عبيدات يكتب: تربويات؛ هل بينها رابط؟
يقال: إن الأحداث لا تأتي فرادى، فهناك متلازمات مثل الفقر والجهل والمرض، ومتلازمة أخرى مثل الهمّ والقلق والهزيمة، وثالثة مثل فقدان الوظيفة والمرض وانقطاع الضمان الاجتماعي. هذه متلازمات مفهومة قد تكون العلاقات بينها سببية أو مصادفة، أو إمعان في إلحاق الأذى الشامل. لكن هناك أحداث لم أر رابطا بينها، ولذلك أطرحها لعلّ أحدًا يجد ما أبحث عنه!
(1)
عودة الحفظ والتلقين:
كان من أفضال كورونا أنها كشفت عن ضعف التعليم، وضعف أداء المعلمين، وقلة القدرة على مواجهة الأزمات، ومع ذلك برزت أفكار إصلاحية كان يمكن استثمارها مثل: التركيز على المهارات الأساسية في اللغات والرياضيات والعلوم، وزيادة حجمها في المناهج والخطط الدراسية. كما ظهرت فكرة مهمة جدّا وهي التركيز على المفاهيم والمبادىء الأساسية؛ بدلًا من المعلومات والحقائق. نعم! أحسنت وزارة التربية صنعًا بعدم طلب حفظ النصوص غيبًا وخاصة في العلوم الإنسانية، والاكتفاء بفهمها واستيعابها، وكان هذا أبرز سلوك يمكن أن يطوّر التدريس والكتب والثقافة المدرسية! لكن هذا لم يعجب الثقافة الراسخة في عقول الامتحانيين "القدماء"، ولذلك قرّروا إعادة أهمية الحفظ والتلقين، والتركيز على أن أسئلة التوجيهي كلها من الكتاب، حدث هذا في الوقت الذي تقود الوزارة حركة تطوير التوجيهي!!! ولكي لا يُساء التفسير حدث هذا قبل تولي د. عزمي محافظة وزارة التربية بشهور! لكن السؤال : كيف سنطوِّرالتوجيهي إذا كان لدينا من يزال يبحث عن الحفظ المحذوف وإعادة حفظ النصوص غيبًا؟؟
(2)
المركز الوطني للمناهج:
كتبت أكثر من مقالة عن ضرورة اهتمام المركز الوطني للمناهج بالأحداث المهمة مثل: يوم المرأة العالمي، اليوم العالمي للغة العربية، ولاحظت غيابًا للمركز عنها بعد أن كان مصدر تنظيم هذه الأيام، وكانت الهيئات الرسمية وغير الرسمية تعتمد على جهد المركز في بيان الجهود الأردنية في هذا المجال. مرّت هذه الأحداث هذا العام دون أن يبدي المركز أي اهتمام علمًا أنه يشهد حاليّا تأليف مناهج وكتب العلوم الإنسانية! فهل أضعنا فرصة؟
يبدو أن المركز تدارك الأمر وقرّر – مشكورًا - تقديم أنشطة عن الصيام! نأمل خيرًا ومزيدًا من التفاعل مع الأحداث. فقد تفاعل المركز مع رمضان المبارك للمرة الأولى هذا العام .وللعلم، أصدر المركز كتابًا عن التعليم والمستقبل، ولم ألاحظ أيّ رد فعل من أحد: إيجابًا أو سلبًا ولو بكلمة واحدة! لم يسمع به مدير ولم تتزين به مكتبة مدرسية، ولم يعلق عليه أحد قبلي!! مع أن الكتاب قد خضع لتقويم صارم، علمًا أنه احتوى على رؤى شخصية مستقبلية لا تخضع لتقويم ولا يجوز لها ذلك! ليس هذا مهمًا فبعض الناس مغرم بالتقييم والتقويم.
وعلى ذكر المركز الوطني للمناهج فهو مؤسسة مستقلة يقودها رئيس مجلس مستقل يشتمل على أعضاء بينهم وزير التربية، فالوزير عضو في المجلس!
(3)
جهود الإصلاح التربوي:
منذ تولي د. عزمي وزارة التربية والتعليم بدأت الوزارة حركة نشطة، أدت إلى تطبيق أو إقرار توجيهي (أبو سنتين) وفق توصيات لجنة تطوير التوجيهي. وتطبيق قرار جريء بتشعيب التعليم المهني بعد الصف التاسع؛ ليعمل الطالب ثلاث سنوات مهنية.
لا أناقش مدى ملاءمة هذين القرارين، ومدى تأثيرهما سلبًا أو إيجابًا ، لكن أقول: شهدت الوزارة حركة سريعة بهذا الاتجاه ما يبشّر بحركة إصلاح واسعة، تشمل المعلمين وأداءهم وثقافتهم ومظهرهم ، والتدريس واستراتيجياته وشكله ومضمونه. كما يشمل طرق التعامل مع الطلبة وجذبهم إلى التعلم. لم نلحظ شيئًا من هذا، فلربما تعمل الوزارة بصمت، فالجهد شاق، ولا شك أن مجلس التربية لديه مثل هذه الخطط وينتظر لحظة الانطلاق. فالمجتمع ينتظر، وكذلك الدولة!
سيكون لدينا في كل عام:
- امتحان توجيهي سنة أولى
- امتحان توجيهي سنة ثانية
وربما:
- امتحان إعادة سنة أولى
- وامتحان إعادة سنة ثانية
أما حساب المعدلات، وفق التخصصات فهو أمر آخر!
ملاحظة:
لم تقابل توجّهات الوزارة والمركز الوطني بأي نقاشات مجتمعية! فتربويّو كليات التربية في معزل
عن التربية!
( ٤ )
رتب المعلمين
لدى وزارة التربية نظام رتب للمعلمين ، جاء نتيجة جهود بذلها الروابدة منذ ١٩٩٤، واستمر نضال المعلمين ونقابتهم حتى تمّ إقرار الرتب: معلم ، معلم أول، خبير، قائد. لا أناقش النظام هنا لأنه يستحق بحثًا كاملًا..
المدهش أن هذا النظام يسمح بوجود معلم في رتبة قائد أو خبير بينما مديرة أو مشرفة أو مدير التربية أو مدير الوزارة لا يحملون هذه الرتبة. إذن معلمون يحملون رتبة قائد، و"قيادات " مسؤولة لا تحمل هذه الرتبة!!!!
هذه قضايا أربع! ما المشترك بينها؟