غياب

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2023/04/02 الساعة 02:19
أنا متعب جداً من الصيام, ولهذا أغيب عن الكتابة ورئيس التحرير في $ لا يعاتب.. مادام أن القصة فيها صيام, يرتفع العتب..
تحدث معي أمس عبدالكريم الدغمي وسألني عن سبب غيابي, فأخبرته.. كان يظن أن عطلا فنيا قد حدث أدى إلى تحطمي تماما, عبدالكريم هو الوحيد الذي سأل عني.. على كل حال الحمد لله أن الشيب في هذا الوطن بقي كما هو وفيا ولم يفقد رصانته ولا حضوره.الحقيقة أن لا أحد يسأل سواء غبت عن الكتابة أم لم تغب, لأن الجيل الحالي يهتم إن غاب أحد نشطاء (التيك توك), ويهتم بزواج (اليوتيوبر) فلان من بطلة (السناب شات) فلانة.. ويهتم للتغريدات على تويتر, وهل يفكر راغب علامة بإنتاج (فيديو كليب) جديد.. وهل أليسا مقبلة على الزواج أم ستبقى كذلك, واخر ما قرأته فيما يتعلق باهتمامات هذا الجيل.. خبر يقول: إن هيفاء وهبي وعبدالهادي راجي يفكران بإنتاج (دويتو) مشترك.أتذكر في بداية التسعينات من القرن الماضي كنا طلابا في الجامعة, كان طارق مصاروة يطرز الصفحة الأخيرة في الرأي بمقاله, لكنه واجه عارضا صحيا مفاجئا.. ذهبنا إلى غرفته في المدينة الطبية كي نلقي عليه السلام فقط, كان طارق مثل المحاضرات اليومية التي نأخذها في الجامعة, لكنه كان محاضرة في الأنفاس القومية وحب البلد..أن لا أفهم كيف يقولون: إن لكل زمن ايقاعه وجيله, هل هذا الأمر يقع في باب التبرير؟.. لو كان لكل زمان وايقاعه وجيله لما خرجت الألوف المؤلفة.. من اليهود في الكيان الصهيوني, لجعل نتنياهو يتراجع عن قراره بشأن التعديلات القضائية.. وكما تعرفون يشكل الكيان الصهيوني قوة في الشرق الأوسط من حيث استخدام التكنلوجيا والتطبيقات وبيع برامج التجسس والطائرات المسيرة, ويبلغ رأس مال الشركات العاملة في قطاع تكنلوجيا المعلومات في هذا الكيان أضعاف ميزانية بعض الدول العربية والإفريقية مجتمعة..لو كان لكل جيل زمنه وايقاعه, لما اعتبر هؤلاء الناس أن المس بالقضاء سيكون نهاية إسرائيل, وأن اللعب بالقوانين سيعني ديكتاتورية مطلقة لرجل مهنته القتل والتنصل من الوعود والحرب والدمار...لماذا حينما يتعلق الأمر بالقيم التي تقوم عليها الدول يرمي الأعداء الإيقاع والزمن جانبا، ويعودون لقصة تأسيس هذا الكيان بالمقابل نحن نقفز ألف مرة عن القيم، وتصبح مقولات البعض السخيفة المتعلقة بالإيقاع والزمن أكبر تأثيرا وأعلى من القيم التي تأسست عليها الدول...على كل حال غبت أم لم أغب..لن يغير هذا من المشهد شيئا، ولكن أخاف يوما أن يطمس اخر ما تبقى من قيم لدينا.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/04/02 الساعة 02:19