ازمة الاعلام في الاردن.. وغياب المساءلة

بلال حسن التل
مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/19 الساعة 23:12
لا تقتصر الآثار السلبية لازمة الإعلام في الأردن، والتي نتحدث عنها منذ عقود، على العاملين بالإعلام فقط، ولكنها تمتد إلى المجتمع كله، فالضحالة التي يتصف بها بعض الإعلاميين ثقافيا ومعرفيا، تنعكس ضحالة وسطحية بما يقدمونه للناس، كما أن غياب المهنية عند بعضهم، والاستسهال المسيطر عليهم جعل هؤلاء يستسهلون كل شئ، خاصة في ظل غياب المساءلة، وزاد من ممارسةالاستسهال اعتماد سياسة البث على مدار الساعة في وسائل الإعلام المرئي والمسموع، مما أوقع بعض العاملين في هذه الوسائل تحت سيف الوقت فتراجع الاعداد الجيد، كما تراجعت دقة الاختيار، وحلت محلهما الثرثرة، التي زاد من آثارها السلبية، ان وسائل الإعلام ولإضافة نوع من المصداقية على هذه الثرثرة،صارت تطلق على من تستضيفهم لممارسة هذه الثرثرة، صفاتا والقابا ليس لها سند عند الكثيرين من الذين تطلق عليهم هذه الصفات و الالقاب، ومنها صفة خبير وخبير استراتيجي، ومحلل ومحلل استراتيجي، وقد صار بعض هؤلاء ضيوف شبه دائميين على هذه القناة او تلك القناة من القنوات المرئية والمسموعة، والغريب ان هؤلاء يتحدثون بكل شيئ في السياسة والاقتصاد والتعليم والاجتماع، وبكل مايطلب إليهم ان يتحدثوا به، فقد صار الأمر استسهلا وادمانا، ولا يحتاج جهدا او اعدادا، لا من معد البرنامج أو رئيس تحرير الاخبار، ولا من من يسمونهم خبراء، ومما اذكره في هذا المجال انني كنت ومجموعة من الأصدقاء نتجاذب اطراف الحديث حول قضية ساخنة في تلك الأيام، عندما أنضم إلينا واحد من خبراء الشاشات، فسالنا عن القضية التي لم يكن سمع عنها شيئا، وأثناء ذلك اتصلت به إحدى القنوات التي اعتادت ان تستظيفه كخبير، فانطلق يحلل ويستنتج ويتوقع بكلمات و مصطلحات فضفاضه، بالرغم من اقراره قبل دقيقة بأنه لم يسمع عن هذه القضية شيئا.
خطورة هذا النفخ لبعض هؤلاء الذين تسميهم وسائل الإعلام خبراء، انهم يصدقون أنفسهم فيمارسون دور الخبير والمعلم في محيطهم ومع من يتعاملون معهم. وهذه احدى النتائج السلبية لغياب المعايير والمقاييس والصفات والشروط عند بعض العاملين بالإعلام في الأردن، التي يدفع ثمنها المجتمع.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/19 الساعة 23:12