وزير خارجية لبنان الأسبق ناصيف حتي في تصريحات قوية: لبنان في طريقه إلى 'دولة فاشلة'.. ولا أحد يعرف من هو 'ماسك المفتاح في البلد' (صور)
مدار الساعة - كتب: داوود الماني - حذر وزير الخارجية اللبناني الأسبق ناصيف حتي، مساء الأربعاء، بأن بلاده في طريقها لـ"الدولة الفاشلة"، داعيًا إلى"إنقاذ المركب اللبناني من الغرق".
واكد أن المأساة في لبنان هي في "لعبة الكراسي الموسيقية".
ولفت إلى أن المشكلة في بلاده هي في "لعنة الجغرافيا " موضحا أن "الحل ليس بتربيع الدوائر" .
وقال حتي في محاضرة سياسية نظمتها الرابطة الأردنية -اللبنانية بحضور القائم بأعمال السفارة اللبنانية بالوكالة السفير جو رجي ونائبه المستشار جورج فاضل أن "الأزمة المالية اللبنانية تعكس أزمة إقتصادية التي تعكس بدورها أزمة سياسية فعليك أن تمضي في هذا الطريق وعند ذلك تستطيع أن تلجأ ما يفترض أن يكون لك صداقات أستطعت أن تقيمها في الخارج وإلا سنبقى في حالة دولة في طريقها إلى الفشل".
وأكد حتي أن "الإنهيار والتفكك المجتمعي (اللذين يعاني منهما لبنان) هما من مظاهر دولة في طريقها إلى الفشل ". .
وشدد أن "المطلوب هدنة سياسية لمنع المركب اللبناني من الغرق وعلينا مراجعة الكثير من السياسات (التي أتخذت) في الماضي.
وأكد أن الأزمة في لبنان "متعددة الأوجه ،أزمة طوائفية أو طائفيات سياسية أو مذهبيات سياسية"
وأوضح أن "التركيبة اللبنانية كانت دائما قائمة على هذه العملية" .
وقال حتي "ليس سرا أن هناك خلافات بين أحزاب مسيحية بين بعضها البعض ولكن ليست هذه المشكلة الوحيدة قد تضعف هذا الجانب ولكن في نهاية الأمر أنا بتقديري لا نحاول "تربيع الدوائر" في لبنان وأتحدث كمواطن لبناني يجب الإتجاه نحو بناء الدولة اللبنانية وبناء دولة المؤسسات هذه ليست لها علاقة بإلغاء الطوائف على العكس ولكن بشكل تدريجي يجب الإتجاه نحو بناء دولة المؤسسات" .
وأكد أن "مأساتنا في لبنان هو غياب ماسسة السلطة ،حيث لا توجد مأسسة للسلطة يعني عندك مشاكل بكل الأوقات مثل "رقصة الكراسي الموسيقية "
وشدد على أن الحل (في لبنان ) ليس بـ "تربيع الدوائر" .
وأشار إلى أن مشكلة لبنان الثانية هي موقعه في الجغرافيا السياسية والهشاشة وبالتالي جاذب لكل أنواع التدخلات بسبب موقعه الجغرافي واسميته "لعنة الجغرافيا"
وأضاف : أن عنصر تفاهم الحد الأدنى بين القوى المؤثرة في لبنان ضروري ولكنه غير كاف علينا أن نقوم بعملية إصلاح هيكلي شامل وبشكل تدريجي يقولون "ما لا يدرك كله فلا يترك جله ".
وأكد حتي أن المنطقة غنية –للأسف- بالصراعات والخلافات.
وقال :نعيش في منطقة الشرق الأوسط منذ حوالي عقدين من الزمن نظاما إقليميا يمكن وصفه بـ "نظام فوضى إقليمية".
وزاد : هناك نظام ولكن ليس معناه "انتظام" هي أنماط من العلاقات ،نظام فوضى منذ على الأقل عقدين من الزمن وإزدادت بشكل خاص ما عرف بـ"الربيع العربي" نعيش ما أسميه "حروب ثلاث" تغذي وتتغذى كل منها على البعض الآخر بشكل سريع أولها : حروب أهلية البعض يحملها للخارج والبعض ويحملها ويبرىء نفسه عنها دائما وهي نظرية تآمرية أسميها "أغاتا كريستي " وإنه أنا دائما بريء وكل العالم يتآمر علي وأنا قمة البراءة .
غير إنه قال وفق ما تابعت مدار الساعة أن "المؤامرة تنجح عندما تكون هناك ظروف تهيء لأن تنجح مؤامرة".
وقال حتي : هناك الكثير من المؤشرات لما يعرف بالدولة التي في طريقها للفشل والدولة التي باتت فاشلة التي لديها سفير في الخارج وعلم وعضو في الأمم المتحدة ولكن لا أحد يعرف من هو "ماسك المفتاح في البلد" ،إلى جانب إنهيار اقتصادي واجتماعي ومجتمعي وأمني شامل وهناك إزدياد في هذه الحالات .
ولفت إلى أن "هناك نزاعات مستمرة ، فهناك "مثلث برمودا شرق أوسطي" من اليمن إلى سوريا إلى ليبيا ،إزدياد الصراعات الأساسية .
وأكد حتي : أنا من بلد عانى الكثير ولو لم نصل إلى هذا الأمر رغم ما سمي "حروب أهلية" أو "حروب الآخرين" ولكن بأدوات لبنانية ولدينا شيئا جد أساسي وهو "لعنة الجغرافيا" ويجب أن تعرف كيف ستتعامل مع محيط، ولا يمكنك أن تنكر محيطك ولا يمكنك القفز عنه ،فما بالك إذا كانت دولة ضعيفة أو مستضعفة أو منكشفة مجتمعيا بسبب الإنقسامات أو أمنيا وجاذبة لكافة أنواع التدخلات في منطقة جغرافية سياسية جدا هامة هذا بالطبع يجمع كل عناصر التفجير .
وأوضح أن مشكلتنا دائما في الأطر العربية هي أن الإقتصاد مسيس والسياسة مشخصنة.
وأضاف :وعندما أتحدث عن مثلث الأزمات نستطيع أن نرى كما ذكرت أن هناك دولا تعتبر فاشلة وتشهد صراعات وحالات أخرى في طريقها للفشل .
*"لعنة الجغرافيا"
وزاد : المشكلة هي لعنة الجغرافيا السياسية ،هناك جاذبية للصراع فيخطف ما هو صراع داخلي بدلا من أن يعالج لصراعات أخرى ولحسابات أخرى .
وقال : أن مجمل دولنا العربية على الأقل عدد كبير منها لديها نوعا من الإنكشاف المجتمعي بسبب غياب استكمال عملية بناء الهوية الوطنية الجامعة ،لأن الدولة في كثير من الحالات سبقت الوطنية ولكن العيب هو عدم بناء هوية جامعة ،وبناء دولة مدنية بناء مشترك ويؤسس عليه والتنوع بعد ذلك يصبح مصدر غنى وليس مصدر تشتيت وليس جاذبا للتدخل لا بل معزز ويصون الوحدة الوطنية.
*"تديين الصراع "
وأوضح أن "مشكلتنا العربية بشكل عام وأيضا من تجربتي إنه كان دائما هناك إنفصام بين القرار وبين التنفيذ ،نتخذ قرارا ونضعه على الرف ونعتبر أن القرار سينفذ أو سينفذ ذاته بذاته لا نوظف إمكانات سياسية للذهاب لتنفيذ قرار، وبدأت عملية التآكل ووجدنا نفسنا اليوم مع الحكومة الإسرائيلية الجديد، الحكومة الأكثر يمينية وتشددا دينيا وهي طرحت شيئا خطيرا جدا في مرحلة كانت القضية الفلسطينية أو الموضوع الفلسطيني موضوعا على الرف بسبب قضايا ضاغطة يوميا أمنية ضاغطة وسياسة واستراتيجية عند مختلف دول المنطقة أو مختلف المناطق الفرعية في المنطقة وجدنا اليوم هذه السياسة تقوم على "تديين الصراع"، نعم كان هناك عنصر ديني .
وقال: ولكن ما يجري الآن هو "تديين " كامل للصراع وبالتالي إلغاء الحد الأدنى مما يمكن أن يسمى "حقوق وطنية للشعب الفلسطيني"، اليوم في سباق (إسرائيلي) نحو إستكمال قيام الدولة الواحدة من المياه إلى المياه
وأكد أنا متخوف إننا نسير في طريق قد نصل إلى إلغاء الأرض وإحتمال قيام دولتان تعيشان جانبا إلى جنب وهو الحل الأكثر واقعية .
*مبادرة السلام العربية غير مطروحة على الأرض
وتابع حتي: في الماضي كان يتهم العرب بأنهم "غير واقعيين"، اليوم من هو ضد هذا الحل هو "غير واقعي" ،ليس بالإمكان إلغاء هوية شعب والتعبير عن نفسه،ومبادرة السلام العربية في 2002 التي أطلقت في بيروت جدا واضحة ومستندة كليا للقرارات الدولية ولم يجر إسقاطها بـالبراشوت من فوق وبالتالي فهي غير مطروحة على أرض الواقع .
واستطرد : نحن نعيش لحظات خطيرة وأنا لا أستبعد بأي وقت وليس بتخطيط أن نصل إلى إنفجار أقوى من إنتفاضتي الأولى والثانية وتخلط الكثير من الأمور إذا لم يكن هناك موقف يذهب بإتجاه الحل وهذا من شأنه أن تستفيد منه أي قوى راديكالية على الأرض لأهداف لا علاقة لها بالموضوع كليا وتوظفها بأماكن أخرى ،فالتهدئة ضرورية ولكن ليست هدفا وإنما وسيلة لإعادة إحياء مفاوضات سلام على القواعد المعروفة .
حضر المحاضرة عميد الجالية اللبنانية المهندس فؤاد ابوحمدان ورئيس الرابطة الأردنية-اللبنانية سامية منكو الصلح ورئيس المنتدى الأردني اللبناني لرجال الأعمال نسيم الدادا وعدد من الحضور .