الذين سرقتهم اللحظة
يعج مجتمعنا بشرائح ومجاميع من الأشخاص، الذين يتبرمون من الواقع الذي يعيشونه، دون أن يلتفت هؤلاء لدورهم في بناء هذا الواقع الذي يتبرمون منه.
من الشرائح التي تتبرم من تنكر الناس لها وإدارة ظهورهم لافراد هذه الشريحة، هي شريحة تضم معظم أعضاء كبار المسؤولين السابقين، وقد فات هؤلاء المتبرمين من واقعهم، انهم سبب ما هم فيه، عندما سرقتهم اللحظة التي كانوا فيها يتربعون على كرسي المسؤولية فظنوا أنهم خالدون في مناصبهم، فتكبروا على الناس، ووضعوا بينهم وبين الناس حواجز من مدراء المكاتب والسكرتاريا والحجاب، ونسوا القاعدة التي تقول "لو دامت لغيرك لما وصلت اليك" فكان من الطبيعي أن ينساهم الناس بمجرد مغادرتهم لمواقع السلطة.
عزز مقاطعة الناس لهذه الشريحة من المسؤولين، انهم بالإضافة إلى جيش الحجاب الذي كان يفصلهم عن الناس، انهم كانوا يعيدون ولا ينفذون، وكانت تصريحاتهم مبنية على ما هو غير حقيقي.
أن مما يكرس خطر سرقة اللحظة، أن الإنسان لا يتعلم من تجارب من سبقوه، لذلك صحت مقولة "أن التاريخ يعيد نفسه" فقد قرأنا في التاريخ كيف كان مصير معظم الطغاة والظلمة، وكيف نبذتهم شعوبهم وحل غضب الله عليهم، ومع ذلك لا تخلو حقبة من حقب التاريخ من طاغية مستبد، تسرقه اللحظة التي يتمتع بها بالسلطة،حتى يأتيه أمر الله، اما على شكل ثورة شعبية أو عقاب إلهي كغرق فرعون موسى في البحر.
الشريحة الأكبر من الذين تسرقهم اللحظة، هم اولئك الذين ينسون الدار الآخرة فلا يستعدون لها بحقها، فيوغلون بالآثام والمعاصي، وينسون أن أعمارهم هي مجرد لحظة، وان هذه الدنيا أهون عند الله من جناح بعوضة.