تزوير رمضان

بلال حسن التل
مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/22 الساعة 23:06
ها نحن نعيش بحمد الله، مرة أخرى شهر رمضان، الذي نودعه في كل عام بالدعوات لله العلي القدير أن يعيده علينا في العام القادم ونحن على وجه الأرض لا في بطنها . بالرغم من من احتفائنا برمضان فأن غالبية منا لا تعي من حقيقة رمضان شيئا ،بل أنها تشارك في عملية تزوير رمضان، عندما تنقاد كالقطيع وراء صناع عملية التزوير هذه التي تتصاعد عاما بعد عام،وهي العملية التي يبدأ التحضير لها قبل كل رمضان بأسابيع ،عندما تبدأ وسائل الإعلام بالاعلان عن "برنامجها "للطبيخ' في رمضان وكان رمضان هو شهر للتسابق لاختيار من يأكل أكثر ويكون شرها أكثر ،مع أن أكثر حقائق رمضان وضوحا أنه شهر التقشف والزهد خاصة في الطعام والشراب،وضرورة الاحساس بالجوع والعطش لنتدرب على الإحساس والشعور بمعاناة الفقراء والجوعى وما أكثرهم في بلدنا هذه الأيام.
أن مانشاهدةونقرأه قبل وخلال شهر رمضان المبارك من دعايات وبرامج حول الطعام ومطابخه يزور حقيقة رمضان وجوهرة باكثر من صورة من صور التزوير ،ففوق أنه يقدم رمضان كشهر للشراهة في الطعام والشراب، فإنه يقدمه كشهر يشجع على الاسراف ،رغم النهي الشرعي عن الاسراف،وهو نهي صار بالنسبة لبلدنا ضرورة وجود،جراء مانعيشه من ضيق اقتصادي،كما أن مانشهده ونقراه في وسائل الإعلام عن مطابخ رمضان،يجرح مشاعر الكثير من الناس،ممن لايستطيعون تأمين ضرورات طعامهم وشرابهم،فما بالك بمجارات السفة والاسراف الذي تروج له برامج الطبخ التي تسمى زورا وتزويرا وبهتاناً على أنها رمضانية ،وهو مخالفة صريحة للتوجيه النبوي، فقد نهى رسول الله عن أن يشم الجار رائحة طعام جارة فيشتهبه وهو غير قادر على تأمينه.
ليس تقديم شهر رمضان المبارك على انه شهر طعام وشراب ،هو التزوير الوحيد لحقيقة وجوهر عبادة الصوم في هذا الشهر الكريم ،فقد وصل التزوير لحقيقة رمضان إلى درجة تقديمه على أنه شهر تسلية وترفيه ،تتسابق وسائل الإعلام بتقديم مسلسلات الخلاعة والترفيه فيه،حتى صارت المسلسلات التاريخية والدينية تتراجع في رمضان إلى درجة التلاشي ،في عملية ممنهجة لتزوير جوهر رمضان وحقيقته،سواء من خلال مسلسلات الخلاعة والعنف ،او من خلال ما يسمى بالخيم الرمضانيه ،التي تضم كل ماليس له علاقة برمضان وحقيقته، فرمضان ليس شهر ترفيه وتسلية.وليس شهر كسل وتقاعس،بل هو على العكس من ذلك تماما ،فهو شهر الجد الذي حقق المسلمون فيه اهم انتصاراتهم العسكرية يوم كانوا يفهمون رمضان على حقيقته،فكانوا يتعبون فيه أما بجهاد السيف ،او بجهاد النفس بثنيها عن الرغبات بالعبادة وهو الجهد الأشد والأصعب.
كثيرة هي أوجه التزوير الممنهج الذي يتعرض له شهر رمضان ،اقلها تصويره على أنه شهر خمول و كسل أو عصبية وتوتر، وأعلاها أنه شهر احتكار للسلع، اوشهر ميوعة وتسلية ،وهو تزوير على كل واحد منا التصدي له بمقاطعة كل ما يعلن عنه من مظاهر التزوير،بان يمارس كل واحد منا عبادة رمضان على حقيقتها ،وهذه مسؤولية فردية لحماية رمضانمنالتزوير.
الراي
مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/22 الساعة 23:06