حتى نكسر حاجز الوهم بين عامين
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/02 الساعة 01:26
بلال حسن التل
امس هو بداية عام جديد مثلما كان أمس الاول نهاية عام، وما بين العامين فاصل، وهمي افترضه الإنسان لتنظيم حياته ولاستثمار وقته، ووهم الحد الفاصل بين بداية عام ونهاية عام. ليس هو الوهم الوحيد الذي يعيشه الإنسان على هذه الأرض، ذلك أنه إذا تأمل كل واحد منا في مسيرة حياته فسيقوده هذا التأمل إلى أن حياته كانت مليئة بالأوهام، ومع ذلك تظل الحياة مستمرة ويظل كثيرون منا يستمرئون الوهم، خاصة عندما يتوهمون السعادة، كما في احتفالات كل رأس سنة، وما يرافقها من طقوس صاخبة عند بعض الذي يتوهم أن هذا الصخب سعادة بينما هو يحاول بناء جدار من الصخب بينهم وبين عناصر الشقاء التي عاشها في العام الذي يودعه، أو ربما أن بعضنا يحاول أن يغطي بهذا الصخب على ندمه، لأنه أضاع الكثير من الفرص، أو أنه أضاع الكثير من أيام حياته دون أن يحسن استثمارها، وهذا يذكرنا ببعض سلف أمتنا الذي كان إذا حلت بداية عام من أعوام عمره يستقبله ببكاء شديد، لأن عاماً انتهى من عمره، وهذا يعني أنه اقترب من النهاية المحتومة لكل إنسان، أعني بها «الموت» وساعة الحساب، فكان ذلك النفر من سلف أمتنا يخاف أن يصل إلى لحظة الحساب دون أن يكون قد استعد لها بالعمل الصالح، وبشرط الخلافة على هذه الأرض، وهو شرط إعمارها بالعمل الصالح وبما يفيد الناس، كل الناس على قاعدة «الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله» كما قال رسولنا محمد عليه السلام في أكثر من رواية لهذا الحديث.
امس بداية عام، وقد اعتاد الكثيرون منا أن يستقبلوا بداية كل عام جديد بالكثير من الأمنيات؛ والسؤال الذي يطرح نفسه هل يكفي الإنسان أن يتمنى؟ والجواب بالتأكيد «لا» كبيرة، فلو كان الأمر أمر أمنيات لما كان على هذه الأرض فقير أو تعيس أو مريض، لذلك كان العمل والأخذ بالأسباب شرطاً من شروط وصول الإنسان إلى ما يريده من هذه الحياة الدنيا، وهنا تبرز عظمة قوله تعالى في القرآن الكريم « يا أيها الإنسان أنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه» والكدح هنا وكما قال الكثير من المفسرين يعني العملين الدنيوي لتوفير أسباب النجاح في هذه الحياة الدنيا، والعمل الأخروي بهدف الفوز في الامتحان الأخير، بين يدي خالق هذا الكون، لتكون الحياة الأخرى أفضل من هذه التي نعيشها على هذه الأرض، وكلتاهما الحياة الدنيا والحياة الاخرة لا يمكن الفوز بهما بالتمني، وهو بالضبط ما أشار إليه أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال « وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤُخذ الدنيا غلابا»
وعندي أن مقتضيات العدل قضت بأن لا تُعطى الدنيا بالأمنيات، ذلك أنه لو ساد قانون الأماني لتساوى الخامل مع النشيط والمهمل مع المجد لذلك كان لابد من اقتران الأمنيات بأسباب تحقيقها، وأول ذلك العمل الجاد، وقبله حسن استثمار الوقت، فيما صار يعرف في عصرنا بإدارة الوقت، الذي عبر عنه الفكر الغربي بمقولة الوقت يعني المال، بينما سبق رسولنا محمد عليه السلام الحضارة الغربية في وضع معايير حسن استخدام الوقت بالكثير من الأحاديث ومنها قوله عليه السلام « لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه» ومن هنا فقد حث رسول الله على استثمار الوقت بالعمل المفيد، حتى آخر لحظة من عمر الإنسان لقوله عليه السلام « إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها»
ولأن الدنيا لا تؤخذ بالأماني، فلماذا لا نجعل من بداية لعام جديد مليء بالنشاط والعمل، وأول ذلك أن نخرج من حالة التلاوم، وجلد الذات، وشتم الواقع الذي تعيشه أمتنا، وذلك بأن يسأل كل منا نفسه: بماذ أستطيع المساهمة لتغيير هذا الواقع، الذي نتحمل جميعا مسؤوليته، ولو بالصمت والقبول بما يجري لنا وبنا، ولنتذكر جميعا أن التحولات الكبرى تبدأ بالفرد، ثم تتسع الدائرة من حوله لتشمل مجتمعه كله، فليبدأ كل منا بنفسه بأن يعاهدها بعدم الوقوف عند حدود اللوم وشتم الواقع، بل بأن يبدأ التغيير من نفسه، بأن يحسن الظن بالآخرين أولاً، ثم يحسن استثمار وقته بما يفيده ويفيد غيره، ثم يسأل نفسه
• كيف لا أكون طائفياً؟
• كيف لا أكون مذهبياً؟
• كيف لا أكون فردياً وأنانياً؟
• كيف أؤدي واجباتي بالتوازي مع مطالبتي بحقوقي؟
فلو استطاع كل واحد منا أن يتخلص مما يعانيه من عيوب، فإن ذلك سيكون عنصراً مهماً من عناصر جعل العام الجديد عام تغير فعلي، عندها سيكون الحد الفاصل بين عام مضى وعام جديد فاصلا حقيقيا بين مرحلتين في أعمارنا، وبدون ذلك سيظل الوهم سيد الموقف، وستظل الحياة مستمرة على ما فيها من عنت نعانيه كلنا الرأي
امس هو بداية عام جديد مثلما كان أمس الاول نهاية عام، وما بين العامين فاصل، وهمي افترضه الإنسان لتنظيم حياته ولاستثمار وقته، ووهم الحد الفاصل بين بداية عام ونهاية عام. ليس هو الوهم الوحيد الذي يعيشه الإنسان على هذه الأرض، ذلك أنه إذا تأمل كل واحد منا في مسيرة حياته فسيقوده هذا التأمل إلى أن حياته كانت مليئة بالأوهام، ومع ذلك تظل الحياة مستمرة ويظل كثيرون منا يستمرئون الوهم، خاصة عندما يتوهمون السعادة، كما في احتفالات كل رأس سنة، وما يرافقها من طقوس صاخبة عند بعض الذي يتوهم أن هذا الصخب سعادة بينما هو يحاول بناء جدار من الصخب بينهم وبين عناصر الشقاء التي عاشها في العام الذي يودعه، أو ربما أن بعضنا يحاول أن يغطي بهذا الصخب على ندمه، لأنه أضاع الكثير من الفرص، أو أنه أضاع الكثير من أيام حياته دون أن يحسن استثمارها، وهذا يذكرنا ببعض سلف أمتنا الذي كان إذا حلت بداية عام من أعوام عمره يستقبله ببكاء شديد، لأن عاماً انتهى من عمره، وهذا يعني أنه اقترب من النهاية المحتومة لكل إنسان، أعني بها «الموت» وساعة الحساب، فكان ذلك النفر من سلف أمتنا يخاف أن يصل إلى لحظة الحساب دون أن يكون قد استعد لها بالعمل الصالح، وبشرط الخلافة على هذه الأرض، وهو شرط إعمارها بالعمل الصالح وبما يفيد الناس، كل الناس على قاعدة «الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله» كما قال رسولنا محمد عليه السلام في أكثر من رواية لهذا الحديث.
امس بداية عام، وقد اعتاد الكثيرون منا أن يستقبلوا بداية كل عام جديد بالكثير من الأمنيات؛ والسؤال الذي يطرح نفسه هل يكفي الإنسان أن يتمنى؟ والجواب بالتأكيد «لا» كبيرة، فلو كان الأمر أمر أمنيات لما كان على هذه الأرض فقير أو تعيس أو مريض، لذلك كان العمل والأخذ بالأسباب شرطاً من شروط وصول الإنسان إلى ما يريده من هذه الحياة الدنيا، وهنا تبرز عظمة قوله تعالى في القرآن الكريم « يا أيها الإنسان أنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه» والكدح هنا وكما قال الكثير من المفسرين يعني العملين الدنيوي لتوفير أسباب النجاح في هذه الحياة الدنيا، والعمل الأخروي بهدف الفوز في الامتحان الأخير، بين يدي خالق هذا الكون، لتكون الحياة الأخرى أفضل من هذه التي نعيشها على هذه الأرض، وكلتاهما الحياة الدنيا والحياة الاخرة لا يمكن الفوز بهما بالتمني، وهو بالضبط ما أشار إليه أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال « وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤُخذ الدنيا غلابا»
وعندي أن مقتضيات العدل قضت بأن لا تُعطى الدنيا بالأمنيات، ذلك أنه لو ساد قانون الأماني لتساوى الخامل مع النشيط والمهمل مع المجد لذلك كان لابد من اقتران الأمنيات بأسباب تحقيقها، وأول ذلك العمل الجاد، وقبله حسن استثمار الوقت، فيما صار يعرف في عصرنا بإدارة الوقت، الذي عبر عنه الفكر الغربي بمقولة الوقت يعني المال، بينما سبق رسولنا محمد عليه السلام الحضارة الغربية في وضع معايير حسن استخدام الوقت بالكثير من الأحاديث ومنها قوله عليه السلام « لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه» ومن هنا فقد حث رسول الله على استثمار الوقت بالعمل المفيد، حتى آخر لحظة من عمر الإنسان لقوله عليه السلام « إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها»
ولأن الدنيا لا تؤخذ بالأماني، فلماذا لا نجعل من بداية لعام جديد مليء بالنشاط والعمل، وأول ذلك أن نخرج من حالة التلاوم، وجلد الذات، وشتم الواقع الذي تعيشه أمتنا، وذلك بأن يسأل كل منا نفسه: بماذ أستطيع المساهمة لتغيير هذا الواقع، الذي نتحمل جميعا مسؤوليته، ولو بالصمت والقبول بما يجري لنا وبنا، ولنتذكر جميعا أن التحولات الكبرى تبدأ بالفرد، ثم تتسع الدائرة من حوله لتشمل مجتمعه كله، فليبدأ كل منا بنفسه بأن يعاهدها بعدم الوقوف عند حدود اللوم وشتم الواقع، بل بأن يبدأ التغيير من نفسه، بأن يحسن الظن بالآخرين أولاً، ثم يحسن استثمار وقته بما يفيده ويفيد غيره، ثم يسأل نفسه
• كيف لا أكون طائفياً؟
• كيف لا أكون مذهبياً؟
• كيف لا أكون فردياً وأنانياً؟
• كيف أؤدي واجباتي بالتوازي مع مطالبتي بحقوقي؟
فلو استطاع كل واحد منا أن يتخلص مما يعانيه من عيوب، فإن ذلك سيكون عنصراً مهماً من عناصر جعل العام الجديد عام تغير فعلي، عندها سيكون الحد الفاصل بين عام مضى وعام جديد فاصلا حقيقيا بين مرحلتين في أعمارنا، وبدون ذلك سيظل الوهم سيد الموقف، وستظل الحياة مستمرة على ما فيها من عنت نعانيه كلنا الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/02 الساعة 01:26