إلى كل من ينتظر العفو العام.. القول الفصل
يكثر الحديث عن العفو العام في الاونة الاخيرة, وتنتشر الاخبار عنه ذات اليمين وذات الشمال دون ان يكون هنالك اي حديث قانوني جدي ومنطقي يوضح ماهية العفو العام وكيف ومتى يصدر ومن هم الفئة المستفيدة منه, وفي هذا المقال القانوني المتخصص وددت توضيح اهم المعالم القانونية للعفو العام بشكل موضوعي وبعيدا عن اي اشاعات اوسرد انشائي يخاطب عاطفة المهتمين والمستفيدين ويخاطب عقولهم ويحترم ذكاءهم.
لا يمكن للعفو العام ان يصدر بين ليله وضحاها
ان العفو العام عبارة عن قانون شانه شأن اي قانون اخر ولا بد من ان يمر بعدة مراحل تشريعية قبل ان يصدر بصورته الكاملة, وعندما نتحدث عن قانون العفو العام لا بد من وجود مشروع لهذا القانون يتم اقراره من قبل مجلس الوزراء ثم يحيله دولة رئيس الوزراء الى رئيس مجلس النواب موضحا الاسباب الموجبة لعرضه والحاجة لمثل هكذا قانون, ثم يقوم رئيس مجلس النواب بعرض مشروع القانون على النواب وتزويدهم بنسخة منه قبل ثلاثة ايام, وفي بعض الاحيان تكون هنالك صفة استعجال لمشروع القانون وفي هذه الحالة يتم قراءته علنا ثم يحال الى اللجنة القانونية من اجل دراسته ويمكن للجنة دعوة الوزير المختص او الوزير ذي العلاقة الوثيقة بهذا القانون من اجل الاستفسار والتوضيح واخيرا تصدر اللجنة قرارا يوضح رأيها بهذا القانون ويوزع على اعضاء المجلس قبل خمسة ايام وثم يتلى بجلسة خاصة ويناقش من قبل مجلس النواب بكافة مواده ثم يعرض للتصويت.
بعد الانتهاء من المناقشة والتصويت تقرر الاكثرية قبول المشروع او رفضه ثم يرفع إلى مجلس الاعيان.
بعد رفع مشروع القانون الى مجلس الأعيان يحيله رئيس مجلس الأعيان الى اللجنة المختصة حيث تبدأ اللجنة بدراسته وبعد الانتهاء من دراسته ترفع قرارها الى رئيس المجلس وبدوره يدرجه على جدول أعمال المجلس لمناقشته واتخاذ القرار المناسب، فإذا وافق مجلس الاعيان على قرار مجلس النواب يرسل الى الحكومة لاستكمال إجراءاته الدستورية، اما اذا عدل او رفض القانون يعاد الى مجلس النواب.
إذا أعاد مجلس الأعيان مشروع القانون مرفوضا فتجري المذاكرة به على نقطتين، فإما الموافقة على قرار مجلس الأعيان وإما الإصرار على قرار مجلس النواب السابق، وإذا أعاد مجلس الأعيان القانون معدلاً فتطبق الاحكام التالية:
يقتصر البحث في المواد المختلف عليها بين المجلسين. ويصوت المجلس عند مناقشة قرار اللجنة أو مشروع القانون على الاصرار على قرار مجلس النواب السابق أو الموافقة على قرار مجلس الاعيان.
إذا أصر مجلس الاعيان على مخالفة قرار مجلس النواب كما اعيد اليه، تطبق حينئذ أحكام المادة (92) من الدستور والتي تنص على ما يلي :
"اذا رفض احد المجلسين مشروع اي قانون مرتين وقبله المجلس الآخر معدلا او غير معدل يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة برئاسة رئيس مجلس الاعيان لبحث المواد المختلف فيها ويشترط لقبول المشروع ان يصدر قرار المجلس المشترك باكثرية ثلثي الاعضاء الحاضرين وعندما يرفض المشروع بالصورة المبينة آنفاً لا يقدم مرة ثانية الى المجلس في الدورة نفسها."
واخر المراحل التي يمر بها مشروع القانون في حالة الموافقة عليه هي التصديق على القانون من جانب جلالة الملك فكل مشروع قانون أقره مجلسا الأعيان والنواب يرفع إلى جلالة الملك للتصديق عليه ويسري مفعول القانون بإصداره من جانب جلالة الملك ومرور ثلاثين يوماً على نشره في الجريدة الرسمية إلا إذا ورد نص خاص بالقانون يحدد سريان مفعوله من تاريخ معين، أما إذا لم يصدق جلالة الملك على القانون فله في غضون ستة أشهر من تاريخ رفعه إليه أن يرده إلى المجلس مع بيان أسباب عدم تصديقه عليه، وإذا أقره المجلسان بعد رده إليهما بموافقة ثلثي أعضائهما وجب عندئذ إصداره، وإذا لم ير الملك التصديق عليه خلال ستة أشهر يعتبر القانون نافذ المفعول وبحكم المصدق.
واخيرا وليس اخرا ان العمر التقريبي لهكذا مراحل هو من ثلاثة اشهر في حالة الاستعجال الى سنة او اكثر حسب المدة التي تستغرقها اللجان القانونية في مجلسي النواب والاعيان ومناقشة النواب انفسهم لهذا القانون.
اخيرا لا يوجد لغاية الان اي مشروع قانون للعفو العام محال من قبل الحكومة الى مجلس النواب بالتالي فان الحديث عن اي عفو عام قادم قريبا هو ضرب من ضروب الخيال لان اي قانون للعفو العام يجب ان يحدد الجرائم والمخالفات المشمولة بهذا العفو وشروط شمول جرائم اخرى وهذه التفصيلات دقيقة ومهمة وليست عشوائية وبحاجة الى الكثير من الوقت والنقطة الاهم هي ان اي قانون للعفوالعام يكلف خزينة الدولة ملايين الدنانير التي كان من المفترض ان تدخل خزينة الدولة من المخالفات وغرامات الجرائم والجنح.
واي حديث عن عفو عام قادم خلال يوم او يومين او اسبوع اوشهر هو كلام غير قانوني وغير صحيح ويصدر من قبل اشخاص غير متخصصين في المجال القانوني ويضر بمشاعر وعواطف من ينتظرون هذا العفو وذويهم.