ادعاءات بتهريب فتيات من الأردن لإسرائيل
لم يكن ينقصنا التحريض من قبل منظمات حقوق الإنسان المحترمة منها أو المتسولة، تجاه حالة حقوق العاملات الأجنبيات من باب التعنيف والتعسف الجسدي واللفظي وسوء المعاملة، حتى يخرج علينا تقرير إسرائيلي يدعي فيه أن هناك عمليات تهريب سرية لعاملات أثيوبيات من الحدود الأردنية الى الكيان الإسرئيلي مقابل المال، ولو قرأ المسؤولون ذلك التقرير المليء بالاتهامات غير الموثقة لفهموا حقيقة الدس الواضح والغمز من قناة البيئة الأردنية، التي يتعامل بعض مكاتب استخدام عاملات البيوت وقلّة من أرباب البيوت مع عاملات لهن حقوق كما عليهن واجبات،ومن ينكر ذلك فعليه أن يتحرى في تلك البيئة، ليجد أن عدد العاملات التي يتلقين معاملة سيئة لا تتجاوز إثنين بالمئة.
وفي العودة الى التقرير الذي نشرته «أيديعوت أحرونوت» العبرية، يأخذنا الخيال الى العالم السفلي تحت طبقات مظلمة، حيث يدعي التقرير أن هناك عاملات أثويبيات تحديداً تم تهريبهن من الأردن الى الأراضي الفلسطينية والى الكيان الإسرائيلي، ويشرح قصصا مرعبة لحالات تدعي صاحباتها أنهن تعرضن للتعنيف والتجويع والضرب للعمل كعبدات، وفجأة وجدت أكثر من ثلاثين عاملة أثيوبية أنفسهن قد وصلن الى إسرائيل، بعدما قضين فترة في عمان.
التقرير استند الى إدعاءات المحامية «دينا دومينيك» رئيسة وحدة التنسيق لمكافحة الإتجار بالبشر في وزارة العدل الإسرائيلية، تؤكد أن تلك العاملات، » المحتملات»، قد جئن جميعًا إلى الأردن بعد الحرب في تيغراي للعمل بشكل قانوني، ولكن البعض منهن أكدن أنهن وصلن الى عمان بوثائق مزورة كي يثبتن أنهن تجاوزن العشرين من العمر، وأنهن يروين قصصًا متشابهة جدًا عن عامين أو ثلاثة أعوام من العبودية والعنف الجنسي والجسدي والتهديدات والإذلال والتنقل بين العائلات المختلفة.
كما تدعي دومينيك أنهن وصلن إلى إسرائيل فقط بملابسهم، بدون وثائق هوية أو أي ممتلكات، وأن معظمهم في حالة فقيرة ومصدومة، وبعضهن يعانين من إصابات أو أمراض. وبحسب دومينيك فإنهن كن محتجزات كمشتغلين بالجنس وأجيرات في العمل والبيوت، مضيفةً أنهن احتُجزن في ظروف مماثلة في مناطق السلطة الفلسطينية، قبل الوصول لإسرائيل.
من ناحيتها قالت «ألكسندرا روث» مديرة الخط الساخن للاجئين والمهاجرين، حسب التقرير أن عمليات التهريب بدأت في عام 2021، حيث وصلت فتاتان صغيرتان، في أوائل العشرينات من العمر وكليهما يعانين ظروفًا صعبة للغاية، وذلك عقب الاتفاقيات الثنائية التي أبرمتها إثيوبيا مع السعودية والأردن ولبنان ودبي، لاستقدام الشابات في تلك الدول للعمل لمدة عامين، وفي الحالة الأردنية، وحسب روث: فإن أرباب العمل في الأردن أدركوا أنهم ليس لا يستطيعون إعادتهن ولا يريدون دفع نقود لهن وهكذا بدأ نمط من التنقل بين العائلات واحتجازهن في ظل ظروف سيئة، وحرمانهن من الاتصال الهاتفي، و حتى العام 2022 اتضحت الصورة أكثر لعمليات إدخال العاملات الى غرب نهر الأردن بشقيه الفلسطيني والإسرائيلي.
الى هنا سأتوقف عن تفريغ محتوى التقرير الذي لا يمكن لأي منا أن يصدقه، إلا إن كان يستند على حقائق دامغة، ولكن ما يلفت الانتباه على فرض صدق ما جاء فيه، هل من المعقول أن يستطيع أحد التسلل عبر الحدود مع فلسطين دون أن تلحظه دوريات جيش الإحتلال، فهم يمشطون السياج صباحاً ومساءً،وأبراج المراقبة تعمل طيلة على مدار الساعة، وعلى فرض أنهن عبرن بطريقة شرعية من المعبر الرسمي، أليس هناك تدقيق على وثائقهن، أم أنهن طرّن بأجنحة عبر الفضاء نحو إسرائيل.
أنا اليوم لست في معرض مواجهة وزارة العمل فحسب، ولكني أعمل على تحليل مضمون لمقتطفات من التقرير المليء بالإدانات الى الأردن، ولو قمنا بجردة حساب لأكثر من سبع وأربعين جنسية مقيمة في الأردن، لما رأينا نصف ما تحدث به التقرير المسموم، وعلى وزارة العمل أن تقوم بالتحري عن الإدعاءات، وعلينا أن نعيد تقييم الحالة الأمنية الممتازة في مسائل تهريب البشر، وعلى وزارة الخارجية وسفارتنا هناك أيضا، أن تدحض كل تلك الادعاءات بالطرق القانونية، حتى لا نجد أنفسنا أمام انحدار لا نريده في مسائل حقوق الإنسان وما يتعلق بالإتجار بالبشر.
Royal430@hotmail.com