تركيا: أردوغان إذ يبدأ حملته الانتخابية بـِ'تخوين المُعارَضة'؟!

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2023/04/02 الساعة 02:16

انطلق ماراثون الإنتخابات الرئاسية/والبرلمانية التركية, الحاسمة وغير المسبوقة في حِدّتها وخصوصاً لجهة تقرير المستقبل السياسي والشخصي للرئيس اردوغان, على نحو بات فيه غير «مُتأكّد» من قدرته على ضمان فوزه, بخلاف الدورات السابقة وبخاصّة تلك التي استطاع فيها «تحييد» مُعارضيه داخل حزب العدالة والتنمية وأولهم الرئيس السابق عبد الله غل, شريكه الأبرز في تشكيل حزب العدالة والتنمية، بعد انشقاقهم عن مؤسس تيار الإسلام السياسي «الحديث» في تركيا/نجم الدين اربكان. ناهيك عن رهط الذين خرجوا على طاعته وانشقّوا عنه وباتوا خصوم?ً له, يقفون في صفوف المعارضة ومنهم أحمد داود أوغلو وعلي باباجان حيث يدعمان مرشح المعارضة كمال كيلتيشدار أوغلو, بعدما تفادى تحالف «الطاولة السداسية» خلافاته, ونجح في إعادة ميرال اكشانار إلى صفوفه, وهي/أكشانار التي راهنت على استمالة مُنافِسيّ كليتشدار..وهما أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش رئيسا بلدية اسطنبول وأنقرة على التوالي. لكن أملها خاب فاضطرت للعودة لأن أردوغان سخِر منها في إجابة على سؤال ما إذا سيتحالف معها قائلاً: ليس لدينا اهتمام بجمع الحصى المُتساقِط.

صحيح ان ما يجمع تحالف «الطاولة السداسية/تحالف الأمة» هو «كراهيتهم» لأردوغان ورغبتهم إطاحته, وإرغام حزب العدالة والتنمية للجلوس في مقاعد المعارضة (رغم ان احتمال حصوله على الأغلبية واردة, وإن بعدد أقل من المقاعد التي يتوفّر عليها الآن, بعد تحالفه مع الحركة القومية اليمينية بزعامة/دولت بهشلي في تحالف يسمّى تحالف الجمهور، إلاّ أن ذلك لا يُسعف اردوغان حال خسر المقعد الرئاسي, كون الإنتخابات تتم في صندوقيْن واحد للرئيس وآخر للبرلمان).
إلاّ أنه صحيح أيضاً الإعتقاد بأن فوز أردوغان لم يعد مضموناً لأسباب عديدة, ليس أقلها فشل برنامجه الاقتصادي وانهيار سعر صرف الليرة التركية وارتفاع المديونية, فضلاً عن التضخم وغلاء المعيشة والبطالة, التي كشفت من بين أمور أخرى «فقاعة» المعجزة الاقتصادية, التي تم توظيفها دعائياً مع تولّي حزب العدالة والتنمية الحكم, خاصّة بعد وصول أردوغان لرئاسة الجمهورية في 10 آب 2014, وتحويله النظام البرلماني السائد منذ العام 1924 إلى نظام رئاسي عام 2017. ناهيك عن استثماره محاولة انقلاب 15 تموز 2016, التي اتّهم فيها تنظيم حركة?الخدمة/حِزمِت بالتركية بزعامة فتح الله غولن بالوقوف ورائها, لتطهير وإحكام قبضته على المؤسسة العسكرية, التي طالما تحكّم جنرالاتها بالحياة السياسية, بذريعة حفظ إرث أتاتورك, زعما أنها «المُؤتمنة» على هذا الإرث, وكانوا/العسكر سارعوا الى «تصحيح» مسار السياسة الداخلية التركية, عبر «ثلاثة» إنقلابات عسكري عندما شعروا ان مكتسباتهم باتت مهدّدة.
عودة الى المعركة الإنتخابية.
ثمّة «4» مرشحين باتوا مؤهلين لخوض انتخابات 14 أيّار القريب، يتقدّم صفوفهم - وفق استطلاعات الرأي - كمال كيليتشدار أوغلو ورجب طيب أردوغان, فيما يصعب على المُرشّحيْن الآخريْن.. محرم إنجة/حزب «مملكت» المُنشق عن حزب كمال كيليتشدار, والمرشح الرابع/سنان أوغان/ تحالف «آتا» أو الأجداد بالعربية, الحصول على نسبة تؤهل أحدهما للمنافسة في الجولة الثانية (هذا إذا لم يفز كمال أوغلو أو أردوغان من الجولة الأولى).
أردوغان الذي بدأ حملته الإنتخابية بـ«تخوين» المعارضة وإتهامها بخيانة الوطن والعمالة للخارج, بل ذهب بعيداً بالقول أنها «مُعادية للجيش والشرطة بشكل كامل», مُصوباً إنتقاداته اللاذعة على منافسه الأبرز/كمال كليتشدار أوغلو, ومُتهماً إيّاه بأنه «يلتقي مع قيادات المنظّمات الإرهابية ليدعموه في الإنتخابات (في إشارة الى لقاء أوغلو قيادة حزب الشعوب الديمقراطي/ الكردي التركي)، نازعاً عن قادة المعارضة «حُب الوطن» بل كل همّها– أضاف – يتلخّص بالدفاع عن قادة المنظّمات الإرهابية والسعي لإخراجهم من السجن «(إشارة أخرى إلى قاد? حزب الشعوب الديمقراطي المسجونين وعلى رأسهم صلاح الدين ديمرطاش).
نقول: بدأ اردوغان حملته الإنتخابية من المناطق التي ضربها زلزال السادس من شباط الماضي, بعد أن بات على قناعة بأن الزلزال الذي تسبّب بمقتل اكثر من 50 ألف نسمة, أسهمَ في تراجع شعبيته, خاصّة بعد اعترافه بالتقصير والتأخّر في عمليّات البحث والإنقاذ. ما يعكس أيضاً إعادته التعهّد الذي كان بذله لمتضرري الزلزال, بأنه سيقوم ببناء مليون وحدة سكنية في تلك المناطق خلال عام واحد، فيما لم تبدأ بعد ورشة ضخمة كهذه رغم مرور شهرين تقريباً على الكارثة.
في الخلاصة.. المعركة الرئاسية الراهنة في تركيا ستكون صعبة وقاسية, وستتخللها هجمات مُتبادلة بين أبرز مُرشحيْن.. أردوغان وكمال أوغلو, فيما تتواصل جهود كل منهما لحشد المزيد من المصوتين, كونها معركة يستشعر فيها حزب العدالة والتنمية وخصوصاً زعيمه أردوغان خطراً وارداً لفقدان سلطته وخسارة مشروعه بـ«أسلمة» تركيا, وسط تهديد بطي حقبة اردوغان و«إرثه», فضلاً عن تعهّد المعارضة بالعودة الى النظام البرلماني حال فوزها.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/04/02 الساعة 02:16