في العنف الجامعي مرةً أخرى!
ربما يقول أحد إن الفتنة نائمة فلماذا أيقظتها؟
جوابي أننا اعتدنا أن نثور ونصرخ ونهدد بعد كل حادثة عنف، فنخمدها تحت الرماد، وبهذا نكون قد خدعنا أنفسنا بأن كل شيء على مايرام!
قال كثيرون: من أمن العقوبة أساء الأدب! وكأن هذا منهج علمي للسلوك!
رحم الله أيام "جثري" و"سكِنَر"، وبدايات علم النفس التربوي، بل ورحم الله كتاب كليلة ودمنة وابن المقفع الذي علمنّا من أمن العقوبة.. الخ، وعاش أتباعهم الجدد من دعاة القلة المندسّة الغريبة عن مجتمعنا، والذين يكبتون الفتنة شهرًا لتنطلق أشد وأقوى مما كانت عليه!
لا أدري الظروف التي قادت الدكتور المفكر رئيس الجامعة الهاشمية لاتخاذ قرار بفصل أكثر من أربعين شابًا مواطنًا من الجامعة، ولكنني أثق بحكمته
وقد هدأت النفوس أن يلغي قراره -لا أن يعفو- أن يعيد الطلبة إلى جامعتهم. وأسبابي:
١-الطلبة ضحايا وليسوا جناةً!
ولدوا في مجتمعات تقدس التفاخر والقوة والتفوق واحتقار الآخرين! ذهبوا إلى المدارس ولم يتعلموا قيمةً، دخلوا الجامعات ولم يجدوا برنامجًا إرشاديًا، فكبرت عنجهية نشأتهم، وزادوا اشتعالًا!!
٢-لا يحق للجناة وهم المؤسسات التربوية بمناهجها ومعلميها وأنظمتها أن تعاقب الضحايا، وتحملهم مسؤولية فشلها!
٣-حين نطرد أربعين شابّا من الجامعة، ماذ نكون قد خرّجنا للمجتمع؟ شبابًا مسالمين مبدعين متعلمين؟ هل هذا ما استهدفه قرار فصلهم؟
٤-وهل نعتقد أن طرد الطلبة سيؤدي إلى وقف العنف داخل الجامعة أو خارجها؟ هذا ما تكذّبه الوقائع، فكل عنف يفوق ما سبقه: عشائرية وامتدادًا ومشاركة وقسوة!
واضح أن أي مؤسسة تربوية مستقلة حتى على مستوى المدرسة قادرة على احترام طلبتها وتوجيههم وإكسابهم مهارات حل المشكلات دون عنف!، لكن تداخلات المسؤولين "على أعلى المستويات" بتقديري هي التي تحمّل فشلها لمؤسساتها! ليس من المعقول أن تعلن مدرسة أو جامعة استسلامها أمام سلوكات غير مقبولة وتفصل من قاموا بها!
وهنا أضع مسلّمة لا فرضية:
لو تلقى الطلبة تعليمًا مناسبًا،
ولو علمناهم الحب والخير والحق والجمال، لمًا سلك أحدهم سلوكًا سلبيًا!!
أثق كثيرًا بالدكتور الزبون رئيس الجامعة وأصحاب القرار فيها، فهو من علّمنا جميعًا التحدي والمقاومة والتغلب على التحديات!!
آمل كما يأمل كثيرون أن نرى الطلبة في جامعتهم لا في الهاليدات الخلفية للجريمة.
حل المشكلات لا يتم بخلق مشكلات لأربعين أسرة ولمجتمع بأكمله!
هناك عشرات الطرق لحل المشكلة!