العقدة السورية في اجتماعات عمان
تشهد عمان اليوم، اجتماعات جديدة لوزراء خارجية عرب بحضور وزير الخارجية السوري، والاجتماع يأتي استكمالا لاجتماعات جدة التي تمت يوم الرابع عشر من نيسان الفائت.
دول عربية لها مكانتها تحاول استرداد دمشق الرسمية الى النظام الرسمي العربي، واجتماعات عمان، تأتي بعد انفتاح جزئي من جانب دول عربية على دمشق الرسمية، وتمثل ذلك بتبادل الزيارات بين وزراء خارجية عرب، ووزير الخارجية السوري، في تحركات متلاحقة، قبيل القمة العربية المرتقبة في الرياض في شهر أيار المقبل، التي قد تشهد عودة دمشق الرسمية الى جامعة الدول العربية، برغم اعتراض دول عربية على هذه العودة، لاعتباراتها المختلفة.
لا أحد يعرف اذا كانت اجتماعات عمان سوف تنجح في انتزاع موقف سوري مختلف بشكل جذري ام جزئي، توطئة لعودتها للنظام الرسمي العربي؛ لأن المطلوب تجاوب السوريين مع وصفة الحل العربي التي تتشارك بها عدة أطراف، بما فيها المملكة العربية السعودية التي تقوم بقوة بترتيب أوراق المنطقة بمعزل عن حسابات لعواصم دولية، هذه الأيام، إضافة الى أن المبادرة الأردنية التي تم طرحها لحل الأزمة السورية في شهر سبتمبر الماضي، والتي قوبلت ببرود سوري الى حد ما، ثم تحسن الموقف السوري منها، تصب في إطار مساع عربية لإعادة التموضع من النظام السوري، بعد سنين الحرب التي أهلكت هذا البلد العربي.
ما يقال هنا صراحة إن عودة النظام السوري الى جامعة الدول العربية، قد لا يتغير كثيرا في الموقف الدولي، خصوصا، مع استمرار العقوبات المفروضة على دمشق، وموقف الإدارة اللأميركية المعلن أصلا، والذي يتحفظ على كل التحركات باتجاه النظام السوري.
الأزمة تكمن في عدة نقاط، أولها الموقف الأميركي الفعلي من النظام السوري، وهل يراد إعادة تأهيله دون شروط، أم بشروط تمثل الشق الثاني من الأزمة، أي تحالف السوريين مع الإيرانيين والروس، والطرفان على خط عداء متقطع ومتقلب مع واشنطن، وفي الوقت ذاته ربما يتخوف النظام السوري من وصفة الحل السياسية العربية، التي قد لا يقبلها لاعتبارات سياسية وأمنية داخلية، والمرتبطة بالموقف من المعارضة السورية، والمصالحة مع المكونات السورية.
إذا عدنا الى نتائج اجتماعات جدة، التي تتأسس عليها اجتماعات عمان اليوم، نكتشف أن الوزراء وفقا لبيانهم اتفقوا على أهمية مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وتنظيماته، ومكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها، وأهمية قيام مؤسسات الدولة بالحفاظ على سيادة سورية على أراضيها وإنهاء تواجد المليشيات المسلحة فيها، والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري، إضافة إلى أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية، وأهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، ووضع الآليات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود، وأهمية حل الأزمة الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سورية، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان.
أربع إشارات مهمة في البيان الختامي، وهي مربط الفرس، وهي إنهاء تواجد المليشيات المسلحة فيها، والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري، وعودة الأشقاء السوريين من الخارج، ومكافحة تهريب المخدرات والاتجار به، وهذه الإشارات تتطلب تطبيقا سوريا فعليا، قد يمثل العقدة السورية، لأنها تعني خروج كل التنظيمات العربية والأفغانية والإيرانية من داخل سورية، كما تعني خروج الإيرانيين والروس، باعتبار تواجدهم يمثل تدخلا خارجيا، فيما قد لا يرغب النظام السوري بعودة ملايين الأشقاء السوريين الذين غادروها، لاعتبارات تتعلق بحسابات الديموغرافيا، والإزاحة المذهبية السكانية الى الخارج، فيما وقف تهريب المخدرات يعني وقف تجارة تدر مليارات الدولارات تديرها جهات معروفة وتعود بالمنفعة على المشغلين.
لا أحد يستبق نتائج اجتماعات عمان، لكن ما يمكن قوله إن دمشق يجب أن تمنح العرب ورقة قوية بأيديهم في وجه الاعتراض الأميركي على مصالحة دمشق الرسمية، وبدون التجاوب السوري، سيكون الأمر أكثر تعقيدا على مستوى خارطة المنطقة، وسيؤدي الى تداعيات.