عبيدات يكتب: الحزبيّون الجُدُد: مرة ثالثة

د. ذوقان عبيدات
مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/01 الساعة 10:16

نشرتُ مقالتين حول الحزبيّين، ولم أتطرق إلى الحزبيّة. فالحزبيّة اختراع ديموقراطي، له ما له، وعليه ما عليه، وأفرّق دائما بين الحزبيّة والحزبيّين، فالحزبيّون الجُدد هم وجهاء ممن ليس لهم تاريخ نضالي واحد، ولو كان ضربة من لجنة تحقيق، أو اعتقالا لتوزيع منشور، أو السير في مظاهرة، أو اعتراضًا على حماية حق، أو على شغل"منصب " عريف صف، أو عضوية لجنة، أو حتى مشجّعًا لفريق كرة قدم اعترضته دورية أمنية!! هذا ليس اختراعًا مني، فالحزبيّة يقودها مناضلون أو قيادات، كما أنها تبني منسوبيها من كوادر من الصفوف الحديثة في الحزب. وقلت أيضًا: ماذا يعني أن يترأس أحزابا أشخاصٌ غير معروفين، ولم يُعرفوا سوى بمناصب حكومية! وإليكم أدلتي:

شاهدت فيلمًا إعلانيّا عن قدوم حزب إلى أحضان حزب آخر، حيث تتم مؤاخاة بين القادمين والأنصار، ولم أستخدم مصطلح "المهاجرين"؛ لأن المهاجرين تركوا مكانهم نتيجة ضغوط وعنف واختلال موازين القوى وصراعات وتوترات! وهذا لم يحصل مع القادمين!!

1- قدّم "القادمون" أنفسهم بأسماء وظائفهم، وليس بأسماء نضالاتهم، فمنهم موظف كبير في دائرة حكومية، أو موظف في شركة، ولم أسمع مهام نضالية من أيّ منهم؛ فماذا يريد القادمون من حضن الأنصار؟ ولذلك يستوجب البحث عن نواياهم ودوافعهم، وهذا لا يحق لأحدٍ أن يبحث فيه! فالله أعلم بالنوايا!

2- من ينضم " قادمًا" من حزب إلى آخر، تمت تسميتهم "بالقامات، وهذا بنظري اختراع انتهازي لأشخاص لم يفعلوا شيئا!! ولكنهم مؤهلون لمنصب قادم على الأقل. فالقامات جاهزة لا يبنيها الحزب، ولذلك تتحرك القامات بالحاسّة السادسة، أو بإحدى الحواس التسع عشرة التي كشفت عنها بحوث الدماغ الحديثة، ومنها الحاسة الأنفية وهي غير حاسّة الشم!

3- يقول المنظرون بأن المَهمّة هي صهر الجميع، ووضعهم في الخلّاط، ثم إذابتهم، حتى لا يبقى لهم فكر خاص يقبل بأي تنوع!! فالحزب الفاعل يخلق مشتركات، ولكنه يحافظ على التنوع والتسويق الداخلي والتسويق الخارجي، وبرأيي ليست الإذابة هي ما يجب السعي لها، فقد قلت مرارًا: إن التربية والحزبية تؤسّسان لِــ" صحن سلَطة"، حيث تحتفظ كل"قامة" بشخصيّتها وتنوّعها داخل صحن السّلَطة ويكون لها نكهة جديدة، وليس صحن"شوربة" تذوّب كل مكون فيه، وتتخلى عن شخصيتها. وإذا كان حزبٌ ما لا يؤمن بتعددية داخلية، فكيف سيقبل تنوّعًا خارجيّا! إنه سيذيب الجميع؛ لكي يصبحوا لا لون لهم، وربما لا طعم ولا رائحة!! يطرب المنظّرون حين يقولون: الأردن أولًا، وقد يتمادى بعضهم ليقول: الأردن أولًا وأخيرًا!!

معظم الأحزاب نخبوية ونخبوية جدّا، باستثناء محاولتين لمصطفى حمارنة، والسواعير، وقيس زيادين، طبعًا حزب جبهة العمل هو سيّد الأحزاب الشعبية وغير النخبوية!! فالكثيرون يفاخرون بالقامات، ومع ذلك يقولون: إنهم نخبويّون!!

في الخمسينات من القرن العشرين، قدّم شاعر نصيحة تصلح لمُحازبينا قائلًا:

((انفض كتفيك!

علّ هناك على كتفيك

يتسلق إنسانٌ ما!!))

وهذه رسالتي إلى شباب الأحزاب! فالصورة ليست وردية، وقد يكون هناك أمل ضعيف، لا أقصد أحزابًا بذاتها، بل بعض الحزبيّين!

مدار الساعة ـ نشر في 2023/03/01 الساعة 10:16