الحنيطي : القدر الجميل ساقني لأقف أمام الملك مرة أخرى

مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/05 الساعة 01:53

مدار الساعة - نوف الور - قاده شغفه الموسيقي الى العاصمة النمساوية «فيينا» ليتعلم على آلة «الكمان»، وهو حينها كان ابنًا بارًا من أبناء قواتنا المسلحة الاردنية، لكنه لم يكن حاملا للسلاح بقدر ما كان ينسج مع افراد موسيقات القوات المسلحة اهازيج الفرح والنصر والعزة بالوطن.

غادر مبتعثا لمدة 3 أعوام لدورة تدريبية على الموسيقى الغربية، ليعود وفي جعبته الكثير من التطوير والتطور، وفي عام 1993 شاء القدر بأن يكون ضمن ثلة من العازفين في موسيقات القوات المسلحة بعرس جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا، وها هو القدر يقوده ثانية ليزف بعد 30 عاما عريس الاردن سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله الثاني والاميرة رجوةُ الحسين.
ضيف «الدستور» زياد الحنيطي «أبو مدين» والملقب من كثيرين بـ«شيخ الكار»، مؤسس وقائد فرقة الحنيطي للحفلات، والتي أقامت منذ تأسيسها عام 1997 آلاف الزفات والحفلات الوطنية والحفلات الخاصة وليالي السمر واستقبال وفود سياحية، وجميعها بطابع أردني مميز.
«ابو مدين» -كما يحب أن يناديه الجميع-، خص «الدستور» بحديث منسوج بفرحة الاردنيين والهواشم، تاليا نصه:
** الدستور: حدثنا بداية عن الفرقة وسبب تأسيسها، وكيف انتقيت أفرادها؟ .
- الحنيطي: الفرقة تأسست عام1997 وكان سبب تأسيسها شغفي الموسيقي، خاصة وانا كنت انتمي لاوركسترا القوات المسلحة الاردنية ما يقارب عشرين عاما، كعازف ومدرب، وبعد انتهاء خدمتي العسكرية التي افخر بها، جال في خاطري انشاء فرقة أردنية من اجل احياء التراث والمحافظة على هذا الارث العريق والعزيز على كل اردني، فطلبت لقاء شباب خيرين من اقاربي وهم في ريعان شبابهم، وجلست معهم وتحدثنا لافاجأ بأن لديهم ايضا هذا الشغف للعمل على صون التراث الاردني.
وكانت البداية بـ 10 اشخاص، وقد قمت بجمع الاغاني الاردنية من بعض الكتب والاقارب، وبدأت تدريب الشباب على الكلمات والالحان، ثم اعتمدنا لباس الفرقة وهو اللباس الاردني من»الثوب الكاكي»وحزام من الجلد الطبيعي الخمري والخناجر الاردنية الشباري، والاكسسوارات كـ «الشراشيب» الحمر التي توضع على الكتفين، واليوم معي16 شابا نشميا في الفرقة، وطبعا كثيرون جاءوا وذهبوا خلال عمر الفرقة.
**الدستور: كيف تلقيت خبر دعوتكم لزفة سمو ولي العهد، وكيف كانت الاستعدادات؟ .
- الحنيطي: تلقينا خبر دعوة زفاف سمو ولي العهد بكل فرح وسرور، فقد هاتفتني الشركة المنظمة للعرس الملكي، من دون ابلاغي عن المناسبة التي يريدونني من اجلها، وابلغونني برغبة مقابلتي، وقد كنت في ذاك الوقت غارقا باشغال كثيرة فاعتذرت للمكتب كوني لا اعلم المناسبة، وبعد قرابة خمسة ايام، أعادوا الاتصال بي وقالوا لي «بدنا اياك تمر لعنا، في عنا احتفال وحابين نقعد معك».
وعند ذهابي تفاجأت من مديرة الشركة المنظمة ان المناسبة الكبرى التي يرغبون بمشاركتي فيها بتاريخ الاول من حزيران، ولا اعلم لماذا دمجت كلامها مباشرة بموعد عرس سمو الامير الحسين، وبعد الحاحي بالسؤال، اكدت لي مديرة الشركة ان عرس ولي العهد هو هذه المناسبة، لكن علي الاحتفاظ بالمعلومة وعدم الحديث بها، لعدد من الاجراءات الهامة، وهكذا كان.
واكدت لي أن رغبة سمو ولي العهد أن يشارك بعرسه باقة من افضل واجمل الفرق الاردنية.
غادرت الشركة وانا مفعم بالسرور والحماس، مستذكرا قبل 30 عاما كيف وقفت عازفا مع موسيقات القوات المسلحة في عرس جلالة الملك عبدالله الثاني، وها هو القدر الجميل يسوقني لاقف أمام جلالته مرة اخرى على رأس فرقة مبدعة نزف معا فيها عريس الوطن وابننا جميعا.
عند وصولي مقر الفرقة اجتمعت مع الشباب وحرّصتهم على السرية التامة لما سأقول وما سنفعل، وأبلغتهم بأننا سنقوم بزفة سمو الامير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، وما ان انهيت كلامي حتى رأيت فرحة الشباب كلها وحماسهم الزائد ليقدموا افضل ما عندهم لسمو الامير وجلالة سيد البلاد بهذا العرس الوطني.
وبدأنا بتجهيز الملابس الجديدة بالكامل، وانطلقت التدريبات داخل المكتب، على الحركات بدقة وتركيز حتى لا نتصادم مع من خلفنا من الحاضرين المصطفين لاستقبال العروسين، او ان نخطو للامام خطأ فامامنا العروسان وفستان العروس، كان التركيز عاليا، «كيف الزقفة راح تكون؟ كيف المشي رح يكون؟ كيف الوقفة راح تكون؟ كيف النظر راح يكون؟ هذا مش اي عرس تقليدي هذا العرس ملكي».
بعد تجهيزات المكتب، بدأت بروفات قصر الحسينية العامر على مدار 5 أيام، نصل القصر الساعة التاسعة صباحا وحتى العاشرة ليلا يتخللها بعض الاستراحات، وكان كل ما يلزمنا يصلنا، لنقوم بترتيب تدريباتنا مع الاغنية الخاصة للزفة، واجمل ما في وقت الاستعدادات تفاجأنا بقدوم سمو الامير الحسين وسمو الامير رجوة وبكل تواضع لحضور البروفة، مما رفع معنوياتنا اكثر وادخل «رتما» فريدا من السعادة كسر حاجز الرهبة من المكان والاحتفال.
** الدستور: يوم العرس الملكي ماذا شعرتم، خاصة لحظة وصول عريس الاردن والأميرة رجوة، ما الذي جال ببالكم وأنتم تزفون قرة عين الملك والأردنيين جميعا؟.
- الحنيطي: قبيل العرس بأيام لم نكن ننام ليلا، لاستثمار كل الوقت المستطاع ولساعات متأخرة لنجهز بعضنا ونشد من ازرنا، لنصنع ما يليق بالعرس الهاشمي، «لنكون عند حسن ظن سيدنا فينا، لما اختارونا ما كان من فراغ».
أما عند اصطفافنا لاستقبال سمو الامير وسمو الاميرة وعندما دخلنا المكان ورأينا الجميع واقفين يمينا ويسارا على امتداد الساحة الخارجية للقصر تملكنا شيء من الرهبة، كيف سنزف أمام سمو الامير والاميرة ونقف أمام جلالة الملك وجلالة الملكة وكل هذا الحضور، ولكن شعورنا الداخلي بأننا متمكنون، وواثقون اننا سنقدم الصورة الطيبة التي تليق بهذا العرس، اتممنا عملنا وعلى اكمل واجمل وجه.
وكانت زفة سموه افضل ما قمنا به طوال فترة عقدين وأكثر من عمر فرقتنا، لمست في الشباب الحماس والغيرة ليكون هذا العرس والزفة في اجمل صورة تليق بهذه المناسبة واهلها.
لن انسى لحظة وصول العرسان، كان لدي والفرقة حب كبير لعريسنا سمو الامير الحسين والاميرة رجوة، ننظر اليهما وهم يمشون أمامنا وبجانبنا مبتسمين لنا وسموه «يهز برأسه» للشباب اعطانا حماسا ومعنوية اعلى، وشعرت وكأن «الشباب بدهم يطيروا عن الارض»، وفعلا كانت الزفة والحمد لله باجمل صورة.
** الدستور : اليوم وبعد الاحتفال، نستذكر أجمل ما مررتم به، وماذا ستحمل الذاكرة للأجيال القادمة عن هذا اليوم؟.
- الحنيطي: أما بعد يوم الاحتفال الوطني، بدأت الاصابع تتجه نحونا حتى في الشارع «الناس كلها تؤشر لنا وتقول هذه الفرقة اللي زفّت سمو الامير فيوقفوننا ويقولون اشي برفع الراس كان مفخرة».
اجمل ما يميزنا اننا لا نزف الا الزفة الاردنية والفلكلور الاردني، وهي اختصاصنا باغانيها وتراثها، وهذه بصمتنا في المجتمع، بعد انتهاء العرس انهالت علينا الاتصالات والرسائل والتعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكان الكلام فوق كل ما يمكن أن يوصف بالجمال، كم هي ذكرى طيبة ستخلد فينا وفي الأجيال القادمة، ذكرى طيبة عامرة بجود الهواشم ومكللة بفرح كل بيت اردني، نحن لم نزف ولي العهد بصفته أميرا فقط، نحن زفينا عريس الاردن، والحمد لله نتمنى أن نكون قد اسعدناه والأسرة الهاشمية، وكنا عند حسن الظن بنا، زفة تليق بثقة سموه وحظوة الحضور.
سيسجل التاريخ باهازيج الفرح يوم عرس سمو ولي العهد الأمير الحسين والأميرة رجوةُ الحسين، ليس لأنه يوم جمع الأردنيين فقط، بل لأنه كان محط أنظار العالم اجمع، «فالحمد لله على هذه الذكرى التي لن ننساها، وسيتوارثها ابناؤنا واحفادنا من بعدنا، والحمد لله قدمنا زفة تليق بمقامهم».
وبعد إنهاء الحفلة ولدى عودة الشباب الى بيوتهم كان اهاليهم ينتظرونهم بفخر وحب مهنئينهم على روعة ما قدموه، قائلين «انتوا عملتوا الزفة.. بس احنا اللي شفنا فرحة سمو الامير الحسين والاميرة رجوة.. وشفنا فرحة جلالة الملك وجلالة الملكة، والله كنتم رائعين.. فرحتونا وفرحتوا سيدنا».

مدار الساعة ـ نشر في 2023/06/05 الساعة 01:53