هل أصبح تقسيم الأقصى وشيكا؟
مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/11 الساعة 10:51
هل أصبح تقسيم الأقصى وشيكا؟ ما يحدث من وقائع يشير إلى ذلك ، أبرزها استنفار الاحتلال واستعلاؤه، وقلة حيلة امتنا وهوانها ، أما التفاصيل الأخرى فمعروفة ، ابتداءا من العام 1967 حين اغلق المنتصرون الصهاينة أبواب المسجد لمدة أسبوع ، إلى العام 2014 حين قدم نواب متطرفون من الكنيست خطة لتقسيم الأقصى ،زمنيا ومكانيا ، وسحب الوصاية الأردنية عنه، وصولا إلى مشروع قانون "عميت هاليفي"، المتوقع أن يقدم للكنيسة خلال الأيام القادمة ، لفرض واقع التقسيم المكاني بالضرب القاضية.
هذه المرة يبدو ان تل أبيب تجاوزت حدود المناورة السياسية والمراوغة فيما يتعلق بتقسيم المسجد الأقصى ، فالمشروع يحظى بتأييد اغلبية الكنيسة والحكومة والمعارضة أيضا ، بل ربما اجماعهم، والعالم مشغول بحروبه وحسابات مصالحه ، حيث القضية الفلسطينية آخر اهتماماته ، اما عواصمنا العربية والإسلامية فلم يبق في رصيدها سوى إشهار الإدانة والغضب ، يبقى المقدسيون والفلسطينيون وحدهم من يستطيع المواجهة ، ومعهم الوصاية الهاشمية التي ما زالت صامدة في وجه الزحف الصهيوني.
هل ما حدث كان مفاجئا ؟ أبدا ، في العام الماضي ،فقط ، تجاوزت أعداد الذين اقتحام المسجد الأقصى,148 الف صهيوني متطرف ، وقبل ذلك بنحو 30 عاما (1994 ) استغلت تل ابيب مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل (استشهد فيها 29 وجرح 150 فلسطينيا) ، لاقتطاع أكثر من نصف المسجد وتخصيصها للمستوطنين ، كانت هذه بمثابة" بروفة" لما سيحصل في الأقصى ، وخلال السنوات الماضية بدأت ماكينة الاحتلال بتصدير روايتها عن الأقصى ، تاريخا وحاضرا ومستقبلا، لتهيئة الجميع ،يهودا وعربا، للتعامل مع صدمة التقسيم الجديد .
من خلال هذه الروايات التوراتية المطعمة بالسياسة وبمذاق " الغيتو" اعاد الاحتلال تعريف المسجد الأقصى ،بوصفه محصورا بمبنى الجامع القبلي فقط ، وكل ما سواه من ساحات غير مقدس إسلاميا، ثم أجرى عملية تقسيم جغرافي بموجبها اشهر خارطة تضم قبة الصخرة حتى اقصى شمال ساحات الحرم المقدسي ، وطبع عليها اسم "الهيكل "، وهي تشكل 70% من مساحة الأقصى التي تبلغ 144 دونما، ولكي تمر الرواية إلى حيز التنفيذ اضاف الاحتلال ضرورة إلغاء الوصاية الهاشمية ، وضم القدس لوزارة الاديان، ثم السماح لليهود باقتحام الأقصى من كافة الأبواب.
هل ستمر واقعة التقسيم بأقل ما يمكن من ادانات وضغوطات وتدخلات وردود أفعال ؟ لا ادري ، لكن لنتذكر أن صفقة القرن مرت ، بما فيها من اعتراف بيهودية الدولة ، وبالقدس عاصمة لاسرائيل ، وبشطب حق العودة ، لنتذكر ،أيضا ،أن حل الدولتين تم دفنه ، وأن أبواب التطبيع أصبحت مفتوحة على معظم العواصم العربية ، وأن السلطة الفلسطينية استنفدت أغراضها ، فيما المصالحة ما زالت في " جب" رام الله وغزة ، أما الفلسطينيون فقد أصبحوا متعبين ، مثلهم مثل اشقائهم في عالمنا العربي المسكون بالخوف والدم ومحاولة تضميد الجراح ، ما يعني أن استفراد تل ابيب بالأقصى ،ومعه المقدسات الإسلامية والمسيحية ، اصبح واقعا وشيكا ، أو ربما قدرا ربما لن يجد من يدفعه بقدر آخر.
هذه ليست دعوة للاستسلام ، أبدا ، وإنما صرخة تحذير مشفوعة بالحزن والخوف على قبلتنا الأولى ، ومدفوعة لكل من يهمه الأمر في عالمنا العربي والإسلامي للتحرك والاستنفار ، دفاعا عن المسجد وكرامة المسلمين . تل أبيب تريدها حربا دينية ، وبوسعنا أن ندقق في خياراتنا، إما أن نصمت ، او أن نتحرك بكل ما لدينا من أوراق وإمكانيات لإفشال الخطة، هل وصلت الرسالة ؟ أتمنى ذلك.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/11 الساعة 10:51