أ.د. بلال ابوالهدى خماش
كما تعلمنا وعلمنا الرسول ﷺ ان الكلمة لها معناها في التخصيص والتعميم وفق سياق الحديث في آيات الله عز وجل في القرآن الكريم، فعلينا تدبر معانيها. لقد ذكر الله تعالى الناس في الآية (وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلۡمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيۡهَا مِن دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ (النحل: 61)). ويعني الله بذلك جميع الناس بشكل عام، ومنهم أصحاب الرسالات السماوية السابقة اليهود والمسيحيين وكذلك المسلمين وفق الترتيب الزمني، والكفار والمشركين وعبدة الشيطان ... إلخ. وأينما وجد أولئك على الأرض وبشكل عام لأن الله قال عليها (ويعني بذلك على ظهر الأرض وفي باطنا (في الكهوف والأنفاق الجبلية والمائية والفلك بكل انواعها والغواصات ... إلخ). وقال الله ايضا في الآية (وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهۡرِهَا مِن دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِۦ بَصِيرَۢا (فاطر: 45)). وهنا يقصد الله الناس والذين ذكرنا بعضهم آنفا بشكل عام أيضا ولكن حدد وخصص في هذه الآية وقال على ظهرها اي على ظهر الأرض فقط وليس في باطنها.
وفي الآيتين السابقتين ذكر الله انه لا يؤاخذ (لامؤاخذه، اخذ وعطاء ومحاسبة) أي يحاسب المذكورين من الناس بشكل سريع واول بأول ولكن يعطيهم فرص كثيرة للتوبة والعودة والرجوع عن مخالفاتهم لأوامره وعدم إجتنابهم لنواهيه (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم:41)). وليكفوا عن ظلمهم لبعضهم البعض ولأنفسهم، لقوله تعالى: بظلمهم بشكل عام ولم يحدد نوع الظلم ولهذا فمن الممكن أن يظلموا أنفسهم. كما قال سلمان الفارسي لأخيه أبي الدرداء عندما زاره فوجده قد انقطع للعبادة حتى أهمل حق زوجته وحق نفسه، فقال له: إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وقد أقره النبي ﷺ على ذلك بقوله: صدق سلمان. كما تم إستخدام كلمة كسبوا بشكل عام وهي من الفعل كسب (اي نال وحصل الإنسان على منافع مادية دنيوية مادية ربما ربوية آو معنوية أو جنسية او وظيفية او منصبية وغيرها بغير الحق) عن طرق إرتكاب الآثاَم والذنوب بعدم الإلتزام بأوامر الله ونواهيه. فندعوا الناس جميعا ليتدبروا الآية (أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ (الحديد: 16)) جيدا ويتوبوا إلى الله.