الاعفاءات الطبية والإدارة الإنسانية
أن القرار الذي اتخذته الحكومة بإلغاء الاعفاءات الطبية خاطئ في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون، وخصوصاً في ظل عدم وجود مظلة تأمين صحي شامل، فالحصول على الإعفاء الطبي حق لكل مواطن، حيث أن مئات الآلاف منهم غير مؤمنين صحياً من أي جهة، وأن السبيل الوحيد لمساعدة هؤلاء المواطنين هو الحصول على تلك الإعفاءات. ولا أدري كيف وإلى ماذا استندت الحكومة عند اتخاذها لهذا القرار، وما هي مسوغات الإلغاء، أليس الأجدر بهذه الحكومة تلمس حاجات الناس، ومراعاة ظروفهم الاقتصادية، ومراعاة عدم قدرتهم على الانفاق على العلاجات والرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها. حكومتنا الرشيدة، دولة رئيس الوزراء؛ هل تناهى إلى مسامعكم مصطلح الإدارة الإنسانية، الإدارة التي ترى أن الإنسان كمورد لا يعادله أي مورد في عملية الإنتاج الفكري والمادي والعاطفي، وحتى لا تبقى هذه الطاقة الإنسانية معطلة يتحتم علينا أن نؤسس البيئة العملية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية التي تتيح لهذه الطاقة أن تنطلق، وهذا هو دور الإدارة الإنسانية وهذا هو محور حركتها ونشاطها. حكومتنا الرشيدة؛ إن السيطرة المركزية في اتخاذ قرار إلغاء الاعفاءات الطبية هي من مبادئ الإدارة التقليدية، وهذا القرار الذي يفتقر إلى التخطيط، ويفتقر للتوقيت المناسب، سينعكس على مفهوم الاستدامة والشمولية والمشاركة في اتخاذ القرار، والتي تعتبر من مبادئ الإدارة الكلية. وفوق كل هذه الإدارات، كان على الحكومة تبني مفهوم الإدارة الإنسانية؛ والتي تعتبر أن الإنسان هو الرأسمال الحقيقي، وعليه فإن الإنفاق على تعليمه وتدريبه وتطوير قدراته، وكذلك رعايته صحياً هو استثمار سيعود بمردود كبير على الوطن. وكان الأجدر بالحكومة الرشيدة أن تتبنى من خلال مفهوم الإدارة الإنسانية بأن تعطي أهمية كبيرة للارتقاء بفعالية المفكرين والمبدعين كمستشارين لقرارتها، فهل فعلت حكومتكم ذلك يا دولة الرئيس، أم أن حكومتكم اعتمدت في قرارها على تقارير وبيانات مالية دون النظر للبعد الإنساني. لا بد من إلغاء هذا الإلغاء، ولا بد من التفكير بحلول جذرية يكون هدفها الأول والأخير المواطن الأردني وأمنه الصحي. ولك الله يا وطني، وسلام عليك يا أردن أينما كنت.