نحو حزب وطني إسلامي

سميح المعايطة
مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/06 الساعة 00:13

يشترك حزبا زمزم والوسط الإسلامي قبل الاندماج بأنهما خرجا من بيت الإخوان المسلمين، فمؤسسو الحزبين وفي فترتين مختلفتين كانوا ضمن جماعة الإخوان لكن التباينات والتناقضات والخلافات كانت وراء خروج مؤسسي الوسط ليشكلوا حزبا جديدا منذ سنوات بعيدة، وبعد ذلك بسنوات كان النزوح الثاني لعدد أكبر وأهم من قيادات الجماعة ليؤسسوا كيانين، الأول جمعية جماعة الإخوان المسلمين المرخصة وحزب زمزم.

وبعد مخرجات لجنة التحديث السياسي كانت فكرة دمج حزب الوسط وزمزم في الائتلاف الوطني الذي أنهى متطلبات التكيف مع قانون الأحزاب الجديد مؤخرا وانتخب قيادته.
لكن سنوات عمر حزب الوسط وأيضا سنوات حزب زمزم أدخلت إليهما، كلا على حدة، أعضاء من خارج إطار الجماعة، بل أعضاء- على فضلهم- لم يكونوا يوما جزءا من العمل السياسي الإسلامي، وإن كان حزب زمزم بحكم عوامل مختلفة كان قد احتفظ بفكرته كحزب يحاول معالجة نقاط الضعف في الأحزاب الإسلامية أي التقدم كمشروع حزبي إسلامي وطني برامجي، يؤمن بأولوية القضايا الوطنية ولا يغادر قضايا الأمة وخاصة القضية الفلسطينية.
مشروع حزب إسلامي وطني ضرورة في إكمال نصاب العمل السياسي الأردني، وهو ليس بديلا أو خصما لأحد بل نحتاجه في مواجهة أي فهم غير سليم يرى العمل السياسي الإسلامي امتدادا للخارج ويرى الوطنية نقيضا للدين ولا يؤمن بالدولة الأردنية والجغرافيا التي هو جزء منها بل يراها ساحة للعمل.
الائتلاف الذي كان محصلة دمج زمزم والوسط الإسلامي خاض مخاض انتخابات داخلية كشفت عن عيوب في البناء ولهذا قرأنا أمس بيانا موقّعا من عشرات الأعضاء الذين يحملون ملاحظات وموقفا عنوانه المحافظة على الفكرة والمشروع، وفي التفاصيل الكثير مما يستدعي وقفة حقيقية، فالفرق كبير بين تجمع لعناصر من حزبين تحت لافتة واحدة وبين حزب يحمل مشروعا قادرا على صناعة حزب إسلامي وطني بأولويات وطنية أردنية وبناء حالة حزبية تكمل نصاب العمل السياسي بلون مختلف ومشروع مختلف يعالج ثغرات في أفكار ومسارات أخرى في العمل السياسي الإسلامي.
مطلوب المحافظة على الائتلاف الوطني كأحد الأحزاب الأردنية، لكن مع عمل منهجي للحفاظ على المشروع والفكرة التي رافقت تشكيل فكرة الوسط ممن أسسوا الحزب وأيضا ذات الفكرة التي كانت وراء تأسيس حزب زمزم الذي جاء لبناء حالة خالية من عيوب حالة أخرى من العمل السياسي الإسلامي.
بعد دمج الحزبين هنالك أجواء وخلافات وانتخابات وحكايات، لكن الأهم هو ألا يتحول الحزب إلى تجمع أشخاص يتوزعون بين البحث عن مصالح أو مجموعات تربطها علاقات خاصة وتجمعهم عناوين عامة لا تصنع حزبا حقيقيا، وإن كانت ليست خلافية، لكن الأهم بالنسبة للتجربة الحزبية الإسلامية أن يبقى الحزب حالة لها مضمون ومشروع يقدم شيئا مختلفا ويصنع نموذجا للعمل الحزبي الإسلامي الوطني بأولويات أردنية وأفق عروبي إسلامي.
من واجب كل من له علاقة أن تكون أولويته المحافظة على المشروع والفكرة التي رافقت تأسيس حزب الوسط ثم تأسيس زمزم في مراحلهما الأولى، فهذا هو الأهم الذي يصنع للائتلاف لونا ونكهة وأثرا.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/06 الساعة 00:13