المؤسسات العسكرية والتمثيلية والحزبية في الأردن (3)
تحدثت في المقالتين السابقتين عن المؤسسات الثلاث، وترتيب أهميتها، والتكتيكات التي تستخدمها كل مؤسسة، وقلت: في الأنظمة الاستبدادية أو البدائية أو المضطربة، تكون أهمية المؤسسات كما يأتي:
العسكرية، ثم التمثيلية، فالحزبية.
وليس شرطًا وجود التمثيلية والحزبية. أما في الأنظمة المدنية والمستقرة، فيكون ترتيب فاعلية المؤسسات وأهميتها في القرار كما يأتي:
الحزبية، ثم التمثيلية، فالعسكرية.
وقلت أيضًا: تستخدم المؤسسة العسكرية القوة والسلاح لتحقيق نفوذها، وتستخدم المؤسسة التمثيلية الكلمة والخطابة والبلاغة لفرض تأثيرها، بينما تستخدم المؤسسة الحزبية الرقم والعدد.
وسأتحدث الآن عن معايير الحكم على أهمية أي مؤسسة مهما كانت؛وفق المؤشرات الآتية:
1-الشخصيات البارزة، ومكانتها، ونفوذها.
2-الموارد المادية والفكرية.
3-سلطة اتخاذ القرار، والقدرة على تنفيذه.
4-التشريعات الداعمة لحركة المؤسسة.
5-مدى رضا الشعب عن المؤسسة.
6-سمعة المؤسسة وتاريخها وخوف الناس منها.
7-مكانة قائد المؤسسة في السلطة الحقيقية.
وفق هذه المؤشرات، يمكن القول بارتياح: إنّ المؤسسة العسكرية هي الأولى في جميع الدول غير الديموقراطية وخاصة العربية؛ ففي سورية، والجزائرً ، والعراق، واليمن ، تقود المؤسسة العسكريه والأمنية المجتمع، وتحتل المرتبة الأولى، حيث تختفي المُؤسستان تأثيرًا بشكل ظاهر لا جدال فيه.
وفي بقية الدول العربية-عدا لبنان- تسود المؤسسات العسكرية بشكل ظاهر حينًا، وخفي في معظم الأحيان!
وقد عمدت الأنظمة العربية إلى تشكيل مؤسسات تمثيلية، وحزبية فاقدة الأثر. فالبرلمانات العربية لا تحظى بدرجة من رضا الشعوب واحترامها، وكذلك المؤسسات الحزبية التي صنعتها "السلطة" لتغطية تفردها بالسلطة. طبعًا هناك استثناءات محدودة في الأحزاب التي لم تصنعها السلطة -ويقال: إنها مخترقة أمنيًا-. وهناك نواب أحرار نادرون لا تأثير لهم، وهناك معارضة"مستأنسة" مأذونٌ لها".
وبشكل عام، فإن المؤسستين: التمثيلية، والحزبية العربية، محدودتا التأثير، ولا شهرة لواحدة منهما على الأخرى، ولا موارد لهما. وقد تحظيان بتشريعات داعمة، لكن سرعان ما تغير السلطة الحاكمة هذه التشريعات لإنقاص حجم تأثيرها؛ علمًا بأن جميع الأنظمة العربية حاربت الأحزاب ذات النشأة- غير الرسمية- من قومية، ودينية، وشيوعية. ولذلك، تستطيع مهاجمة أي برلمان عربي، وأي حزب عربي، ولا تستطيع النظر بغير نفاق إلى المؤسسة العسكرية والأمنية، وهناك خط أحمر مليء بالألغام الوهمية، خطير لا يسمح للمواطن الاقتراب منه. بينما قد يكافأ المواطن العربي إذا شتم المؤسسة التمثيلية، أو الحزبية.
هذا بالمجمل الوضع العربي: مؤسسة عسكرية قاهرة، تمتلك كل التأثير، ولتحقيق ذلك استأجرت نوابًا وأحزابًا تحت الطلب - عينك عينك-! فهل هذا الوضع في الأردن؟ أو ما المرحلة التي وصل إليها الأردن: تمثيليّا، وحزبيّا؟ وهل لدينا أحزاب؟ وما تاريخ قياداتها؟ سيكون الجواب منطقيًا واقعيّا وبحذر شديد،
إلى المقالة التالية!!!