نقترب من العظمة بقدر ما نقترب من التواضع
مدار الساعة ـ نشر في 2023/04/06 الساعة 17:10
مدار الساعة - كتب: محمد بن العبد مسن
قال : جورج برنارد
كاتب مسرحي(1856 - 1950)
قال في أحد كتاباته : {يمكن للإنسان أن يصعد أعلى القمم، لكن لا يمكنه البقاء فيها طويلا}..
أخي القارئ..
الدنيا أياماً يداولها الله بين الناس..
ضعفاء الأمس أقوياء اليوم، وحكام الأمس مشردوا اليوم.
والأغنياء يصبحون فقراء، والفقراء ينقلبون أغنياء،والناس يتبادلون الكراسي، لا حزن يستمر ولا فرح يدوم ..
وطالب الدنيا كشارب ماء البحر، كلما زاد شرباً ازداد عطشاً.
لهذا أخي القارئ ..
لو رجعنا معًا نتصفح التاريخ لوجدنا فيه العبر ..
يقال أن: ( وائل بن حجر الحضرمي) وهو سليل ملوك اليمن ، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم معلنًا إسلامه.
وكان صلى الله عليه وسلم قد قال لأصحابه قبل وصول وائل
: «يأتيكم بقية أبناء الملوك»!..
فلما أتى وائل رحّب به النبي صلى الله عليه وسلم وأدناه، ثم أعطاه (أرضًا) نظير ما ترك خلفه من المُلك والزعامة.
ثم أرسل معاوية بن أبي سفيان ليدله على الأرض.
وكان معاوية وقتها من شدة فقره لا ينتعل حذاءً!..
هنا أخي العزيز ..نتوقف مع اهم موقف وعبرة فى القصة سجله التاريخ..
قال معاوية لوائل: أردفني على الناقة خلفك!..
ود عليه وائل قائلًا : ليس شحًا بالناقة ولكنك لست رديف الملوك!..
فقال معاوية: إذن أعطني نعلك!..
قال له وائل: ليس شحًا بالنعل، ولكنك لستَ ممن ينتعل أحذية الملوك!.. ولكن امشِ في ظل الناقة!!.
مازل الغرور مسيطر على أفكار وائل
يقال بعدها حسن إسلامه ..
ولكن دار الزمان ودارت الأيام..
وآلت الخلافة إلى معاوية، وجاء وائل إلى الشام وقد جاوز الثمانين من عمره ، ثم دخل على معاوية.،
وكان معاوية جالسًا على كرسي الملك..
هنا أخي الكريم..نتوقف مرة أخرى لنتامل العبرة..
نزل معاوية من على كرسي الملك والحكم وأجلس وائلًا مكانه، ثم ذكّره بالذي كان بينهما فيما مضى..
وأمر له بمالٍ..
فقال وائل: أعطه من هو أحق به مني، ولكني وددتُ بعد ما رأيت من حلمك لو رجع بنا الزمان لأحملك يومها بين يديّ!.
ختامًا أخي الكريم..
فعلًا لا غنى يدوم ولا فقر يبقى
فالدنيا تدور لتقف بك يوماً عند نفس الحدث..من المحال دوام الحال.
أذكر عبارة أعجبتني ولا أعرف كاتبها يقول فيها {أدركتُ أنه لا شيء يستطيع أن يحقن في أوردتك جرعاتٍ من الود العميق تجاه إنسان، كما يفعل سلوك (التواضع)، والتصرف بعفوية وبساطة، بعيداً عن مكياج (الأهمية) الكاذب، والأدعاء، والتصنّع، وربما الشعور المُبتذل بالعظمة!.}.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/04/06 الساعة 17:10