نتنياهو السادس 'يَترنّح'.. هروبه إلى الأمام لن يمنع 'سقوطه'

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/29 الساعة 01:05

خسر بنيامين نتنياهو معركته الأخيرة, التي رام من ورائها إنقاذ مستقبله السياسي والشخصي على حد سواء، عندما «هندسَ» مع عُتاة حزبه/الليكود ورهط اليمين الصهيوني المُتطرف(الصهيونية الدينية)، وحِزبي اليهود الشرقيين السفارديم/شاس, واليهود الغربيين الإشكناز/يهدوت هاتوراة، خطة إصلاح القضاء (تصِفها وسائل الإعلام الإسرائيلية بـ«خطة إضعاف القضاء»). على نحو يمنح الكنيست صلاحيات التدخّل لكبح السلطة القضائية, وبخاصة محكمة العدل العُليا والمستشار القضائي للحكومة. ما يعني من بين أمور أخرى منح السلطة التنفيذية/الحكومة, فرصة ل?امساك بالسلطتين التشريعية/الكنيست والقضائية وتحديداً ما يتعلق بعدم قدرة المحكمة العليا على رفض أي قانون يُقره النواب «المُنتخَبين» (فيما قُضاة المحكمة العليا لم ينتخِبهم الجمهور) على ما يُبرر نتنياهو وإئتلافه المُمسك بالسلطة بعد حصوله على 64 نائباً في انتخاباته/الخامسة, التي جرت في 1/ 11/ 2022.

عاصفة الاصلاحات القضائية التي أراد لها نتنياهو أن تكون مظلّة نجاة لشخصية ومستقبله السياسي, وبخاصة الحؤول دون دخول السجن, عبر التعديل الذي تمت الموافقة عليه بالقراءة الأولى الأسبوع الماضي. والقاضي بعدم السماح للمحكمة العليا بإقالة رئيس الوزراء خلال ممارسته منصبه، أجبرته/عاصفة الإصلاحات على التراجع والنزول عن الشجرة العالية التي صعدها، خاصة بعد إقالته وزير الحرب الجنرال يوآف جالنت، مرتكب الفظائع في قطاع غزة عندما كان قائداً للمنطقة الجنوبية خلال عدوان «الرصاص المسكوب».. ما اشعل (إقالة جالنت) الشارع الصهيوني, والذي خرج في مظاهرات عارمة مصحوبة بما يمكن وصفه «عِصياناً مدنياً», شمل قطاعات واسعة وحيوية بدءاً بالمطار الوحيد في الكيان (مطار اللد/بن غوريون) وميناءي حيفا وأسدود، ناهيك عن النقابات العمالية (الهستدروت) والمشافي والجامعات وخصوصاً ضباط الاحتياط في سلاح الجو (درّة آلة الحرب الصهيونية وذراعها الطويلة), الأمر الذي استغله نتنياهو في خطاب التراجع/التجميد الذي ألقاه وهو شاحب الوجه ومُتوتّر (على غير عادته الطاووسية) عندما قال مُحاولاً استدرار عطف الجمهور الصهيوني: إن إسرائيل لا يُمكن أن تكون موجودة من دون الجيش.. ?الأخير (يقصِد الجيش) لا يستطيع تحمّل العصيان»..وإن كان في الآن ذاته أعاد «تذكير» الصهاينة بأن «لدينا الأغلبية في الشارع والكنيست، ولن نسمحَ - أضاف - بسرقة نتائج الانتخابات, ويُوجد أقلِية مُستعدة لأن تمزّق إسرائيل قِطعاً».
خطاب التراجع واضطرار نتنياهو تجميد الاصلاحات القضائية، جاء بعد مخاض عسير خضع له الائتلاف الفاشي الذي يقوده، خاصة بعد ان هدّده ثنائي الصهيونية الدينية.. بن غفير/وزير الأمن القومي, وسموترتش/وزير المالية بتفكيك الائتلاف، ما دفعه إلى تأجيل «الخطاب» الذي كان سيلقيه في العاشرة صباح أول أمس/الإثنين إلى أن توصل لـ«صفقة» مع بن غفير يُبقي الأخير مُشارِكاً في الائتلاف، فيما يُوافق نتنياهو على زيادة «ميزانية» وزارة بن غفير/الأمن الوطني، بما في ذلك إقامة «حرس قومي».. (ستكون مُهمته التنكيل بفلسطينيي الداخل, على ما قالت ?وساط فلسطينية/48).
نتنياهو تراجعَ.. جمَّد ولم يُلغِ خطة الاصلاح القضائي, في انتظار نضوج ظروف مواتية تسمح له بإعادة «تنشيط» خطته وانجاز ما نوى تكريسه قبل ان يتفكك ائتلافه, او يُجبر على الذهاب لانتخابات ستكون «السادسة» (خلال أربع سنوات)..وهو ما أكده في خطابه مساء أول أمس/الإثنين بقوله: إنه سيُجمّد خطته في دورة الكنيست الحالية إلى ما بعد انتهاء الدورة الصيفية, التي تبدأ في 30 نيسان القريب وتنتهي في 30 تموز المقبل. ما يعني أن «المعركة» ستُستأنف صيف هذا العام، وإن كانت تداعيات الأسابيع الـ«13» الأخيرة ستتواصل على أكثر من صعيد داخ? كيان العدو, بعد أن خسر نتنياهو «جولة» حاسمة, لم يستطع خلال دورة الكنيست الحالية إقرار رزمة القوانين التي تكبل المحكمة العُليا, خاصة تجاه ملف الاتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة التي يُحاكم الآن على ضوئها, سوى بالقراءة الأولى كما سبق وأشرنا إليه، الأمر الذي تجلّى أيضاً في نتائج استطلاعات الرأي التي جرت مباشرة بعد خطاب «تجميد» خطته إلى الصيف المقبل..إذ أشار استطلاع أجرته القناة 12 (وهي إحدى القنوات المؤثرة) إلى تراجُع بل انهيار الليكود/حزب نتنياهو, عندما تراجع من 32 (عدد مقاعده في الكنيست الحالية) إل? 25مقعداً، فيما تحصل كتلة الصهيونية الدينية على 12 مقعداً وحزب شاس الحريدي على 10 مقاعد، و7 مقاعد لحزب يهدوت هاتوراة, ما يعني أن مجموع ما يحصل عليه الائتلاف الفاشي الحالي هو 54 مقعداً (يتمتع الآن بأغلبية 64 مقعداً).
على المقلب الآخر يتقدم حزب المعسكر الوطني/ «همحني همملختي» بزعامة غانتس وساعر صفوف المعارضة حيث يحصل على 23مقعداً، أما حزب يش عتيد بزعامة زعيم المعارضة الحالي/لبيد فيحصل على 22مقعداً, وحزب افيغدور ليبرمان/إسرائيل بيتنا على 6 مقاعد، أما ميرتس والقائمة المُوحدة/منصور عباس فلكل منهما 5 مقاعد كذلك كتلة الجبهة والعربية للتغيير 5 مقاعد.
هذا دون التطرّق إلى احتمالات حدوث تمرّد داخل الليكود وبروز مُنافسين لنتنياهو (في انتخابات البرايمرز) قد تُسرِّع بخروجِهُ من المشهد.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/29 الساعة 01:05