ما حكم سماع الفواصل الموسيقية في البرامج التعليمية؟
مدار الساعة -السؤال:كنت استخدم تطبيقا لتعلم اللغة الإنجليزية، لكنه يحتوي على نغمات موسيقى عند الإجابة بإجابة صحيحة، أو عند الانتقال إلى مرحلة جديدة، ولا أستطيع كتمها دائماً؛ لأن هناك بعض الأسئلة تكون سماعية؛ أي يجب علي أن أسمع السؤال، وأجيب عليه، وهذا يدفعني إلى سماع تلك النغمات، وعدم القدرة على كتمها دائماً، وأنا الآن مضطرة إلى تقوية لغتي الإنجليزية؛ بسبب دخولي إلى الجامعة، ولا أملك وسيلة إلا هذا التطبيق، ولكن المشكلة تكمن في احتواءه على هذه النغمات، فما حكم استخدامه؟
الجواب
الحمد لله.
النغمات اليسيرة التي تظهر في البرنامج التعليمي – المشار إليه في السؤال- عند ظهور الإجابات، أو الانتقال إلى مرحلة أخرى: ليست مقصودة، ولا يكاد يحصل بها الاستماع، فهي أقرب إلى إشارة تنبيه.
ومع عدم القدرة على منع الصوت في البرنامج عند سماعها، وعدم وجود برامج بديلة خالية من تلك النغمات يستعاض بها عن هذا البرنامج: تتأكد الرخصة في هذه البرامج.
فالأمر يسير من جهتين:
الأولى: أن العلماء قد فرقوا بين الاستماع والسماع، فمنعوا الاستماع، وترخصوا في السماع. وظاهر حالتك أنه من باب السماع. فعن نافع مولى ابن عمر قال: " سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَعَدَلَ رَاحِلَتَهُ عَنِ الطَّرِيقِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ، قَالَ: فَيَمْضِى حَتَّى قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَيْهِ وَأَعَادَ الرَّاحِلَةَ إِلَى الطَّرِيقِ، وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا "رواه أبو داود (4924)، وصححه الألباني في " تحريم آلات الطرب " (ص 116).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فإنَّ النَّهي إنما يتوجه إلى الاستماع، دون السماع، ولهذا لو مرَّ الرجل بقوم يتكلمون بكلام محرَّم: لم يجب عليه سد أذنيه، لكن ليس له أن يستمع من غير حاجة، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بسدِّ أذنيه لمـَّا سمع زمارة الراعي؛ لأنه لم يكن مستمعاً، بل سامعاً" انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/630).
وسُئل علماء اللجنة الدائمة: "ما حكم من يسمع الغناء في التليفون الذي يكون مضطرا أن يحجز عليه لدى الخطوط الجوية؟ حيث إنه غالبا يرد جهاز تسجيل ملحق به، ويطلب منه الانتظار، ثم يسمعك أغنية أو موسيقى، وأيضا في مقدمة الندوات الدينية أو العلمية التي نكون في شوق لأن نتعلم من تلك الندوة أو البرنامج العلمي؟
فأجابوا: استماع الغناء لا يجوز، وأما سماعه بدون قصد كما يعرض في الطريق أو التليفون فنرجو ألا حرج" انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة" (26/238).
الثانية: أنّ هذا مما عمت به البلوى، ويصعب الانفكاك منه عند قضاء الكثير من المصالح، وهو يسير، تابع لغيره، ليس مقصودا في نفسه؛ واغتفار اليسير التابع: أمر معتبر شرعا، مقرر عند الفقهاء.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (262486 ).
وعليه؛ فلا بأس من استخدام هذا البرنامج التعليمي، مع الاستغفار لما لم يمكن الانفكاك منه من هذه الفواصل اليسيرة، وهذا هدي الصحابة رضي الله عنهم في التعامل مع ما يشق الاحتراز منه، فعن أبي أيوب الأنصاري: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ. وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا.
قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَقَدِمْنَا الشَّامَ. فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ. فَنَنْحَرِفُ عَنْهَا، ونستغفر الله" رواه مسلم (264).
والله أعلم.