جيل التحديث بيده الممدودة لمن كان فاعلاً أو شاهداً، ومن شب بعد ذلك أن يشارك في صناعة أردن المئوية الثانية كخطوة رائدة فيها من مسببات بعث روح حياة سياسية يعوّل أن يحظى فيها الشباب بفرص كبيرة تبدأ من المناخ المحفز والمحصن قانونياً والمعزز بضمانات ملكية
مدار الساعة ـ نشر في 2023/07/07 الساعة 12:24