ردا على الكاتب عبدالسلام الطراونة.. ارحموا وصفي..

محمود الدباس
مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/24 الساعة 10:59
بعد التحية.. لقد قرأت مقالتك المعنونة ب "يا رئيس المخفر....." بعناية شديدة.. وكم اثارت شجوني كما هو الحال لكل من قرأها.. ولن ادخل في تحليلها.. فقد كفيت ووفيت.. وكانت واضحة كالبدر في كبد السماء..
لست من ذاك الجيل الذي عاصر شهيد الوطن.. لكي يسمع ويرى افعاله مباشرة.. ولكنني ممن سمع من اناس مقربين منه.. وممن قرأ لاشخاص نبشوا اوراقه المعلنة والسرية منها.. فلم يزدنا الا تغني بهذا الرجل المحب لوطنه.. والعاشق لفلسطين.. والمتألم لوضع العرب.. ولست ممن يطلقون على انفسهم ب "الوصفيون".. ولست ممن يؤمن بان الاردن يخلوا من امثال وصفي.. ولكن كما يقال الرجال مواقف.. ونحتاج رجال المواقف.. لا رجال ربطات عنق مشدودة.. وايدي مرتجفة..
استاذي الفاضل.. اكتب هذه الكلمات لانني اعلم ان الميت يشعر.. والشهداء احياء عند ربهم.. ونحسب هذا الرجل الوطني انه شهيد حي عند ربه.. فقد عاش متألماً لهموم الاردنيين.. وكان متابعا لقضايا الامة.. ولم ينعم براحةِ المواطن البسيط.. فلم ينم على الوثير من الفراش.. فقضى عمره وهو غير مرتاح.. ونكملها عليه وهو في قبره بالمناداة عليه صبح مساء.. في الندوات والمقالات والجلسات.. فهل نرحم هذه الروح؟!..
كم كنت اتمنى ان نوزع همنا ومناداتنا على اناس مع وصفي.. لكي نخفف عنه ألم قلة حيلته ليفزع لنا من تحت التراب.. ولكن هذا قدرنا.. فكأني ارى حكوماتنا أصبحت عاقرة.. فلم تستطع ان تنجب غيره من اصحاب المواقف والشجاعة الوطنية..
ومن خلال هذا الرد اناشد جلالة الملك.. بان يا سيدي لا تأخذك رافة في كل مسؤول لا يكون اكبر مكانة ووعياً وفهماً وقوة وشخصية من كرسيه.. ونحن المواطنين سنكون سعداء فخورين حين نسمع عن اقالة مسؤول رفيع ولو بعد شهر او شهرين من تعيينه..
وكم سنكون يا سيدي سعيدين اذا سمعنا عن رئيس وزراء يتم تكليفه.. بانه طلب صلاحيات او اشترط اشتراطات لكي يقبل بهذا الامر.. لا ان يكون همه وضع علم الاردن على "بوز" سيارته.. وترافقه سيارات الحراسة.. وتفتح له الطرقات..
وكم ستكون سعادتنا غامرة.. اذا سمعنا وراينا خطة عمل رئيس حكومة مكلف.. قبل تعيينه بشكل رسمي.. لكي نعلم جميعا ماذا سيفعل في الملفات التي تنتظره.. ومدى فهمه ودرايته لما هو مقبل عليه.. حتى تتم محاسبته عليها.. لا ان يأخذ نصوص كتاب التكليف السامي ويقوم بالرد عليها بتلك الجمل الانشائية الفضفاضة التي حفظناها.. وبالتالي سيختبئ تحت عباءة الملك وكتاب التكليف السامي..
سيدي لقد تجنى كثير من المسؤولين على الاردنيين.. فليتهم بقوا على ظلم الاردنيين في المكاسب.. وبفسادهم الاداري والمالي.. والتوريث في المناصب.. فهذه امور قد نجد لانفسنا عزاءً تحت بند القسمة والنصيب.. واللي الك الك.. بل زادوا في تجنيهم وظلمهم حتى اصبحوا يعاملون الاردنيين وكانهم اطفال سذج.. فهذا يكذب في تاريخه القريب.. وذاك ينفي حقائق دامغة.. ومنهم من يتلاعب بالالفاظ ظانا اننا لا نعي بواطن المعاني.. ولا انسى طريقة جلستهم المتعجرفة.. او غير الابهة بمن هم امامهم ويشاهدهم.. وللاسف هم يعلمون ان الاردني لا يعيبه فقره.. وانما يعيبه ان تعامله معاملة الصغير الذي لا يدرك.. وان لا تنظر له بانه العاقل الوازن الواعي المتبصر في كل همسة وحركة وايماءة..
في الختام اقول.. رحم الله شهيد الوطن وصفي التل.. وسامحك الله ايها الاستاذ عبدالسلام الطراونة الذي جعلني اؤجل مقالة لمعاناة شخصية.. اردت الفضفضة فيها عن نفسي.. فكتبت هذه على عجل..
مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/24 الساعة 10:59