مهنية عالية وإدراك شامل لحديث الفريق محمود فريحات

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/02 الساعة 10:48
أ.د.أمين المشاقبة إن ثقة الشعب الأردني بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية هي ثقة منقطعة النظير، فالبنى الاجتماعية الأردنية تمثل الخزان الذي لا ينضب للمؤسسة العسكرية وغيرها من الأجهزة، والأحداث المتعددة بينت مدى صلابة الجبهة الأردنية وترابطها مع تلك المؤسسات، وما تحدث به الفريق الركن محمود فريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة يبعث على التفاؤل وتطمين الشعب الأردني عن الوضع الحالي واحتمالات المستقبل على الحدود الأردنية والإقليم عامة. وباعتقادنا أنها خطوة متميزة ورؤية متقدمة بأن توضح بعض المسائل الشائكة بمهنية محترفة، التي لا يعرفها المواطن الأردني، ورسالة عالية في الجاهزية والاستعداد لكل خطر محدق بالوطن والدولة.
إن الوضوح في الطرح والشرح والتحليل يدلل على ثقة واتزان وفهم عميق ومهنية واحترافية عاليتين لرئيس هيئة الأركان، فالمقابلة مع تلفزيون بي بي سي باللغة العربية جاءت على محاور رئيسية وأساسية تتعلق بالموقف والفهم والإدراك الأردني لما يجري، وهناك تداخل بين ما هو عسكري استراتيجي مع ما هو سياسي والعكس صحيح.
إن المحور الأول، يستند على الاطلاع الكامل بدقائق الأمور لما يجري على الساحة السورية والإقليمية، فالأردن بمؤسساته العسكرية والأمنية يعرف تفاصيل التفاصيل ويعي بدقة معطيات الحالة وآليات التعامل معها وماهية احتمالات المستقبل وكيفية التعاطي معها بوجود بدائل عديدة تضمن أمن واستقرار الأردن وشعبه العظيم، وهذه احترافية ومهنية عالية لدى المؤسسة العسكرية.
أما المحور الثاني فيتعلق بموقف الأردن من الإرهاب، فالمملكة هي جزء من التحالف الدولي في مكافحة الإرهاب، واجتثاث جذوره، وأن الدور مستمر وقائم حتى ينتهي الإرهاب والإرهابيون من المنطقة برمتها.
والمحور الثالث لمقابلة رئيس هيئة الأركان المشتركة يتمثل بالموقف الأردني من النظام السوري القائم، حيث أن الأردن لا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول عموماً وسوريا خاصةً، حيث أنه يوجد اتصالات بين ضباط الارتباط الأردنيين والسوريين، لتنسيق بعض المواقف ذات الطابع العسكري والأمني، وحيث أنه لا توجد قوات نظامية سورية على الحدود مع الأردن، زاد من العبء والضغط على القوات الأردنية المسلحة التي تحمي حدودنا الشمالية والشرقية، مؤكداً على عدم إمكانية فتح الحدود والمعابر إلا إذا سيطرت القوات النظامية السورية على جانبها.

وهذا يعني أن المملكة لا تمانع من فتح الحدود والمعابر شريطة توفر قوات نظامية في الجانب الآخر، مما يدفع على القول إنه لم تنقطع الاتصالات مع الجانب السوري النظامي، والعلاقات الدبلوماسية قائمة بوجود تمثيل دبلوماسي بين البلدين، فالأردن منذ بداية الأزمة السورية لم يعمل أو يقيم فعلاً معادياً ضد النظام السوري، فالعلاقات السياسية والدبلوماسية ما زالت قائمة، وأن التواصل مع بعض القوى المعارضة هدفه استخباري بحث.
أما المحور الرابع، فهو يتمثل بتدريب بعض الأفراد من العشائر السورية القريبة من الحدود الأردنية، حيث أن هناك تداخلا اجتماعيا وهدفا للتدريب هو محاربة القوى المتطرفة والإرهابية، وبالذات محاربة داعش وأخواتها وفصيل خالد بن الوليد المتطرف على حدودنا وليس الهدف من هذا الدور أو التدريب أو الإسناد النظام السوري القائم وإنما قوى الإرهاب والتطرف والشر على حدودنا الأردنية، فالهدف الأردني يتمثل بمحاربة الإرهاب أينما كان وحيث أن المملكة جزء من منظومة التحالف الدولي والأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب والتطرف. وفي هذا السياق فهناك قلق أردني من تصرفات الحشد الشعبي وأهدافه في الوصول إلى سوريا ومن ثم إلى لبنان ليشكل هلالاً شيعياً وهذا ما حذر منه جلالة الملك العام 2004.
وعليه، فإن المحور الخامس يتمثل بحالة التفاؤل في انتهاء داعش، إذ أن هناك تقدماً ملموساً وواضحاً إذ خسرت داعش نحو 60% من الأراضي التي تسيطر عليها في العراق و35% من الأراضي التي تسيطر عليها في سوريا، وخسر من قواه البشرية ما يقارب 25% بالإضافة إلى 50% من قيادته ومخططيه، وعليه فإن احتمالات القضاء على داعش واردة بشكل كبير مع قدوم عام 2017.
وفي مجال تقييم هذه المقابلة فإن شخصية محمود فريحات هي شخصية متميزة ولديه اطلاع كامل ومعرفة دقيقة بكافة الأمور ذات الطابع الأمني، وتدلل على إدراك عميق بمعطيات القضية ولديه رؤية استشرافية للاحتمالات القادمة من وجود بدائل واحتمالات أحدها الجبهة الجنوبية، وبكل الأحوال فإننا نعتقد بأن قواتنا المسلحة على إدراك شامل بكل الأبعاد وجاهزية عالية، وقدرات متميزة في مواجهة أي احتمال للدفاع والذود عن حمى الأردن الغالي وشعبه العظيم، والحفاظ على أمنه واستقراره بشكل جاد ودائم.
وما لفت انتباهي بالأمس أحد كتاب الأعمدة الذي يضع السم في الدسم، حيث أن الكاتب لا يعي أن القضايا العسكرية والاستراتيجية ذات طابع سياسي، والعكس صحيح في عملية الترابط بين ما هو سياسي وعسكري، وبكل الأحوال ان التسامح هو ديدن الأردنيين جميعاً.
إن ما تحدث به رئيس هيئة الأركان المشتركة يتطابق مع الرؤى الملكية ولا يخرج عن ذلك، فالقائد العسكري لديه دوماً نظرة سياسية استشرافية لا يمكن إنكارها، وبكل الأحوال الشعب الأردني يقف وقفة واحدة متماسكة مع قيادته الحكيمة وقواته المسلحة والأجهزة الأمنية في دحر واجتثاث كل من تسول له نفسه الإساءة للأردن الوطن والدولة، ونحن في معركة متواصلة ضد الإرهاب والإرهابيين ومن يساندهم إلى يوم الدين. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/02 الساعة 10:48