الديمقراطيه والحرية في ظل صراع النفوذ
مدار الساعة ـ نشر في 2023/05/07 الساعة 16:00
الحديث عن الديمقراطية والحرية في العالم العربي في ظل الصراع على السلطة في العالم العربي وبخاصة في ليبيا والسودان وسوريا والعراق ولبنان واليمن وغيرها من الدول يحتاج إلى تدقيق في السؤال الأهم؟ ،هل تبرر مطالبات الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة سفك الدماء؟ ،وهو سؤال جدلي سيجد كثيرا من وجهات النظر عند المتابعين والمهتمين، وسيقول البعض أن الأنظمة عليها تقديم التنازلات وإلا فإن كل شيء مباح !.
ولكني اتناول الموضوع من جانب الخصوصية العربية في إطار مناقشة الفكرة رغم قطار الموت الذي يسير في رحله اقليمية ، فإنَ الأقطار العربية قد دخلت في نطاق ما سوف يسمى بالصراع على مناطق النفوذ ما بين قطبي الحرب الباردة العالمية التي سيطرت كلياً على سياسة النصف الثاني من القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين للمعمورة كلها، وفيما يتعلق خاصة بمستقبل البلدان الآسيوية الأفريقية المستقلة حديثاً. فلم يكن قطبا الصراع الدولي، الاشتراكي والرأسمالي معاً على قناعة بديمومة الوضع الاستقلالي لأي من تلك الكيانات التي استحقت صفة الدول المالكة فعلاً لشروطها الاعتبارية، سواء منها العائدة إلى القانون الدولي، أو إلى معايير الحضارة، ومدى قدرات هذه الشعوب الجديدة القديمة على حكم نفسها بنفسها.
الغرب الأوروبي الذي اضطر على مضض للتنازل عن إمبراطوريتيه الأخيرتين البريطانية والفرنسية، وانسحابهما عسكرياً من معظم مستعمراتهما، لم يكن مقتنعاً بأحقية الاستقلال الفعلي، بل بمظاهره الشكلية فحسب التي لن تعيق إعادة سيطرته على (ممتلكاته) السابقة، بأساليب مختلفة، توفرها الحاجات الحيوية لكل أشكال المساعدات، تحت صيغة المشاركة في تنمية المجتمعات المتخلفة، وإعدادها لاستقبال النموذج العصري للارتقاء، كما ستصدره إليها مواطنه الأولى في الشمال المتمدين. فالغرب سوف يبرع في تحقيق النقلة بين الاحتلال المباشر والهيمنة، وذلك تعبيراً عن انقضاء عصر الاستعمار العسكري والدخول في حقبة الاستعمار السياسي. سوف يعين الغرب لذاته مهمة الاختيارات الأيديولوجية التي ستعتنقها مستعمراته السابقة؛ وعلى هذا الأساس ينبغي أن تكون أنظمة الحكم فيها ثابتة تابعة لوصفاته. لن تترك لمجتمعات تلك المستعمرات حرية إنتاج حياتها السياسية بحسب مصالحها الحيوية كما تراها طلائعها الحركية. فالعالم العربي من عمق مشرقه إلى مغربه الأقصى لن ينعم بتنمية حرة لمجتمعاته المتخلفة، كما لن يفوز بأنظمة الحكم إلا وهي منقوصة السيادة من جهة، والمشروعية الشعبية من جهة أخرى. فأية ديمقراطية يمكنها أن تترعرع في ظل أوضاع عامة حافلة بعوامل عدم الاستقرار في مختلف مجالاتها، كأنما تمر مجتمعاتها في مراحل انتقالية دائماً، تصنعها صدف لا معقولة، بأيد مجهولة مشبوهة، ولذلك فإنه من الطبيعي أن تدفع بعض القوى الكبرى حركات التغيير إلى إستخدام السلاح وفتح معارك انتقال السلطة حتى لو سالت الدماء في كل مكان، فالهدف إزالة الإستقرار الذي لا يخدم مصالحها الحيوية وبخاصة أن الإستقرار الأمني تحت ظل أي نظام خطر على إسرائيل كما هو خطر على مصالح الدول الكبرى، من هنا يكون البحث من قوى اقليمية كبرى أو عالمية عابرة للحدود لنزع صفة الإستقرار بتمويل قوى محلية في المجتمعات بل وتوريد المقاتلين المتطرفين والمرتزقة للمشاركة فيها، وهنا نتوقف لنقول الحروب الأهلية والصراعات الداخلية تمزق الدول والشعوب وتتسبب بإنهاء التطور الطبيعي للديمقراطية والتعددية المجتمعية، وعلى الشعوب العربية فهم طبيعة التناقض القائم واتخاذ قرار حل سلمي دائم لقضاياها الداخلية.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/05/07 الساعة 16:00