متحف الآرمات وجريدة الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2023/04/05 الساعة 01:25
الدستور تدخل في عامها الـ57.
رحلة في الصحافة من عمر الدولة، وسنوات خاطفة في ان معا.
وانا شهدت منها 15 عاما، وفي وقت قصير نسيبا، منطعفات ومحطات وتحولات وجنازات، وانقلابات وولادات، وشكوك واعادة نظر ومراجعات، وتوازي قرن من الزمن.
لا تكاد تنتبه ان العمر يمر، ويمر كرمشة عين، في الصحافة تنشغل، و تغرق في التفاصيل ومواكبة الاحداث والمتغيرات وتتحايل على نفسك والزمن والعمر.
و تتحايل على الاحداث وايقاعها، وتحاول ان تصنع من الخيبة امل فرصة، ومن الفشل والاخفاق محاولة.
ولكن، ثمة فارق في العمل الصحفي عندما تعمل، وانت مؤمن بحلم وفكرة مشروع وطني وعدالة اجتماعية ورفض للظلم والاستبداد الاقتصادي والسياسي، وبناء دولة القانون والعدل. ومؤمن بان العمل الصحفي الحر يجب ان يسير عكس الريح والتيار لا في اتجاهها.
عذرا عن الاستهلال الطويل، وان تأخر احتفالي في مولد الدستور . ولنبدأ من هنا، متحف ارمات عمان في وسط البلد قرر ان يحتفل في عيد ولادة الدستور على طريقته، واذ جاء في تقرير نشره الزميل محمود كريشان ان ادارة المتحف استحدثت ركنا لعرض اقدم النسخ المهمة من الصحيفة، وحمل الركن عنوان : 57 عاما.. الدستور سديانة الصحافة الاردنية.
وكما جاء في التقرير فان مؤسس المتحف الفنان غازي خطاب اختار الدستور دون غيرها من صحف اردنية ، لما تتمتع الصحيفة في نظره من مهنية وموضوعية والحرية، والرسالة الصحفية الوطنية.
ويقود خطاب في وسط عمان مشروعا ثقافيا استثنائيا تطوعيا و»غير ربحي» ، ويقع المتحف في شارع «الملك الحسين « المعروف بشارع السلط، ومقابل المقر القديم لجماعة الاخوان المسلمين ومطعم جبري .
اعز ما تملك الاوطان و الشعوب ذاكرتها، والدستور جزء مركون ومنسي من ذاكرة الاردن. والاحتفال في ذكرى ولادة الدستور يعني فتح نافذة على تاريخ وطن، ويعني استعادة الوقود من الذاكرة الوطنية حتى لا يفقد الاردني العادي ثقته في نفسه وقدراته على صنع تاريخ واكتشاف الممكن والمستحيل في المشروع الوطني الاردني.
و انت تتجول في متحف الارمات، تتصحف وتقلب تاريخ دولة وشعب ، صور وذكريات لسياسين واقتصاديين ومفكرين ، وادباء، ونجوم فن ومجتمع، ورأي عام، اطباء ومحامين، وارمات وصور لفنادق ومكتبات وعيادات وتعود الى حقب مختلفة من تاريخ الاردن .
وذاكرة متفرقة لعلامات ورموز من تاريخ عمان، وقد حافظ عليها الفنان خطاب وجمعها بعناء ومسؤولية وجهد بالغ الاحترام والتقدير.
المتحف مشروع مهم، لربما ان امانة عمان لا تملك مشروعا ثقافيا يوثق ويؤرخ لتاريخ المدينة الاجتماعي والتجاري والسياسي.
عمان اليوم رهينة لعداء مع ذاكرتها وتاريخها، ورهينة لعداء اجتماعي وخدماتي مع شقها الشرقي .
حماية ذاكرة الصحافة الاردنية مهمة وطنية مؤسساتية، وخطاب في متحف الارمات مشكورا يقودها دون عناء وكلل وملل، وقد بدأ من الدستور.
هذا العام الاحتفال في مولد الدستور فارق ومختلف، وفي متحف الارمات تحتفل في تصفح وتقليب صفحات من ذاكرة الصحيفة والوطن، وهو احتفال مغاير، وكل الشكر لغازي خطاب.
و احتفال في الدستور وسط مشهد وواقع يتبرأ وينسلخ من الماضي والتراث القريب والبعيد. وتذكرنا بان لدينا في الاردن ذاكرة وان اراد البعض ثقبها وارثا عظيما نستند اليه، وتحديات كبرى تنتظرنا، ولا يمكن تجاوزها لنبلغ مشروعنا وتمامه ان لم نحترم ونقدر ماضينا وارثنا.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/04/05 الساعة 01:25