إلى أصدقائي الضحايا
مدار الساعة ـ نشر في 2023/05/02 الساعة 01:31
البارحة أعدت قراءة رسائل (الدو مورو)، كانت آخر رسالة في معتقله كتبها, قد وجهها لزوجته وقال فيها جملة مؤلمة وهي: (أنهم يتحملون ذنب دمي).. بعد هذه الرسالة نفذت الألوية الحمراء جريمتها وأعدمت رئيس وزراء إيطاليا المختطف.
ثم قرأت قصيدة (جعفر) للشاعر محمد مهدي الجواهري, قالها في أخيه الذي سقط في مواجهة بين الحشود العراقية التي احتجت على معاهدة (بورت سموث) على جسر الشهداء ببغداد وقوات الأمن, القصيدة كانت طويلة لكن مطلعها استفز كل شيء في قلبي... هذه المعاهدة كانت إعادة انتاج لنوري السعيد, وإعادة فرض امتيازات جديدة للمستعمر في العراق.بقيت طوال الليل وأنا أطوف بين الضحايا, وبين نهاياتهم.. وقرأت عن ارنستو تشي جيفارا.. وعملية تصفيته التي تمت برعاية (السي اي ايه), وأنا لم أؤمن بقصة الراعي الذي أرشد القتلة إليه, وأخبر الإعلام بأن ثورة تشيفارا كانت تزعج أغنامه, أظنها قصة مفبركة اخترعتها (البروبجندا) الأمريكية لتلويث صورة جيفارا..بقيت أقلب بين أوراقي القديمة, وقرأت صفحة صفراء... مكتوب عليها بالرصاص, كان خطي نعم.. وتلك الملاحظات أنا من كتبها, ظننت في البداية أني تهت.. لكني عرفت أنها لي, وحاولت أن أتذكر زمن تلك التفاصيل... وأسعفتني الذاكرة, كانت في العام 1996 وتخص ما تحدث به المحامي والبعثي العظيم والعتيق (احمد النجداوي..ابو هشام)... تذكرت أني زرته في المكتب وكان يجلس عنده مجموعة من العراقيين, وتحدثوا عن (عبدالخالق السامرائي).. وقصة اعتقاله وقصة إعدامه وكيف سمي في العراق بـ (أبو ذر الغفاري).. وكيف كان زاهدا وعاش يرفض أن يركب سيارات ا?دولة, ويصر على استعمال وسائل النقل.. كنت أدون ما يقوله الرفاق, وفيما بعد قرأت كثيرا عن عبدالخالق... وقرار إعدامه الذي اتخذ في قاعة الخلد... نهاية السبعينيات من القرن المنصرم.أيضا وجدت قصاصات ومعلومات، عن دلال المغربي وعملية دير ياسين أو عملية الشاطئ..وكيف أن أبو جهاد قال يوما في مؤتمر صحفي ردا على قيام الموساد الإسرائيلي بالتخفي بأزياء النساء, وتنفيذ اغتيالات لقادة الثورة الفلسطينية: (نحن الفلسطينيون لا نتخفى بأزياء النساء.. بل سنرسل امرأة فلسطينية) وفعلا أرسلوا دلال المغربي, التي اخترقت شواطئ فلسطين وعبرت للداخل وقادت المجموعة واختطفت الباص, ثم ظهرت في صورة لها فيما بعد تصدرت غلاف كل الصحف العالمية, وهي مضرجة بالدماء, في النفس الأخير من العمر.. وظهر (ايهود باراك) وهو يسدد طلق? إليها.. وينهي حياة تلك الشهيدة, أحقا كان يقصد نزار قباني في قصيدته: (أيتها الشهيدة والقصيدة والمعطرة النقية..سبأ تفتش عن مليكتها فردي على الجماهير التحية)... أحقا كان يقصد بلقيس أم يقصد دلال؟البارحة... أمضيت ليلتي في غرفتي وأفتش بين الأشياء القديمة, أمضيت ليلتي بين الضحايا بين جعفر الذي سقط بمواجهة الجسر, بين الدو مورو وتشيفارا... بين عبدالخالق السامرائي ودلال.. وبقيت أردد جملة الدو مورو: (إنهم يتحملون ذنب دمي) ومطلع قصيدة محمد مهدي الجواهري...واكتشفت بأن كل هؤلاء ليسوا ضحايا أبدا, هؤلاء هم من صنعوا التاريخ العالمي.. وهم من استقروا في بطون الكتب, وهم الذين ما زالت الشعوب تفتخر بأنها أنتجتهم... اكتشفت بأني أنا الضحية..ثم أقفلت صندوق أوراقي, فما فائدة كل ما قرأت.. في زمن صار الوعي فيه نقمة.
ثم قرأت قصيدة (جعفر) للشاعر محمد مهدي الجواهري, قالها في أخيه الذي سقط في مواجهة بين الحشود العراقية التي احتجت على معاهدة (بورت سموث) على جسر الشهداء ببغداد وقوات الأمن, القصيدة كانت طويلة لكن مطلعها استفز كل شيء في قلبي... هذه المعاهدة كانت إعادة انتاج لنوري السعيد, وإعادة فرض امتيازات جديدة للمستعمر في العراق.بقيت طوال الليل وأنا أطوف بين الضحايا, وبين نهاياتهم.. وقرأت عن ارنستو تشي جيفارا.. وعملية تصفيته التي تمت برعاية (السي اي ايه), وأنا لم أؤمن بقصة الراعي الذي أرشد القتلة إليه, وأخبر الإعلام بأن ثورة تشيفارا كانت تزعج أغنامه, أظنها قصة مفبركة اخترعتها (البروبجندا) الأمريكية لتلويث صورة جيفارا..بقيت أقلب بين أوراقي القديمة, وقرأت صفحة صفراء... مكتوب عليها بالرصاص, كان خطي نعم.. وتلك الملاحظات أنا من كتبها, ظننت في البداية أني تهت.. لكني عرفت أنها لي, وحاولت أن أتذكر زمن تلك التفاصيل... وأسعفتني الذاكرة, كانت في العام 1996 وتخص ما تحدث به المحامي والبعثي العظيم والعتيق (احمد النجداوي..ابو هشام)... تذكرت أني زرته في المكتب وكان يجلس عنده مجموعة من العراقيين, وتحدثوا عن (عبدالخالق السامرائي).. وقصة اعتقاله وقصة إعدامه وكيف سمي في العراق بـ (أبو ذر الغفاري).. وكيف كان زاهدا وعاش يرفض أن يركب سيارات ا?دولة, ويصر على استعمال وسائل النقل.. كنت أدون ما يقوله الرفاق, وفيما بعد قرأت كثيرا عن عبدالخالق... وقرار إعدامه الذي اتخذ في قاعة الخلد... نهاية السبعينيات من القرن المنصرم.أيضا وجدت قصاصات ومعلومات، عن دلال المغربي وعملية دير ياسين أو عملية الشاطئ..وكيف أن أبو جهاد قال يوما في مؤتمر صحفي ردا على قيام الموساد الإسرائيلي بالتخفي بأزياء النساء, وتنفيذ اغتيالات لقادة الثورة الفلسطينية: (نحن الفلسطينيون لا نتخفى بأزياء النساء.. بل سنرسل امرأة فلسطينية) وفعلا أرسلوا دلال المغربي, التي اخترقت شواطئ فلسطين وعبرت للداخل وقادت المجموعة واختطفت الباص, ثم ظهرت في صورة لها فيما بعد تصدرت غلاف كل الصحف العالمية, وهي مضرجة بالدماء, في النفس الأخير من العمر.. وظهر (ايهود باراك) وهو يسدد طلق? إليها.. وينهي حياة تلك الشهيدة, أحقا كان يقصد نزار قباني في قصيدته: (أيتها الشهيدة والقصيدة والمعطرة النقية..سبأ تفتش عن مليكتها فردي على الجماهير التحية)... أحقا كان يقصد بلقيس أم يقصد دلال؟البارحة... أمضيت ليلتي في غرفتي وأفتش بين الأشياء القديمة, أمضيت ليلتي بين الضحايا بين جعفر الذي سقط بمواجهة الجسر, بين الدو مورو وتشيفارا... بين عبدالخالق السامرائي ودلال.. وبقيت أردد جملة الدو مورو: (إنهم يتحملون ذنب دمي) ومطلع قصيدة محمد مهدي الجواهري...واكتشفت بأن كل هؤلاء ليسوا ضحايا أبدا, هؤلاء هم من صنعوا التاريخ العالمي.. وهم من استقروا في بطون الكتب, وهم الذين ما زالت الشعوب تفتخر بأنها أنتجتهم... اكتشفت بأني أنا الضحية..ثم أقفلت صندوق أوراقي, فما فائدة كل ما قرأت.. في زمن صار الوعي فيه نقمة.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/05/02 الساعة 01:31