رحلات قيصر الصحراء الرمضانية في الطبيعة الاردنية.. مغارة برقش .. أيقونة الجمال الجيري

مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/29 الساعة 22:20
مدار الساعة - أ.د. أحمد ملاعبة-- المغارة على سفوح غابات برقش .. عانت سنوات من تدمير جماليات الصواعد والهوابط وتعرضت للحريق المفتعل ..إعادة تأهيل داخل المغارة والحماية السريعة مطلوبة بعد أن تم وضع سياج خارجي وكشك حمايةوسط غابات برقش ، 80 كم شمال عمان المنتشرة على مساحة 20 ألف دونم تقع مغارة (الظهر) برقش على مسافة 30 كيلو مترا الى الغرب من اربد ، وهي تكوين جيولوجي طبيعي تفع فيتكوين صخري جيري يعود للعصر الكريتاسي 65 مليون سنة ، إن العمر المقدر -حسب تحدبد الاعمار -لها هو 5 مليون سنة وتتكون من عدة مغارات ودهاليز متصلة ببعضها البعض وتقدر مساحتها بـ4 - 5 دونمات ، وقد تختلف هذه الارقام لاحقا تبعا لاكتشاف المزيد فيها. وتعد المغارة من اجمل المغارات الجيولوجية في العالم وتضاهي بجمالها وشكلها مغارة جعيتا في لبنان.وتقع المغارة دون مستوى سطح الارض ما بين 20 الى 30 مترا ضمن تكوين صخري سماكته 50 - 60 مترا ويتراوح ارتفاعها من المتر الى العشرين مترا ، وتبعد عن الشارع العام حوالي 150 مترا.وتشكل المغارة معلما سياحيا بارزا بما تحتويه من مخاريط من الصواعد في أرضيتها ومخاريط النوازل والهوابط المدلاة من سقفها بلونها القرمزي ، اضافة الى لوحات جدارية طبيعية متدرجة في الالوان والاطاريف ذات جمال طبيعي نادر تشكلت في دهاليزها التي يزيد طول بعضها عن المائة متر عبر ملايين السنين.وتشكلت الصواعد والنوازل في صور اعمدة كلسية يصل طول بعضها الى 170 سنتمترا في حين ما يزال بعضها في طور التشكيل. وتتدلى النوازل التي تلتصق بالسقف بطريقة رائعة وبالوان وردية تشبه تماما صخور خزنة البتراء الاثرية.واكتشفت المغارة علميا (من قبل أ. د. أحمد ملاعبة والاستاذ احمد الشريدة) في عام 1995 ، -- رغم انها كانت معروفة شعبيا من خلال مدخلها الضيق منذ عدة عقود - لكن لم تدرس وتكتشف علميا حتى عام 1995 -- وبعدها بسنوات تم توثيق المغارة بعمل مضني من قبل فريق اردني-الماني برئاسة البروفيسور احمد ملاعبة. المغارة تحتوي على سراديب ضيقة يمر منها جسم الانسان بصعوبة. وكان الدخول اليها يقتضي الزحف لمسافة 3 امتار عبر "عنق" صخري لا يتجاوز قطره نصف متر قبل ان يتم في العام 2003 توسعته وتكسيره بحيث اصبح بالامكان الدخول اليها وقوفا بقامة منتصبة ، وكان هذا العنق يشكل حائلا طبيعيا وقف دون دخول الناس اليها ما أسهم في الحفاظ عليها ، وحال دون إستخدام البشر لها مسكنا في القدم حيث لم يعثر بداخل المغارة على ما يشير الى ان أحدا سكنها.ويسود الظلام الدامس اجواء المغارة فيما تتواجد بقع صغيرة من الماء هنا وهناك احداها تعود اصلا لما كانت عين ماء صغيرة.وتتصف المغارة بالبرودة صيفا والدفء شتاء ، بحرارة معدلها 18 درجة مئوية ، فيما تفيد اجواؤها المنعشة المصابين بالازمة التنفسية.وتتميز المغارة بتشكيلاتها الصخرية والتي تكونت عبر ملايين السنين بألوان متعددة اضفتها المعادن الذائبة في المياه التي تسربت عبر الشقوق مسببة تآكل وذوبان الصخور الجيرية ومن ثم تبخرها مكونة الصواعد stalagmite والهوابط stalactite والتي يحتاج كل سم منها الى ما يتراوح ما بين 200 الى 300 سنة ليتكون قطرة قطرة.مخطط للمغارةوقد تم وضع مخطط كامل لدهاليز وممرات وباحات المغارة ، ويشير المخطط الى بعض المواقع في المغارة مثل ما اطلق عليه المعبر برقش ويقع الى الجهة الشمالية من المغارة و"قاعة الملكة" والتي تعتبر القاعة الاكبر والاوسع داخلها والمزدانة بما يسمى بالصواعد والهوابط ذات الاشكال الهندسية المتنوعة والبديعة والتي منها الاسطواني المتدرج والذي يبلغ قطر قاعدته حوالي المتر ليتدرج الى الاعلى ضيق قطري ليصل الى بضعة سنتمترات معطيا زخارف طولية على هيئة اعمدة بينها فرزات تشابه شكل برج "بيزا" في ايطاليا واخرى هوابط لها اشكال صفائحية او رقائقية مشابهة لاوراق شجر الموز ، وهي ميزة عالمية لا تتوفر الا في كهوف ومغائر قليلة في العالم.والى الجنوب من قاعة الملكة يتوسط المغارة كهف اطلق عليه كهف "السمر" والذي يفصله عن القاعة المجاورة ممر ضيق مؤديا الى فناء فسيح ، وفي النهاية الجنوبية للمغارة يوجد "كهف الوطواط" وسمي بذلك لكثرة تواجد الخفافيش فيه ، والى جانبه يوجد "كهف النبعة" حيث تتدفق المياه الجوفية التي تغذي "عين زوبيا" الواقعة خارج المغارة. وقد أسهمت المياه الجوفية المشبعة بالاكاسيد بتلوين جوانب المغارة والصواعد والهوابط داخلها.إهمال وتخريببالرغم من ان مغارة برقش هي المغارة الطبيعية الوحيدة المميزة في الاردن التي تحوي صواعد وهوابط يمكن استغلالها عالميا وبما لا يقل عن مستوى نظيراتها (كمغارة جعيتا) إلا ان الاهمال بقي يلفها لسموات، ناهيك عن اعمال العبث البشري المتعمد من قبل بعض الزائرين .--تعرضت المغارة الى محاولة تدمير لمكنونات جمالها .. وتراكم الدمار بمرور الزمن .. حيث ان كثير من الصواعد والهوابط الجميلة تكسرت بفعل العابثين .. ولكن كان التدمير الأشد.. هو الحريق .. حيث تم سحب إطارات المركبات النافقة الى داخلها واضرمت فيها النيران .. وتوشحت المغارة ثوب الحزن الاسود في كافة اركانها .. معلنا دخولها في ثنايا النسيان .. والموت البطىء ولكن تكاثفت جهود المخلصين والذين أطلقوا حملة .. إنقاذ مغارة برقش .. إرث جيولوجي سياحي .. عمره 4 ملايين عام وقد أزيل القتام .. وتنعمت المغارة بثوب العافية والنقاء والطهارة .. حيث تم غسيل المغارة وفق أسس علمية .. شارك نشامى الدفاع المدني وسياحة اربد والجامعة الهاشمية .. والبلديات والجمعيات المحلية .. والمتطوعين من الافراد حيث تم تنظيف المغارة بنجاح .. وعاد اليها آلقها وكذلك وضع حراسة دائمة .. ويبقى .. التأهيل الداخلي.-- مغارة برقش تتطلب خطة وطنية شاملة لحفظ وتأهيل المغارة .. لتصبح كهف مشاهدة .. حسب النمط المعمول به عالمياالمغارة بأمس الحاجة للمحافظة على شواهدها الجيولوجية وذلك عن طريق اعتمادها كمحمية طبيعية ، ووضعها على خريطة السياحة الجيولوجية والبيئية في الاردن ، وتسويقها محليا وعالميا كمحطة للباحثين لتشجيع سياحة العائلة ، والسياحة التعليمية (المدرسية والجامعية) ، الامر الذي يتطلب مزيدا من التأهيل بعد أن وضع كشك الحراسة والسياح وانشاء ممر من الطريق الرئيسة الى باب المغارة ، ولكن لا بد من العمل على إضافة تحسينات في الساحة الواقعة امام مدخلها عن طريق انشاء متحف واستراحة سياحية تقوم بتوزيع منشورات توعوية ، ومخطط يبين تضاريس المغارة من الداخل، والعمل على تنظيف ارضياتها ، وتزويدها بالبنية التحتية كالاضاءة ، والماء.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/29 الساعة 22:20